الكنيسة الكاثوليكية تحيي الذكرى السنوية الـ60 لنداء البابا يوحنا الـ23 من أجل السلام

أقباط وكنائس

الكنيسة
الكنيسة

تحيي الكنيسة الكاثوليكية،اليوم الثلاثاء، الذكرى السنوية الستين للنداء الشهير الذي أطلقه البابا الراحل يوحنا الثالث والعشرون من خلال رسالة إذاعية، داعيا إلى العمل من أجل السلام، في وقت كان فيه العالم يحبس الأنفاس إزاء التهديد بنشوب حرب نووية، في أعقاب أزمة الصواريخ الكوبية. توجه البابا رونكالي إلى قادة الأمم حاثا إياهم على بذل ما في وسعهم من أجل إنقاذ السلام، كما قال.

ويتماشى نداء يوحنا الثالث والعشرين مع النداءات العديدة التي أطلقها البابا فرنسيس، لا سيما منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وتلك الكلمات ما تزال آنية اليوم وسط المخاوف من استخدام الأسلحة النووية. الأحداث التي دفعت بالعالم باتجاه حرب كونية ثالثة وصراع ذري، لها بدايتها في كتب التاريخ، وذلك في الرابع عشر من تشرين الأول أكتوبر عام ١٩٦٢، عندما قامت طائرة تجسس أمريكية بالتقاط صور فوتوغرافية لمنشآت صاروخية قيد البناء في جزيرة كوبا، على مسافة أقل من مائة وخمسين كيلومترا من سواحل ولاية فلوريدا. وقبل ثلاث سنوات على ذلك التاريخ كانت الثورة الكوبية قد أطاحت بالرئيس باتيستا، ليحل مكانه فيديل كاسترو الذي أصبح زعيم أول دولة اشتراكية في الشطر الغربي من الكرة الأرضية.

وترجع قصة هذا النداء، عند واقعة الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة على هافانا بعد أن قررت كوبا تأميم الشركات التي لديها رؤوس أموال أجنبية، والمحاولة الفاشلة لغزو خليج الخنازير للإطاحة بنظام كاسترو، شكلا بداية لمعادلة جيوسياسية جديدة خصوصا بعد أن اتفقت كوبا مع الاتحاد السوفيتي على نشر صواريخ سوفيتية في الجزيرة، كانت قادرة على ضرب الأراضي الأمريكية، وإزاء هذا التوتر دعا الرئيس كينيدي إلى عقد اجتماع للجنة التنفيذية لمجلس الأمن القومي التي كانت تضم قادة سياسيين وعسكريين، واتُخذ قرار بعدم السماح باستكمال بناء المنشآت الصاروخية، وفرضت واشنطن حظرًا بحريًا على كوبا، منعًا لوصول السفن المحملة بالأسلحة والتجهيزات العسكرية. وعلى الرغم من الأزمة لم ينقطع التواصل قط بين واشنطن وموسكو.

وسط هذا السيناريو المقلق رفع البابا يوحنا الثالث والعشرون صوته مطلقًا نداء في الخامس والعشرين من  أكتوبر ١٩٦٢، وذلك بعد أيام قليلة على افتتاحه أعمال المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني. الرسالة الإذاعية للبابا رونكالي بثها راديو الفاتيكان، في وقت بدا فيه أن المواجهة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي بلغت ذروتها قبل أن تنحل الأزمة. قال البابا: ليصغ القادة إلى ضمائرهم وإلى الصراخ الذي يُطلقه في مختلف أصقاع الأرض، الأطفال الأبرياء كما العجزة، الأفراد كما الجماعات، هذا الصراخ الذي يرتفع نحو السماء: سلام! سلام!" وتوجه يوحنا الثالث والعشرون إلى جميع الحكام، داعيا إلى عدم صمّ الآذان إزاء صراخ البشرية هذا، وإلى بذل ما في وسعهم من أجل إنقاذ السلام.

 وبهذه الطريقة – ختم البابا رونكالي رسالته الإذاعية قائلا – يمكن أن يتفادى العالم أهوال الحرب التي لا تُحسب أبعادها، كما لا بد أن يستمر التفاوض، لأن مواقف من هذا النوع تشكل شهادة كبيرة لضمير كل واحد منا، وأمام التاريخ.