أحمد فايق يكتب : الجيل المسروق
.. أبناء الثمانينيات فى متاهة الإخوان ومبارك والعسكر
هل هزيمة مصر فى غانا هزيمة عادية أم نكسة لجيل كامل؟
عزيزتى القارئة عزيزى القارئ، كاتب هذه الكلمات من مواليد 1980، ينتمى إلى جيل موكوس، ظل طوال عمره يحلم بكأس العالم ولم يتحقق له شىء، زملكاوى أصلى فقد أمله فى أن يكسب الزمالك أى بطولة، تربيت فى عصر حسنى مبارك، وطوال 30 عاما لم أر غيره رئيسا، تم تجريفى مثل ملايين من شباب مصر، طوال عمرنا حلمنا بثلاثة أشياء.. الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية، ولم يعطنا القدر سوى ثلاثة أشياء مبارك والإخوان والعسكر.
نادرا ما تجد فيلما أو عملا يعبر عن هذا الجيل العالق، الذى لم يلحق الكمبيوتر فى نشأته، ولا تستطيع أن تعتبره ينتمى لعالم ما قبل ميلاد الكمبيوتر الأول «صخر»، تقريبا مثل جيل شريف منير فى السينما بالظبط، فى حياتنا أفلام قليلة عبرت عن أحلامنا ومشاعرنا، ومنها هذا الفيلم الجميل «سنوات الكور الضائعة»، هو فيلم تسجيلى للمخرج إياد صالح، ويتناول فيه من خلال 10 شخصيات تنتمى للطبقة المتوسطة، رحلة حلم لم يتحقق طوال 23 عاما ولن يتحقق، والسبب كما قال الكاتب عمر طاهر أمام الكاميرا، «الفينيش» فى مصر زى «الفينيش بتاع النقاش» دائما ينقصه شىء، المخرج رأى ماحدث دراما، فكلما نقترب من تحقيق الحلم يحدث شىء ما ليغير الطريق، فى عام 1998 خسرنا الوصول لكأس العالم بسبب «طوبة» زيمبابوى وفذلكة مجدى طلبة، وفى 1998 خسرنا بسبب وهم فريق التدريب الذهبى محمود الخطيب وفاروق جعفر، وبالطبع نتذكر رصاصة الليبيرى جورج وايا، وفى 2002 أكمل طارق السعيد ملف أحزاننا، وفى 2006 شربنا من كأس تارديللى حتى كرهنا الكرة، وفى 2010 ضاع الحلم فى السودان، ليبقى مجدى عبدالغنى كابسا على أنفسنا، يذلنا بأنه آخر من وضع هدفا لمصر فى كأس العالم «حتى لو كان من ضربة جزاء مشكوك فى صحتها».
فى مشهد للفيلم نرى الجمهور يهتف فى استاد القاهرة قبل إحراز الهدف الثانى لمصر فى الجزائر بصوت عال «كاس العالم.. كاس العالم»، بينما يجلس جمال مبارك صامتا منتظرا انتصارا يصل به لعرش مصر، إلا أن الله يحب المصريين، فقد أراد فى هذا اليوم ألا يخرج هذا الجمهور شاعرا بالقهر والحسرة، وفى نفس الوقت لم تصل مصر إلى كأس العالم ربما لأن هذا كان يساوى وصول جمال مبارك للحكم...!
«سنوات الكور الضائعة» ليس فيلما عاديا، بل يؤرخ لجيل بدأ ثورة 25 يناير ولم يكملها حتى الآن، مثل أشياء كثيرة فى حياته، جيل يمثل لغزًا بالنسبة لكثيرين، لأنه مختلف......
- لو قالك إيه رأيك بقى أنا بحب صوت محمد محيى واللى يزعل يزعل.
- لو دولاب ملابسه فيه كل الملابس التى ارتداها عمرو دياب من القميص الحرير المشجر وحتى البادى.
- ستجد لديه كل مجلدات ميكى وسمير حتى الآن.
- شاطر جدا فى ألعاب السلم والثعبان وبنك الحظ والليدو وميكانو.. ويضحك كثيرا حينما تتحدث معه عن الـ«فلوبى ديسك» ليحكى لك ذكرياته مع كمبيوتر «صخر».
- عامل زى جيل شريف منير كده فى السينما لا هو جديد ولا قديم.. يعنى كل حاجة فى حياته نص نص.
