بين الرشوة وخيانة الأمانة.. الانتخابات الرئاسية في إسرائيل على صفيح ساخن
تشهد دولة الاحتلال في الأول من نوفمبر المقبل، خامس انتخابات رئاسية في أقل من 4 أعوام، فلم يكن توجه إسرائيل لعقد هذه الانتخابات ترفًا سياسيًا فحسب، بل بسبب أزمة داخلية وانقسامًا إسرائيليًا يُلقي بظلاله على الفلسطينيين الواقعين تحت الحصار وانتهاكاته.
وفي سياق متصل، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، العودة إلى كرسي الحكم، حتى أصبحت إسرائيل تدور في حلقة مفرغة من الانتخابات منذ عام 2019، وهو العام نفسه الذي شهد فيه العالم لائحة الاتهامات الموجه لنتنياهو، ولكن السؤال هنا "هل سيفوز نتنياهو في هذه الجولة بعد الاخفاقات المتتالية التي سبقت وأطاحت به؟!".
نتنياهو والصراع من أجل البقاء
تشير استطلاعات الرأي أن النصر في غمار هذه الانتخابات لم يكن من نصيب نتنياهو ولا منافسه رئيس الوزراء يائير لابيد، ولكن على الرغم من ذلك فأن بنيامين نتنياهو زعيم حزب ليكود اليميني على أعتاب ضمان أغلبية برلمانية ترفعه لسدة الحكم بدعم من الأحزاب اليمينة المتشددة.
وبمقضتى استطلاعات الرأي، حصل نتنياهو على 60 مقعدًا تقريبًا، ووفق هذه النتيجة فلا يمكنه تشكيل حكومة، إلا إذا حدثت قفزة في نتائج الانتخابات، وذلك في إطار ثلاثة أيام فقط من انتخابات الكنيست الإسرائيلي.
وفي وقت سابق، حقق نتنياهو فشلًا ذريعًا في تشكيل الائتلاف اليميني الذي كان يتطلع إليه، لا سميا عقب إجراء الانتخابات الأربعة الماضية.
أطراف السباق
يخوض السباق الانتخابي في هذه الجولة، رئيس الوزراء الحالي يائير لابيد، الذي يبلغ من العمر (58 عامًا)، وهو مذيع تلفزيوني سابق ووزير مالية سابق أيضا.
ودخل يائير، معترك الساحة السياسية عقب حركة الاحتجاجات الاجتماعية والاقتصادية قبل نحو عقد، ويحرز حزبه "هناك مستقبل"، الذي يحتل المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي، بعض الزخم التصاعدي.
ولكن بالرغم من معسكره الذي يتألف من طيف الأحزاب متباينة الانتماءات إلا أنه أصغر بكثير من تكتل نتنياهو الأكثر هيمنة على الساحة.
ومن جانبه، يخوض وزير الدفاع بيتي جانتس الذي يترأس حزب "الوحدة الوطنية"، المنتمي ليمين الوسط، غمار هذه الانتخابات في جولتها الخامسة، والذي من المرتقب أن يفوز بمقاعد لا ذكر لها أمام منافسيه.
ولكن هذا لم يمنع قائد الجيش السابق جانتس صاحب الـ(63 عامًا)، من إعلان نفسه المرشح الأوحد القادر على التفوق على رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو.
ويخوض السباق أيضًا إيتمار بن غفير، برلماني قومي متطرف، قد يشير البعض إليه على أنه "صانع الملوك"، بالنسبة لنتنياهو، وفي وقت سابق قد أودين بن غفير في عام 2007 بالتحريض العنصري والتطرف من خلال دعم مجموعة موجودة على قوائم الإرهاب في كل من إسرائيل والولايات المتحدة.
وتوقع رئيس الأركان الإسرائيلي السابق، دان حالوتس، اندلاع حرب أهلية داخل إسرائيل، لا سيما إذا حاول بن غفير في تنفيذ أفكاره، حال فوزه في انتخابات الكنيست.
ويؤكد بن غفير، أنه نضج منذ ذلك الحين، وتلوح التوقعات إلى أن قائمة مشتركة تضم حزب بن غفير اليميني "القوة اليهودية"، وفصائل أخرى قد تحتل المرتبة الثالثة.
وتثير شعبيته الكبيرة المخاوف ليس في الداخل فحسب، فالخارج أيضًا له الجزء الأكبر، وفقًا لسكاي نيوز عربية.
وأخيرًا تأتي الأقلية العربية في إسرائيل، التي يمكن لأصواتها أن تأخذ الانتخابات إلى مسار آخر، حيث يمثلون نحو 20% من سكان إسرائيل، ولكن لا يحظون بالتمثيل الجيد في البرلمان.
وإبعاد هذه الفئة وإضعاف إقبالهم على التصويت، سيكون بالفعل بمثابة عقبة قد أُزيلت أمام نتنياهو، وإهدائه نصرًا واضحًا خاليًا من التعثرات، ولكن إذا حدث العكس، وارتفع تصويتهم، فإن هذا سيدعم لابيد الذي تضم حكومته الحالية ولأول مرة في تاريخ إسرائيل حزبًا عربيًا.
محور الانتخابات
تتبلور هذه الانتخابات حول شخص "نتنياهو"، على الرغم من اتهامه بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في كثير من الأحيان، إلا أن القاعدة التي ينتمي إليها لازالت ثابته في دعمه، مطالبة بعودة زعيم ينظر له العالم بأنه يتمتع بالقوة والدهاء، والنفوذ على الساحة الدولية، أما بالنسبة لمعارضيه فيكرهون عودة رجال أصبحت لغتهم هي الفساد والهدم.
تعثر المحادثات
أخذ نتنياهو، يستعرض مؤهلاته على صعيدي الأمن والاقتصاد، ناسيًا أن أمور الأمن والدبلومسية وضعت على الهامش، وذلك بسبب ضعف إجراء مفاوضات سلام مع الفلسطنيين، إلى جانب تعثر المحادثات النووية بين القوى العالمية وإيران.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن تكاليف المعيشة المرتفعة هي الشغل الشاغل الرئيسي لدى الإسرائليين، ولكن بالنظر إلى عدم وجود اختلافات فارقة في سياسة المرشحين، فمن غير المتوقع أن تؤثر مثل هذه القضايا على استمالة الناخبين لأي طرف من أطراف السباق الانتخابي الإسرائيلي.
لماذا أجريت انتخابات أخرى؟
وفي السياق ذاته، قد تمكن لابيد وشريكه في الائتلاف نفتالي بينيت في يونيو 2021، إنهاء حكم نتنياهو الذي استمر 12 عامًا متواصلة دون انقطاع، من خلال المزج بين مجموعة من الأحزاب اليمينية الليبرالية والعربية، ضمن تحالف نبت هزيلًا ضغيف البنية، فلم ينقضي عام على حكمه، وفقد التحالف تماسكه بسبب الانشقاقات، وبدلا من انتظار تحرك المعارضة للإطاحة به، قام التحالف بحل البرلمان، وسرعة التوجه لانتخابات جديدة.