في ذكراه.. تعرف على الدكتور توجو مينا المدير الثاني للمتحف القبطي

أقباط وكنائس

بوابة الفجر

 

يحيي الاقباط ذكرى الدكتور طوجو مينا، المدير الثاني للمتحف القبطي والممثل الرسمي لمصر في الدراسات القبطية خلال حقبة الخمسينات، وبهذه المناسبة أطلق الباحث ماجد كامل عضو اللجنة الباباوية للتاريخ الكنسي دراسة عنه قال خلالها إنه هو عالم مصري كبير في مجال الآثار المصرية عموما ؛ والآثار القبطية منها خصوصا. 
أما عن توجو مينا نفسه ؛ فاسمه بالكامل هو " طوجو رزق الله  مينا " ولد بمدينة  أسيوط في 7 فبراير 1906 ؛ وتدرج في مراحل التعليم المختلفة حتي حصل علي شهادة البكالوريا ؛ بعدها نزح إلى القاهرة ؛والتحق بكلية الآثار ؛ وتخرج فيها عام 1929 وكان ترتيبه الأول ؛ فأرسل في بعثة إلى فرنسا لدراسة الدكتوراة حيث التحق بالمعهد الكاثوليكي في باريس ؛ ونال دبلومة الأولي عام 1932 ؛ودبلومة ثانية عام 1934. ثم عكف بعدها علي إعداد رسالة الدكتوراة وكانت حول موضوع " الشهيد أبا بيما ؛ وكانت مخطوطة من مجموعة مورجان مكتوبة باللهجة الصعيدية ؛ وتاريخ المخطوطة يرجع لعام 890م. ولقد تمت مناقشة الرسالة عام 1935 ؛ ونشرت في كتاب  من اصدارات مصلحة الآثار المصرية عام 1937.
وقد ذيل هذا الكتاب بمقالة للأب يعقوب مويزر  ( 1896- 1956 )  . عن يومي السبت والأحد في الكنيسة القبطية  . كما ألحق طوجو مينا بالكتاب فهرست بالآيات المقتبسة من الكتاب المقدس ؛ وفهرست آخر بأسماء الأعلام والأماكن ؛ وأخيرا فهرست ثالث بالأسماء اليونانية التي وردت مكتوبة بالحروف  القبطية  في النص. 
ولقد انتهز توجو مينا فرصة وجوده في المانيا للقاء بالعالم الألماني الكبير كورت زيتة ( 1869- 1934 ) وعقب عودته   إلى مصر ؛ تلقفه العالم الكبير مرقس باشا سميكة مؤسس المتحف القبطي( 1864- 1944 ). فأختاره أمينا مساعدا للمتحف القبطي تمهيد  لخلافته في إدارة المتحف  عقب وفاته مباشرة. 
وخلال فترة رئاسته للمتحف ؛ قام الملك فاروق بافتتاح الجناح الجديد للمتحف خلال عام 1947 ؛ فقام طوجو مينا بتنظيم المتحف وفق أحدث  طرق التنظيم العالمية ؛ كما قام بالعمل  علي زياة حجم القطع المعروضة من الاثار القبطية ؛منها مجموعة كبيرة من الأحجار المنقوشة جاءت من  أحدي الكنائس بمصر الوسطي ويرجع تاريخها للقرن السادس الميلادي. ومجموعة  أخري من الأخشاب المنقوشة النادرة من  القرن الخامس الميلادي ؛ ومخطوطة نادرة حصل عليها المتحف عام 1946.وفي عهده  أيضا تم اكتشاف مخطوطات نجع حمادي  ؛والتي  يعتبرها علماء القبطيات أهم إكتشاف أثري قبطي في التاريخ حتي أنه قال لوزير المعارف وقتها " إن قيمتها العلمية والأثرية تعادل أهمية الكشف آثار توت عنخ أمون ". 
ولقد ذكر عنه العالم المصري الكبير المرحوم الدكتور مراد كامل (     1907- 1975 )  أنه سمع ذات مرة العالم الفرنسي الكبير ببير لاكو   حيث   قال عنه وعن فترة إدارته للمتحف القبطي " إنه شديد الولع بهذا المتحف الصغير. وإنه يعجب كيف أمكن أن يرتقي به مديره فينقل هذه الآثار المبعثرة الممزقة المهشمة المشوهة  إلي تحف تروق العلم والذوق ؛ ثم قال أيضا " إني ما من مرة زرت فيها مصر إلا كان للمتحف القبطي نصيب في هذه الزيارة ". ولقد أستمر في الكتابة والبحث حتي توفي فجأة في 24 أكتوبر 1949 ؛ وهو لم يتجاوز 43 عاما من عمره.                                                
أما عن الأنتاج العلمي للعالم الكبير فيمكن تلخيصه في النقاط التالية:- 
1- أعترفت به الحكومة المصرية كممثل رسمي لها في المؤمرات الدولية ؛ فشارك في مؤتمر  بأمريكا عام 1946 ؛ مؤتمر فرنسا عام 1948 ؛ مؤتمر المستشرقين الدولي في باريس عام 1949 حيث القي بحثا بعنوان " نصوص غنوسية قبطية جديدة كشف عنها في مصر العليا ونشرت في كتاب صدر في باريس في نفس العام.
