منال لاشين تكتب: فى صحة مؤتمر المناخ
بايدن الضعيف يبحث عن التوبة فى المؤتمر
المرأة الحديدية الجديدة تُظهر العين الحمراء لملك بريطانيا
دبلوماسى أجنبى: هل التظاهر بالمايوه من ناشطات البيئة مسموح فى شرم الشيخ؟
دبلوماسى إفريقى: مصر قادرة على إنقاذ العالم فى كوب ٢٧
فى مسلسل التاج الذى يحكى قصة الملكية فى بريطانيا تتقاطع حياة الملكة الراحلة إليزابيث الثانية مع المرأة الجديدة أول امرأة تترأس الحكومة فى بريطانيا..يعلق زوج الملكة الأمير فليب أن بريطانيا تحكمها الآن سيدتان.. إذا كانت طول مدة حكم إليزابيث قد منحها حق تسمية عهدها بالعهد الإليزابيثى، فإن إنجازات تاتشر وقوتها منحها اسم الحقبة التاتشرية، لم تكن العلاقة بين المرأتين سمنًا على عسل طوال الـ١٣ عاما، فى الأزمات تظهر الفروق بين الملكة التى تعرف أن قمة إنجازها هو ألا تفعل شيئا، أو أفضل حديث لها هو الصمت، وعلى الناحية الأخرى أو بالأحرى المرأة الأخرى ابنة البقال التى وصلت إلى رئاسة حكومة المحافظين لا تستطيع إلا أن تعمل وتتحرك كل دقيقة، العمل هو متعتها وإجازتها وشغفها. على الرغم من رحيل تاتشر الأقرب إلى الطرد، إلا أنها صارت أيقونة سياسية تمشى على هداها كل السياسات فى العالم وليس فى بريطانيا فقط، وليس غريبا أن تحاول رابع امرأة تتولى الحكومة فى بريطانيا (ليز تراس) أن تقلد تاتشر، وتظهر بعض القوة والصلابة فى مواجهة القصر.. ربما عوضا عن الغرق فى المشاكل الاقتصادية الحادة التى تضغط بقوة على المواطن البريطانى، وتهدد تراس بالطرد على غرار سلفها جونسون، ومن هذا المنطلق يمكن قراءة الأزمة العابرة بين تراس والملك الجديد تشارلز.. على صفحات الصحف البريطانية سؤال بل عشرات الأسئلة هل منعت تراس الملك من حضور مؤتمر المناخ كوب ٢٧؟ هل هو منع أم مجرد نصيحة استجاب لها الملك؟ هل كانت تراس تقدر على توجيه نفس الضربة أو النصيحة للملكة الراحلة؟..لا يمكن تجاهل طرح الأسئلة فى ظل أن بعض الأصوات البريطانية التى تتنبأ بأن تنتهى الملكية برحيل الملكة الأيقونية ذات الحكم السبعينى.
أسئلة مهمة طرحت على هامش مؤتمر المناخ.
على الرغم من أن مؤتمر المناخ كوب ٢٧ المقام فى شرم الشيخ يحمل بين لجانه وإجراءاته مصير الأرض وسكانها، وعلى الرغم من القدرات الهائلة التى يملك المؤتمر تقديمها لمصر وللعالم.. رغم هذا وذلك فإن بعض التدابير المهمة المرتبطة بالمؤتمر والتى شغلت عددا من المهتمين والقائمين على المؤتمر تبدو للبعض تافهة أو بالأحرى ساخنة ومثيرة، ففى مثل هذه الفعاليات العالمية تلجأ بعض الناشطات الأجنبيات إلى طرق غير تقليدية لإظهار موافقهن، أبرز هذه الطرق وأكثرها سخونة هو التظاهر دون ملابس، مظاهرات النساء العاريات ظهرت فى تجمعات عالمية، هناك طرق أو بالأحرى مستويات للتظاهر العارى.. أما مظاهرات خلع الملابس على طريقة راقصات الاستربتيز، أو مظاهرات عاريات الصدور، أما مظاهرات العراة. فى جميع الأحوال فإن مصر أعلنت أنها لم تقبل أن تحدث مظاهرات العراة على أرضها خلال المؤتمر، وحدث نقاش من بعض الدبلوماسيين الأجانب هل يمكن قبول التظاهر بالمايوه كحل وسط.