- بيحب «شيكو بون» وشيكولاتة «جيرسى» و«الشمعدان» وارتدى أميجو بينور وعرف الدلع على يد بنات «محمود إيه ده يا محمود» وبالمناسبة هذا الإعلان تم منعه من العرض فى التليفزيون لأنه يخدش الحياء العام.
- درس فى كتاب الأضواء وكراسة المعلم ويقرأ رجل المستحيل وملف المستقبل والشياطين الـ13 ومجلة الشباب وطبيبك الخاص ومجلة روز اليوسف.
- هتلاقى علاقة خاصة جدا بينه وبين علاء عبد الخالق.
- بيحترم محمد منير جدا.
- فيه ناس كتير بيحبها بس مش عارف اسمها زى إسماعيل البلبيسى صاحب أغنية «الغربة».
- أفروديت ظلت طوال عمرها «تنضرب على قفاها» وكان مازنجر هو الوحيد الذى ينقذها.. دورها لم يتخط سوى الكومبارس.
- منى توفيق كانت دائما مخطوفة وأدهم صبرى مهموم بالبحث عنها.
- السيدة الوحيدة «المزة» فى حياتنا هى سونيا جراهام للأسف ضابطة الموساد الإسرائيلى.
- نادية الجندى ظلت سنوات تحاول إقناعنا أنها شابة فى العشرينات رغم أن عمرها تخطى الستين.
- تخيل بقى «مزز» الجيل كانوا مين.. إيمان الطوخى وأنوشكا وحنان و«المزة الوحيدة الجامدة» هى عايدة الأيوبى.. اعتزلت وارتدت الحجاب.
- بالطبع لم يكن أمامنا طريق سوى مهرجان القاهرة السينمائى كى نتعرف على شارون ستون فى «غريزة أساسية» وديمى مور فى «إستربتيز» ومونيكا بيلوتشى فى فيلم «مالينا».
- كل الجميلات اللاتى رأيناهن فى حياتنا كن «موديلز» أجانب حتى بتوع الإعلانات.
- لأنه كان هناك فيلم سخيف اسمه «ياتحب ياتقب» كان فيه فاروق الفيشاوى وأحمد آدم طلبة جامعة.
- حينما أرادوا عمل فيلم عن «الشباب الروش» كانت النتيجة «ديسكو ديسكو».
- وائل نور كان رمز المراهقين فى مسلسل «البخيل وأنا».
- علاقتنا بالثقافة الجنسية تلخصت فى «طبيبك الخاص» ومجلة «روزاليوسف».
- مجلة الشباب «الشهرية» تنشر قصصاً بوليسية على حلقات.
- ثورة الشباب فى السينما بدأت بفيلم «إسماعيلية رايح جاى» على يد محمد هنيدى الذى اقترب من الأربعين وقتها.
- أول فيلم حقيقى عبر عن مأساة ومعاناة جيلنا كان «فيلم ثقافى» لمحمد أمين الذى عرض بعدما تخطينا مرحلة الشباب.
- عشنا سنوات الإرهاب التى كان الجلوس فيها على المقهى أو الذهاب لنادى فيديو أو محاولة الحصول على نسخة من رواية «أولاد حارتنا» تعتبر مهمة انتحارية.
- لم نكن نستطيع أن نعرف شيئًا عن تاريخ مصر إلا بواسطة فرق الكوماندوز «تفجيرات المتحف المصرى ومذبحة الأقصر مثلا».
- تناولنا الطعام المسرطن وشربنا مياه المجارى وكنا أول جيل يأكل طعام القطط والكلاب «البلوبيف».
- كان أول جيل نام من غير عشاء بسبب الفقر.
- بعد اغتياله.. أصبحنا «كلنا خالد سعيد».
- لأننا كنا نشاهد برنامجًا سخيفًا اسمه «تاكسى السهرة» يعرض أجزاء من أفلام ولا يكملها.
- لأن السينمات الصيفية فى القاهرة كانت تعرض الأفلام مقطوع نصفها.. فليس من الطبيعى أن تعطيك السينما 3 أفلام مدة كل واحد فيها ساعة ونصف على الأقل فى حفلة ساعتين ونصف.