2- نشر مجموعة من الكتابات القبطية واليونانية والنوبية المحفوظة بالمتحف القبطي  وكان ذلك عام 1942.
3- أشرف علي  أعمال الحفائر بمنطقة  بو مينا بمريوط  .
4- أشترك مع البعثة الفرنسية في أعمال الحفر بمنطقة طيبة بنقادة.
5- عمل مجسات في  أديرة المناطق العديدة في مص العليا ومنها دير القزاز وغيره من الأديرة الواقعة بمنطقة نقادة.
6- نشر نصوص قبطية ويونانية من النوبة ؛ نشرتها جمعية الآثار القبطية مع ترجمة.
7- قام بإعادة نشر وتصحيح النصوص القبطية التي نشرها العالم الفرنسي " مونريه دي فيلار "  ويبلغ عددها 222 شاهدا وجدت في مقابر في قرية في النوبة ؛ فقام طوجو مينا بتصحيحها وأضاف  إليها ما وجده في المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية التي بلغت نحو 321 شاهدا. 
8- نشر مقالا باللغة الفرنسية عن شاهد قبر مكتوب باللغة القبطية البحيرية ؛نشر في  مجلة جمعية الآثار القبطية عام 1939 ؛وكانت نصوص هذه الشواهد محفوظة في المتحف القبطي.
9- نشر بعض المخطوطات  القبطية الغنوسية الموجودة بالمتحف القبطي   ؛ولقد نشر هذا البحث في هولندا  عام 1948. 
ومن بين الكتب القيمة التي كتبها باللغة العربية ؛كتاب هام بعنوان "المقتنيات الجديدة بالمتحف القبطي " حيث يذكر المقتنيات الجديدة التي قام بضمها إلى المتحف القبطي خلال فترة رئاسته للمتحف ؛ففي ديسمبر 1944 أقيم معرض للفن القبطي  أقامته جمعية الآثار القبطية بالقاهرة ؛حيث حقق نجاحا كبيرا ؛ ولقد انتهز المتحف فرصة إقامة هذا المعرض وتمكن بفضل رعاية وتشجيع وزارة المعارف العمومية من الحصول علي بعض القطع النادرة ؛وضمها لمقتنيات المتحف ؛نذكر منها:- 
1- بابين من الحجر الجيري المنقوش  تتكون زخارفه من رسوم هندسية ؛ ويتوسط  أحد هذه البابين رسم بارز يمثل قديسا يمتطي جوادا داخل دائرة يحملها ملاكان.
2- جزء من افريز من الحجر الجيري نقشت عليه صورة ديونسيوس إله الخمر في الأساطير الاغريقية وهو واقف تحت شجرة  عنب ؛وأغلب الظن إنه ا جاءت من أهناسيا.
3- قطعة من الحجر الجيري تمثل شاهد قبر  منقوش عليها نص باللغة القبطية.
4- قطعة من الحجر الجيري تمثل الثلاثة فتية الذين ألقوا في  أتون النار ؛وترجع للقرن السابع الميلادي. 
5- قميص من الكتان من قطعة واحدة ؛عليه زخرفة بالألوان ؛ويرجح أنه يرجع للقرن الثالث الميلادي. 
6- قطعة من النسيج تمثل أسدا جريحا ينظر باحتقار إلى أعدائه. 
ومن الجهود الأخري التي قام بها أيضا ؛ إنه عندما تم بناء كنيسة مارمينا العجايبي بفلمنج بالاسكندرية خلال عام 1946 ؛ قام الدكتور منير شكري ( 1908 – 1990 ) رئيس جمعية مارمينا العجايبي بالاسكندرية قد طلب من الدكتور طوجو مينا  الحصول علي تصريح لنقل أربعة أعمدة مرمرية من الدير الاثري بمريوط ؛ فقام بدوره  بالاتصال بوزارة المعارف العمومية للموافقة علي النقل ؛ وبعد أن حصلوا علي الموافقة ؛ قاموا بالفعل بنقل الأعمدة
ولقد كانت له جهود عظيمة في الحفاظ علي مخطوطات نجع حمادي وعدم خروجها من مصر ؛ فعندما زار العالم الفرنسي جين دوريس المتحف القبطي ؛ أطلعه الدكتور طوجو مينا علي المجلد الذي بحوزته لفحصه  ؛ فأكد له  العالم الفرنسي  أنه مجلد بالغ الأهمية ؛ فأصر طوجو مينا علي ان تحصل الحكومة المصرية  علي كل المجلدات التي هربت للخارج ؛ وعدم السماح لها بمغادرة البلاد ؛ ووصل الخبر  إلي وزير المعارف ؛فقرر شراء أي مجلد يتم العثور عليه لصالح المتحف القبطي ؛ ولكن للأسف تعذر تدبير المبلغ وقتها ؛فقام  رجال الآثار بالتحفظ علي المجلدات ؛وخرج جزء منها خلسة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ؛ غير أنها عادت  كاملة فيما بعد سوف نروي القصة كاملة عندما تحين الفرصة للكتابة عن مخطوطات نجع حمادي.