ولكن علينا التحسب ووضع سيناريو لأى مفاجآت من هذا النوع.. لأن نجاحنا فى استضافة المؤتمر والاستفادة المتوقعة منه علينا لا يجب أن نسمح بإفسادها لمجرد أن بعض الناشطات أو النشطاء لا يقدرون تقاليد وقيم البلد الذى يستضيف المؤتمر. أتذكر أننى رأيت لأول مرة مظاهرة عارية الصدر فى أحد المؤتمرات الدولية الكبرى.عقلى الشرقى لم يستوعب الجهاد بالعرى، خاصة أن الشرطة تتعامل مع مثل هذه التظاهرات بقوة ولا تسمح لهن فى الكثير من الدول بالاستمرار فى المظاهرة.. استجمعت شجاعتى وسألت إحدى الناشطات اللاتى شاركن فى المظاهرة عن سر الإصرار على كشف الصدر أو التعرى من أجل قضية الفقراء أو غيرها من القضايا..ردت الفتاة بنفس الحماس والغضب اللذين غلفا المظاهرة: هذا مجتمع تحكمه مجموعة من الرجال الأثرياء لا يهتمون إلا بشهواتهم، ولذلك سرعان ما تجد مظاهراتنا العارية طريقها إلى الإعلام بسهولة، مظاهرات أو بالأحرى اعتراضات العرى تحدث فى العديد من الدول ولدعم عشرات القضايا.
إعلان الرئيس الأمريكى بايدن حضور المؤتمر يجب أن يوضع فى إطاره الواقعى دون تهويل أو تهوين، فهذا الرجل هو أضعف رؤساء أمريكا ويبحث عن مخرج لأزماته الاقتصادية فى بلده، لأن معظم عقوباته ضد روسيا انقلبت على المواطن الأمريكى (ضمن بقية العالم) فى شكل تضخم ونقص فى السلع.بعض هذه السلع لا يمكن التخلى عنه. تعانى بعض الولايات أو بالأحرى يعانى المواطن الأمريكى فى بعض الولايات من نقص فى ألبان الأطفال، وهذا النقص يعد وصمة عار على رئيس دولة الرفاهة والحلم الأمريكى.
الآن يطالبون المواطن الأمريكى بالتخلى عن الحلم..السيارة (٤×٤).. الغذاء والعشاء فى المطاعم.. سهرات الويك إند فى الديسكوهات وعلب الليل. أصبح شراء شقة بالتقسيط من رابع المستحيلات، وارتفع الإيجار بمعدلات متكررة. لم تحل زيادة الرواتب المشكلة.
على الجانب الآخر فإن سمعة أمريكا فى مجال حماية المناخ والحفاظ على البيئة تحت الصفر بعدما نفض الرئيس الأمريكى السابق ترامب يديه من قضية المناخ والتزامات بلاده. ولذلك فإن بايدن يبحث عن نصر فى شرم الشيخ، فالحزب الجمهورى المنافس لحزب بايدن والذى يسيطر على الكونجرس والمحكمة العليا يعرقل مخططات الحزب الديمقراطى فى ملف المناخ. ولذلك فإن دور أكبر لأمريكا فى مؤتمر شرم الشيخ سيمنح بايدن أوراق ضغط على خصومه الجمهوريين، ولذلك فإن بايدن يحتاج إلى مؤتمر شرم الشيخ أكثر من أى دولة أخرى أو منظمة أو مؤسسة دولية.. فى ذلك الإطار تعهد بايدن بمساعدة الدول النامية وأن يعاد تقييم البنية التحتية والأساسية فى أمريكا لتكون قادرة على التكيف مع الاقتصاد الأخضر وحماية المناخ.. بلغة الأرقام أقر بايدن مبلغ ٣٫٢ مليار دولار، ولكن الرجل الضعيف ما زال يرفض إعلان الطوارئ لمواجهة أزمة المناخ مثلما ترغب أغلبية حزبه الديمقراطى، ولذلك فان قمة شرم الشيخ فرصة لأمريكا لإعلان التوبة عن سفها فى تدمير الكوكب، وفرصة للرئيس الأمريكى الضعيف لإعادة بناء سمعته.
فى السياسة ليس هناك أصدقاء دائمون أو خصوم بايدن، ولكن كما قال أشهر رؤساء حكومة بريطانيا وساستها تشرشل هناك مصالح دائما، ولذلك ليس من الصعب أن تلتقط عين أو أذن أى متابع أن بضع الدول الكبرى لم تكن راضية على أن تفوز مصر بتنظيم المؤتمر على أرضها.. فبلغة المصالح فإن ذهاب المؤتمر لمصر يزيد من مكانتها الدولية ويؤكد ريادتها الإفريقية والعربية، وليس سرا أن هذه الدول حاولت دفع دول إفريقية بعينها للتقدم لمنافسة مصر فى تنظيم المؤتمر، ولكن هناك إجماعًا إفريقيا بأن مصر هى الأجدر على تنظيم حدث بمثل هذه الأهمية، وربما لا يدرك الكثيرون حجم المجهود الدولى الذى تبذله مصر لإنجاح المؤتمر، كنت مؤخرا فى تجمع دبلوماسى به بعض الدبوماسيون الأفارقة.. كانوا جميعا مع قدرة مصر على إنجاح مؤتمر بهذا الحجم... أحدهم ذكرنى بمقولة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر: نجحنا فى إدارة قناة السويس وفشلنا فى إدارة مستشفى قصر العينى، من وجهة نظره أن التحدى يخرج أفضل ما فى الشخصية المصرية، وأن المؤتمر يحظى بدعم لا نهائى من الرئيس السيسى.
