لما خلق الله الانسان على صورته؟.. راعي كنيسة شيكاغو يجيب
قال القمص يوحنا نصيف، راعي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في ولاية شيكاغو إنه على الرغم أنّ الإنسان مخلوق من العدم، إلاّ أنّ الله في محبّته خلقه على صورته ومثاله كتاج لكلّ الخليقة، ووضعه في الفردوس الجميل الذي أعدّه له ومنذ الأزل أعدّ الله خِطّة للارتقاء بالإنسان، من العبوديّة إلى رتبة البنوّة كي يكون ابنا له، ومستحقا لميراث الملكوت الذي أعده له من قبل إنشاء العالم.
وأضاف في دراسة له نشر جزء منها عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"،اليوم، فكيف يمكن للإنسان العبد المخلوق، أن يصير ابنا ووارثا؟، هذا ليس له سبيل إلاّ بالاتحاد بابن الله الوحيد.. وهذا ما تمّ من خلال التجسُّد.. من هنا نفهم أنّ التجسُّد كان موجودًا في فكر الله منذ الأزل، من أجل الارتقاء بالطبيعة البشريّة، فينال الإنسان نعمة التبنّي لله الآب في ابنه الوحيد الإله المتجسد، ربنا يسوع المسيح.. وبصرف النظر عن سقوط الإنسان، واحتياجه للشفاء والخلاص، فقد كان التجسُّد حتميًّا لكي ننال عن طريقه نعمة التبني في ابن الله الوحيد عندما يتحد بجسد بشريتنا.. وبالفعل فإنّ تجسد المسيح قد حقّق الغرضين، وهما أن يهبنا التبنّي ويهبنا الشفاء والخلاص أيضًا.
- قانون الإيمان للكنيسة الجامعة
وتابع راعي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، هذا ما يؤكده قانون الإيمان للكنيسة الجامعة، في حديثه عن ابن الله الوحيد: "هذا الذي من أجلنا نحن البشر، ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء وتجسّد. فكلمة "من أجلنا" تعني: من أجل تتميم خطته الأزلية في الارتقاء بنا من خلال نوالنا نعمة التبني لله في المسيح.
وأضاف كلمة "من أجل خلاصنا" تعني: شفاءنا من كلّ آثار الخطيّة، التي جلبت علينا الموت والفساد.. بالطبع نحن نحصل على هذه البركات العُظمى والثمينة على مستوى شخصي عندما نؤمن ونعتمد.. فبموتنا وقيامتنا مع المسيح في المعموديّة، نُغرَس في جسده فننال نعمة البنوة لله الآب، ونغتسل من خطايانا في دمه بمياه المعموديّة، فنموت عن الخطايا ونحيا للبرّ.
و وواصل القمص يوحنا نصيف، يوضح هذا المفهوم القديس كيرلس الكبير في العظة 65 على إنجيل لوقا، أثناء تعليقه على الآية المذكورة في (لو10: 21) "أحمدك أيّها الآب، ربّ السماء والأرض، لأنّك أخفيتَ هذه عن الحُكماء والفُهماء، وأعلنتها للأطفال.." فيقول: الآب كشف لنا السرّ الذي كان مكتومًا ومحفوظًا في صمتٍ عنده، من قبل إنشاء العالم، الذي هو تجسُّد الابن الوحيد؛ الذي كان معروفًا سابقًا حقًّا، قبل إنشاء العالم، ولكنّه أُعلِنَ لسكّانه في أواخر الدهر. فالمبارك بولس يكتب: "لي أنا أصغر جميع القدّيسين، أُعطِيَت هذه النعمة، أن أبشِّر به بين الأمم، بغِنى المسيح الذي لا يُستقصى، وأنير الجميع في ما هو تدبير السرّ المكتوم منذ الدهور، في الله خالق الجميع"
إنّ هذا السرّ العظيم المسجود له، الذي لمخلّصنا، كان مِن قبل تأسيس العالم، مَخفِيًّا في معرفة الآب.