قطعة أثرية مسروقة من "سيناء" تظهر بمزاد بإسرائيل.. وأثرى مسؤول ينشرها ببحث علمي
علمت بوابة الفجر الإلكترونية، أن هناك تحركات حاليًا في وزارة السياحة والآثار نحو التحقيق بواقعة في منطقة آثار سيناء، والتي شهدت أمرًا غريبًا خلال الأيام الماضية، وهو الأمر الذي أثار العديد من تساؤلات المتخصصين على صفحات التواصل الاجتماعي.
وبدأ الأمر بعد أن نشر مسؤول آثار سيناء مقالًا مع مسؤول آخر في بعثة فرنسية تعمل بسيناء، عن قطعة أثرية والتي ظهرت في مزاد علني لبيع 5 قطع أثرية مصرية أعلنت عنه إحدى صالات المزادات في إسرائيل.
كيف وصلت القطعة خارج البلاد؟
بالبحث والاستقصاء تبين أن تلك القطعة هي إحدى القطع التي تم الاستيلاء عليها بواسطة وزير الدفاع الإسرائيلي موشى ديان أثناء احتلال الكيان الصهيوني لسيناء بعد حرب عام 1967م، والمفاجأة الأكبر هنا أن هناك مسؤولًا في آثار سيناء أي أنه الخبير في هذه النقطة قد نشر مقالًا علميًا عن القطعة بدلًا من أن يبلغ رؤساؤه لكي يتم التحرك في سرعة ووقف المزاد واسترداد القطعة التي هي حقًا أصيلًا لمصر بموجب اتفاقية السلام.
الموقع ينشر صورًا مختلفة
وهناك ملاحظة أخرى أن الموقع الذي أعلن عن المزاد نشر صورة للقطعة في حين أن الصورة التي في المقال العلمي غير الصورة المنشورة على موقع صالة المزادات، فمن أين أتت تلك الصورة التي تم نشرها في المقال لاثنين من الأثريين المسؤولين أحدهما مصري والآخر مسؤول في البعثة الفرنسية.
إدانة ديان بالسرقات
ومن المعروف أن موشى ديان استولى على آثار سيناء مرتين في عامي 56 و67 وقد تمت إدانته في محاكمات أمام قضاء الكيان الصهيوني، ونشرت عدد من الصحف كم الآثار التي استولى عليها.
ديان وسرابيط الخادم
وكان ضمن ما تم نشره في الصحافة الإسرائيلية هو أن موشى ديان قد نفى أنه استولى على أي آثار من معبد سرابيط الخادم، ثم تظهر هذه القطعة -وهي من نفس المعبد- في المزاد العلني ومكتوب عليها أنها ضمن مجموعة موشى دايان، إذًا فقد استولى ديان على قطع من سرابيط الخادم، والسؤال هنا هل هي هذه القطعة الوحيدة أم هناك قطع أخرى؟
مقتطفات منشورة في الصحافة الإسرائيلية
وباعتراف الصحفي Naftali Lavi نافتالي ليفي والذي كان يعمل مستشارًا اعلاميًا لديان خلال السنوات الأخيرة في حياته، وليفي هذا كان يتعاطف مع ديان ولا يمكن اعتباره شخصًا يشوه سمعة ديان، وفي مقالة له مع Amiram Cohen أميرام كوهين، يقول: "ترددت قصة شهيرة في إسرائيل عن سرابيط الخادم والتي توضح أنه تم نقل أحد النصب من سرابيط الخادم، وعندما سُئل ديان عن ذلك قال أنه قيمة أثرية فنية لا يتعامل أو يهتم المصريون بها، وبدلًا من تدميرها هناك، فلتكن في متحف".
وقد حاول ديان أن يوضح أنه تصرف من منطق وأسباب إنسانية لإنقاذ الآثار من الدمار، ومع ذلك نجد أنه لم يكن هناك أي خطر يتهدد آثار سرابيط الخادم إلا ما فعله ديان ذاته، كما أن الآثار التي استولى عليها ديان لم يتم تقديمها لأي متحف أو معرض عام في إسرائيل، وكانت وجهة نظر ديان أنه ينقذ الآثار هي نفس الخط الذي سار عليه أثناء سؤاله في الكنيست الإسرائيلي عن هذه الواقعة عام 1971م عن أنه أخذ شاهد أو نصب من سرابيط الخادم عام 1956م، ومع ذلك فقد ادعى أنه مجرد رسول وقد تم اختيار النصب من قبل علماء الآثار في إسرائيل، وكما كان مخططًا تم تسليمه إلى دائرة الآثار والمتاحف الإسرائيلية في القدس. وقد بدأ ذلك في هذا الوقت لرفع اللوم عن ديان ولذلك لم يُطرح المزيد من الأسئلة.