إذا كان البعض يتصور أن إنجاح المؤتمر يتعلق بالتنظيم، أو تحويل شرم الشيخ مدينة خضراء أو إقامة مئات بل آلاف من البشر فى هذا المؤتمر، فهذا تصور قاصر ومخل. لأن الجهود المصرية الكبرى فى ضمان أن توفى الدول الكبرى بالتزاماتها تجاه الدول النامية فى تمويل فاتورة إصلاح المناخ. كما أن إنجاح المؤتمر بالنسبة لمصر يتضمن أن تحصل دول إفريقيا على نصيب عادل من المساعدات، وفى أجندة أو بالأحرى أولويات مصر لإنجاح المؤتمر تحويل مصر إلى مركز دولى وإفريقى للاقتصاد الأخضر، وبذلك لا يعزز المؤتمر موقف مصر الاقتصادى بل السياسى لأنه يؤكد مكانة مصر إفريقيا، ويساعد مصر فى إعادة بناء شبكة مصالح اقتصادية إفريقية.
اختار وزير المالية السابق الدكتور يوسف بطرس غالى شعار حملة الضرائب (مصلحتك أولا)، بدا الشعار للبعض مقارنة بشعارات الحزب الوطنى الجديد، ولكن الشعار نجح نجاحا مبهرا، ولذلك هناك رسالة لكل مواطن من حقه أن يعرف شعار (مصلحتك أولا)..كل من يسأل ماذا سأستفيد من إقامة مؤتمر المناخ على أرض مصر.. أريد أن أذكر الجميع أن مصر السياسة تخدم الاقتصاد، وأن المواطن العادى بإمكانه أن يحقق استفادة مزدوجة. استفادة على المدى المتوسط والبعيد من خلال حزمة المشروعات الخضراء والتى ستوفر فرض توظيف هائلة، أما الاستفادة المباشرة أو قصيرة المدى أن المؤتمر يحمل مئات الأفكار بل آلاف الأفكار من كل دول العالم حول تحويل مواجهة سوء المناخ إلى أموال على مستوى الأسرة أو حتى الفرد، ودون رأس مال كبير أو حتى صغير.. مئات الأفكار حول إعادة تدوير الكراكيب التى تملأ كل بيت.. من بقايا الطعام التى تتحول إلى سماد عضوى يباع أو تتم الاستفادة منه فى الزراعة المنزلية، إلى أكياس وزجاجات البلاستيك التى تهدد البيئة والحياة على كوكب الأرض. إلى مبادرات زراعة الأشجار الصديقة للبيئة (التى تعمل على سحب الأتربة وتوليد الأكسجين) هناك مبادرات زراعية أخرى مثل زراعة أشجار اقتصادية مثل الزيتون أو النخيل أو البرتقال على غرار تجارب فى بعض الدول مثل ماليزيا وإسبانيا. متابعة فعاليات المؤتمر ستمنحك فرصة لتعلم التعامل الصحى مع البيئة والانفتاح على تجار الشعوب الأخرى فى تحويل محنة المناخ إلى منحة، ولذلك أعتقد أنه من المفيد تسجيل الاجتماعات غير الرسمية التى تعرض التجارب فى المؤتمر، على أن تتم ترجمتها وعرضها للمواطن المصرى. فى الحقيقة تجربة حضور مثل هذه الأحداث المهمة على المستوى الصحفى ممتعة ومفيدة.. كأن العالم جاء إليك وعقله مفتوح أمامك للمعرفة وتبادل الرؤى..رغم تعب الصحفيين فى مثل هذه المؤتمرات فإن المكافأة أننا نخرج ببعض الأصدقاء الجدد حول العالم.. ليس من الصحفيين فقط، بل من أصحاب المبادرات والتجارب الناجحة التى تعرض على هامش المؤتمر وبعيدا عن الجلسات الرسمية، أمتع لحظات العمل الصحفى حين تأخذك المهنة إلى عوالم جديدة وقضايا تجبرك على القراءة والبحث، وعلى التعرف على شخصيات جديدة، أعتقد أننا يجب أن نستغل هذا الحدث غير المتكرر لدمج أكبر عدد من الشباب والشابات مع شباب العالم وفى المشاركة فى المبادرات العالمية، كما أتمنى أن نسمح لأكبر عدد من المبادرات المصرية والتجارب فى ملف المناخ، لأنها فرصة أن يسمع العالم صوتنا.