محمد مسعود يكتب : باسم يوسف .. الظاهرة

مقالات الرأي

محمد مسعود يكتب :
محمد مسعود يكتب : باسم يوسف .. الظاهرة

يستطيع الفريق أول عبدالفتاح السيسى التعامل مع باسم يوسف، بالشكل الذى يراه مناسبا، لشخص أهان المؤسسة العسكرية، وكذلك يستطيع المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية المؤقت أن يسترد حقه من باسم بالطريقة التى يراها، بعد أن أهانه بشكل شخصى علاوة على إهانته لمؤسسة الرئاسة، ولست هنا بصدد الدفاع عن الفريق أول صاحب الشعبية الجارفة، فارس الأحلام الذى أنقذ مصر من جماعة وحشية بميليشياتها المسلحة، وكذلك لست بصدد الدفاع عن الرئيس المؤقت، لأن كلاً منهما يملك أدوات الدفاع عن نفسه، وإن كنت أرى أن كليهما سيترفع عن الأمر، لعدة أسباب، لا مجال للخوض فيها الآن.

ومادمت لن أدافع عن الرئيس والفريق، فحتما لن أدافع عن باسم يوسف، مع اعترافى بحقه الأصيل فى توجيه النقد لأى مسئول أيا كان، لكن باسم جانبه الصواب فى اختيار توقيت الهجوم فبدا وكأنه ممنهج على طريقة السم فى العسل، لذا ظن البعض وبالمناسبة ليس كل الظن إثما، أن باسم مجرد عميل يلعب دور الأراجوز فى يد من يحركه، وأن أسلوبه وسخريته مجرد طريقة للنيل من النظام، عن طريق السخرية منه وضربه فى سويداء وقاره.

المدهش، خروج البعض، برباعية صلاح جاهين التى يقول فيها «أنا قلبى كان شخشيخة أصبح جرس، جلجلت به صحيوا الخدم والحرس، أنا المهرج قمتوا ليه خفتوا ليه، لا فإيدى سيف ولا تحت منى فرس»، وحولوا باسم يوسف إلى بطل قومى يحارب الفاشية العسكرية.

الحقيقة أن باسم ليس مناضلا، وإلا ما كان تمنى بقاء مرسى فى السلطة ليكمل فترته الرئاسية، والحقيقة أيضا أنه لا توجد فاشية عسكرية وإلا ما كان باسم بات ليلته فى منزله، ولعلنا نتذكر أن مجرد اسم المؤسسة العسكرية فى عهد مبارك، كان كفيلا بالتحويل للنيابة العسكرية.

الموضوع لم يكن يستحق تلك الضجة، فالحلقة تافهة والبيان الذى أصدرته القناة بعدها أتفه، وحالة الحراك الذى أحدثته ليس له سبب سوى شعبية الفريق عبد الفتاح السيسى، لدرجة أن بعض المشاهدين فى البيوت كانوا يسبونه وهم يشاهدون الحلقة، بينما كان البعض الآخر يضحك فى شماتة وكأنه ينتقم من السيسى فى شخص باسم يوسف.

طريقة باسم يوسف، كانت فجة فى هجومه على الرئيس عدلى منصور، فلم يتحدث عنه كرجل تحمل المسئولية فى وقت صعب، ولم يتحدث عن شخص هارب مثل البرادعى، الذى أعطى لنا ظهره فى وقت كنا فى أمس الحاجة إليه، علاوة على لفظ الانقلاب الذى كرره كثيرا، وكأنه كان أعمى ولم ير 30 مليون مواطن خرجوا فى ثورة هى الأكبر فى تاريخ الإنسانية ضد مرسى وجماعته المجرمة.

بشكل عام، الحلقة جاءت فى مصلحة الفريق عبد الفتاح السيسى، وكأنها اختبار جديد لشعبيته التى تتزايد، فأغلب البسطاء الذين أحبوا باسم يوسف لم يرضوا عن توجيه النقد بهذا الشكل اللاذع للرجل الذى منحهم الأمل من جديد، فالفارق بين مرسى والسيسى، أن الشعب بأكمله لم يكن راضيا عن حكم الإخوان، ولا تصرفاتهم أو أفعالهم الإجرامية، بينما الفريق عبدالفتاح السيسى نجح فى توحيد الصف، وعودة مصر القوية بفضل شعبها الذى خرج بالملايين، وبالمناسبة كان باسم يوسف من أصحاب الفضل، ولو بشكل ضئيل فى خروج الناس، بعد أن أفقد النظام وقاره، لكن أغلب الظن أن هذه المرة لن تنجح، فالسيسى وعدلى منصور لن يفقدا وقارهما، وسيتعاملان مع الحلقة وكأنها لم تكن، فيكفى أن أنصاره ومحبيه يستطيعون الفتك بباسم يوسف ومن وراءه – إن كان وراءه أحد.

باسم يوسف موضة، ضحكة خرجت من رحم الألم فى عهد مرسى، ولكنه أشبه بأغنية كمننا التى غناها محمد فؤاد وهنيدى فى فيلم «إسماعيلية رايح جاى»، ونجحت نجاحا ساحقا، والآن صارت مجرد ذكرى لأغنية، وأغلب الظن أن باسم يوسف سيصبح ذكرى لبرنامج.