شهود عيان
وكان أحد شهود العيان على سرقة معبد سرابيط الخادم جنديًا خاصًا إسرائيليًا يُدعى Ido Dissentchik ايدو ديسينتشك الذي كان والده رئيس تحرير صحيفة معاريف، وهي صحيفة يومية إسرائيلية بارزة، وكان بمحض الصدفة قد تواجدت وحدة ايدو في الخدمة الاحتياطية في أبورديس في جنوب سيناء في يوليو 1969م حيث صدرت الأوامر للوحدة بتوفير الحماية لوزير الدفاع ديان في سرابيط الخادم، وعند وصولهم إلى هناك وجدوا ديان وصديقه في أمور أثرية ولم يذكر اسم صديقه، وكانوا مشغولين في جولة أثرية وليست جولة عسكرية، وقد أخذوا آثارًا ثمينة من المعبد على متن المروحية والتي طلبها ديان.
وكان هناك حوار للجندي مع والده رئيس تحرير صحيفة معاريف مفاده أن والده لن ينشر شيء عن ديان وأن ديان شخص يجب أن يتقبلوه كما هو في الخير والشر، ومن الملاحظ أن والد الجندي يعرف الكثير من الأسرار والقصص ومعظمها عن المال وعن الجشع الذي أعمى عيون الجنرالات وخاصةً ديان.
عملية شتاينر
واستمرارًا لمسلسل فضائح سرقات ديان لآثار سيناء (معبد سرابيط الخادم)، حيث تصادف أن يكون طيار المروحية والذي كان يحمل المكتشفات المنهوبة في سيرته الذاتية Uri Yarom أوري ياروم نجد عن "عملية شتاينر" أو "الحجر" باللغة الألمانية، في عام 1956م، حيث يشير إلى ديان بأنه المسئول عن هذه العملية والذي استخدم فيها المروحية العسكرية الجديدة لنقل الآثار الثقيلة، حيث حطت المروحية بقيادة ياروم في أبورديس، حيث وصف قائد المعسكر خلال مأدبة الغداء بأن مهمتنا التالية هي الوصول إلى أطلال معبد سرابيط الخادم وحمل شحنة من الأحجار ذات القيمة التاريخية والأثرية والهبوط بالغنيمة في أبورديس، ويُعاد تحميلها في طائرة "داكوتا" وتُنقل إلى إسرائيل.
وهذا السطو حدث في 27/11/1956م بحضور كلا من: Yekutiel Adam وUzi Narkis وهما ضابطان برتب عالية في جيش الدفاع الإسرائيلي وكانا موجودين بالطائرة المروحية.
والطائرة عملت ثلاث دورات ما بين أبورديس وسرابيط الخادم لنقل لوحة منقوشة، ومسلة كبيرة وكذلك عدد قليل من القطع، وقد شارك في نقل وتحميل هذه الغنيمة للطائرة المتجهة إلى إسرائيل نحو عشرون جندي.
تحطم قطعة أثرية
وطبقًا لما رواه ياروم، تم نقل لوحة بشكل وجه حاتحور وتعرضت للتدمير بواسطة سائق مهمل عندما كان يتم تحميلها إلى شاحنة عسكرية، وأضاف ياروم أن معظم الأحجار وصلت إلى مجموعة الجامعة العبرية ولكن قطعة واحدة وجدت طريقها إلى المجموعة الخاصة للجنرال ديان.
ونُشرت صورة للطائرة المروحية وهي معلق بها "المسلة" وهي تطير من الموقع (والمقصود بالمسلة أحد النصب من معبد سرابيط الخادم).
وترددت الشائعات والمعلومات عن أن ديان عندما تسلم اشعارًا بالاستدعاء لاستجوابه بالكنيست في عام 1971م بخصوص استيلائه على آثار سيناء، قام ديان بالتخلص من القطع الأثرية من منزله وقام بالشهادة أمام الكنيست الإسرائيلي بأنه لا يوجد في منزله أي لوحات من معبد سرابيط الخادم في وقت استعلام الكنيست.
صور تاريخية
ومن المقتطفات السابقة يتبين لنا أن بالفعل ديان متورط بسرقات في سيناء، وحصلت الفجر على صورة للقطعة المعروضة في المزاد، وعلى صورة لديان وهو يستولي عليها من معبد سرابيط الخادم، والصورة تسجل لحظة اقتطاع موشي ديان للأثر من المعبد، وتعد هذه الصورة تكذيب لإسرائيل بعدم وجود آثار خاصة لموشي ديان من سرابيط الخادم، وهذه القطعة دليل قاطع علي وجود مجموعة خاصة له وهذه هي القطعة الأولي ولن تكون الأخيرة.
تعليقات متخصصة
الأمر الملحوظ هنا والذي علق عليه العديد من المتخصصين عبر صفحاتهم، وهو كيف استطاع الباحث الوصول للقطعة بحيث يورد لها هذا الشرح والوصف الدقيق لها، والذي يوحي بإنه قام بدراستها بشكل واف.
ويذكر أن هناك اتفاقية بين الجانب المصري والمحتل عن استرداد أي قطعة أثرية تخص الآثار المصرية تم الاستيلاء عليها أثناء فترة الاحتلال، ولو كان المسؤول الذي قام بنشر بحثه بالتنبيه عن وجود تلك القطعة في المزاد لتم التحرك واستردادها فورًا.