القمص اثناسيوس فهمي جورج: الأنبا غريغوريوس كرم علوم الكنيسة فوق كل علم وفلسفة
أطلق القمص أثناسيوس فهمي جورج، مدير مدرسة تيرانس للعلوم اللاهوتية، دراسة عن العَلاّمَة اللاهُوتي أنبا غريغوريوس
وقال خلالها: أحد أعمدة الدراسات اللاهوتية في الكنيسة المعاصرة، وأبرز أعلامها العظام المكرمين. كرّس حياته كلها لخدمة العمل الإلهي، وصار إسمه حجة ومعادلًا للتكريس والمعرفة اللاهوتية التي أحبها بكل شغاف قلبه.كرم علوم الكنيسة فوق كل علم وفلسفة،وأنفق حياته وعمره ومواهبه من أجلها حتى النفس الأخير.
إختار العلوم اللاهوتية وتخصص فيها واشتهر بعبقريته وعلمه، وقد حصل على درجات دكتوراه عديدة٬ لذلك شهد عنه ا لمتنيح البابا شنودة الثالث (بأنه كان أستاذًا متخصصًا في علم اللاهوت لكنه كان يشمل كل العلوم معًا)، وهو بحَقّ أحد كبار رجال الفكر والفلسفة المسيحية المعاصرة، عَلَم من أعلام التربية الكنسية والكلية الإكليريكية في هذا الجيل وله بصمات قوية على التدريس والمناهج والإصدارات والبحوث العلمية والدوريات والمراجع والترجمات وعلى الموسوعة القبطية وعلي الثقافة في هذا القرن.
إليه يرجع الفضل في إنشاء القسم المسائي بالإكليريكية، لذا اقامه الله كأول أسقف ومؤسس لأسقفية الدراسات اللاهوتية العليا والثقافة القبطية والبحث العلمي بيد المتنيح القديس البابا كيرلس السادس.
أصدر مؤلفات ثمينة (۱٩٥٠-۲٠٠۱)٬ اتّسمت بالعمق ورصانة اللغة واتّباع نهج الآباء وغزارة إنتاجهم وقد أثرى المكتبة المسيحية المعاصرة...ومما يُذكر له في هذا المضمار أنه كان رَبيبًا لحبيب جرجس الرائد الأول في جعل الإكليريكية والتربية الكنسية رِئة وعقلًا للكنيسة... وها المسيرة تمضي قُدُمًا.
قيل عنه أنه موسوعة متبحرة في العلوم، وأنه معلم كبير، وأنه عَلَامة فارقة في تاريخ التكريس والعلم في جيلنا المعاصر٬ واشتهر بالأمانة العلمية والدقة، وتسلّح بإتقان اللغات، وله مساهماته القيمة والمميزة، وخبراته الحية التي قدمها بلغة وظروف العصر وخلفيته الثقافية،وهو بحّق من الناطقين بالإلهيات. تلميذا عند اقدام الكلمة اللوغس محبا للحكمة والفلسفة الحقيقية المحبوبة والمطوبة انفاس الله،فنهل منها دون استعلاء أو اصطدام،ساجدا شاكرا غريبا مبللا كلماته بدموعه، لكنه ناطقا بالحق والعدل والاستقامة كسيده الوحيد.
علمه لم يعطل مشاعره بل ألهَبَها فسكب صلوات ودموعًا نقية، متمثلًا بشفيعه القديس أثناسيوس الرسولي حامي الإيمان،مقدّمًا تعليمه بروح إنجيلي رسولي آبائي أصيل، مستخدمًا لغة العلم والروح،موظِفًا العلوم الإنسانية والفلسفية في تقديم خبرته الايمانية، مازجًا التعليم بالتلمذة، مقدمًا عُصارة حياته لنقل تسليم تقليد الكنيسة وعقيدتها، محافظًا على الثوابت الإلهية في وقار عجيب.
كذلك تميز جدا بموهبة الكفاءة واقتدار العمل والقول وبتقوي الإيمان ماسكا بأصول الروحانية المسيحية، وقد أبدع في زمانه ومكانه كالاولين وعبر تحديات ومحاربات قاسية اغتنم بها الفرصة ليقدم لاهوتا رعائيا في عظاته وتدرسه وكتاباته وسلوكه وزهده ووحدته،ولم يجعل من ابحاثه اركولوجيا ايدولوجيا بل افاد جيل زمانه / وسط وبالرغم من / كل شئ،كخادم ناسك إنجيلي يخمر عجين جيله، فعاش بالعمل والقول كل ما قاله _(أفعال الآباء وحياتهم ) _ ووجد ليس فقيرًا فقط بل مُعوَزًا مدققا ناسكًا عالمًا فيلسوفًا متصوفًا حتى النهاية، ولم يَنسَ خطة الله في حياته حتى في أحلك الظروف... مختبرا الإيمان والرجاء والوحدانية والأدب المسيحي، ساعيًا نحو الجُعالة..كل من يلتقي به يجد أن يدًا قد امتدت عبر الأجيال إبتداءًا من علماء مدرسة الأسكندرية اللاهوتية منذ اثيناغوراس وبنتينوس وكليمنضس وأوريجانوس وديديموس بلوغًا إلى أنبا غريغوريوس في سلسلة ممتدة وشجرة ممتلئة بالثمار على مستوى الفكر والعقل، والقلب والخبرة.
زارعا زرعه بالدموع والمخافة وإنكار الذات حافظا معاهد الله في الأرض (مز٨:٧٤)٬ وما أعجب سر هذه النفس التقية العارفة لله التي تكللت بإكليل البر واستحقت التطويب من الرب٬ واُقيمت على الكثير حيث فرح السيد في مثل هذا اليوم ۲۲-۱٠-۲٠٠۱.