- لأن كل شىء قرأناه أو شاهدناه قبل اختراع الكمبيوتر وأفلام الفيديو الجنسية كان ناقصا ومر على مقص الرقيب.. فقد اكتشفنا فيما بعد أن مسرحيات مدرسة المشاغبين والعيال كبرت تزيد على الـ3 ساعات ونصف وتم حذف 45 دقيقة من كل مسرحية بسبب السياسة والخروج عن الآداب العامة.
- كنا ننام على مشاهد من برنامج اسمه «اضحك كركر» على أغنية الرائعة ليلى مراد يعرض إفيهات من أفلام ومسرحيات غير مكتملة ولا أحد يسمع صراخنا لأن المشاهد التى يعرضونها غير مكتملة فقط كان الجميع يسمع صوت تششش حتى تبدأ ماما نجوى وبقلظ فى العمل.
- كابتن ماجد كان يلعب الشوط الواحد فى 20 حلقة أى عشرين يوما ننتظر فيهم ماذا سيحدث بينه وبين بسام وفى النهاية نكتشف أن التحدى مازال مستمرا.
- أسامة أنور عكاشة لم يضع نهاية واحدة مغلقة للمسلسلات التى وقعنا فى غرامها وظلت نهاياته دائما مفتوحة غير مكتملة.. لم نعرف من الذى انتصر فضة المعداوى أم الدكتور أبو الغار فى الراية البيضاء.. ولم نعرف ماذا حدث لحسن أرابيسك بعدما هدم الفيللا.. فحتى الآن لا أحد يعرف هوية فيللا الدكتور أبو الغار أو جمهورية مصر هل هى إسلامية أم عربية أم فرعونية أضف إليها الآن مصر الفلولية ومصر السلفية ومصر الإخوانية ومصر الليبرالية ومصر الثورية ومصر العسكرية.
- كنا نعتقد أن فيلم «حمام الملاطيلى» فيلم جنسى لأننا لم نر منه فى سينمات الدرجة الثالثة سوى المشاهد الجنسية فقط.
- كنا نعشق الأفلام الهندية التى تعرضها القناة الثانية فى العيد.. نصلى العيد ونبدأ فى ذبح الخروف ويبدأ عرض الفيلم الذى لا ينتهى حتى بعد تقطيع الخروف وتوزيعه على الأقارب وتناول طعام الغذاء وزيارة الأهل ومازال «قمر أكبر أنطونيو» يعمل بلا توقف لذا أتحدى أى أحد من جيلى أن يكون قد شاهد هذا الفيلم بالكامل مشهدًا مشهدًا دون أن يكون «راح خلص مصلحة من الهرم لشبرا ورجع تانى».
- لأن مايكل جاكسون رفض إكمال حياته باللون الأسود وقام بعمل عملية تجميل لتغيير لون بشرته.
- لأن حسن عابدين مات قبل أن يقول سر شويبس.
- لأننا صدقنا أن وردة لها شريط جنسى اسمه «سامحونى دول مليون جنيه».
- أن مصر فى عام 2020 ستصبح أكبر دولة فى العالم ولديها أفضل جهاز مخابرات علمية «ملف المستقبل».
- أن العرب يمكن أن يجتمعوا حتى فى القصص البوليسية «الشياطين الـ13».
- صدقنا أن الدين لله والوطن للجميع ولم نكن نعلم أن الدين والوطن والدنيا وكل حاجة ملك للحاكم.
- صدقنا أن الجو فى مصر حار جاف صيفا دافئ ممطر شتاء.
- أن مبارك هو قائد الضربة الجوية وحده.
- وأن حرب أكتوبر لم يقم بها سوى سلاح الطيران.
- وأن نفس الحرب مصر شاركت فيها وحدها.
- صدقنا أن كفاح الشعب والمقاومة فى بورسعيد هم الذين انتصروا على إنجلترا وفرنسا وإسرائيل إلى أن قرأنا كتاب «سنوات الغليان» وشاهدنا اللقطة الشهيرة لطائرات روسية يتم طلاؤها بعلم مصر تهديدا بالدخول فى المعركة لدعم القاهرة.
- أن علاء مبارك أطلق لحيته واستشيخ.
- أن أميتاب شان وافق على مباراة تحدى مع جاكى شان.
- أن إفريقيا هى حفلة فى استاد القاهرة يغنى لها عمرو دياب بالقميص الحرير.
- أن محمد ثروت ابن مبارك من شقيقة الدكتور عبد المنعم عمارة.