تعرف على «الدوم رافائيل» الراهب المصري الذي علم شامبليون اللغات العربية والقبطية
يحيي الاقباط ذكرى وفاة «الدوم رافائيل» الراهب المصري الذي علم شامبليون اللغات العربية والقبطية والمصري الوحيد العضو في المجمع العلمي.
وقال ماجد كامل عضو اللجنة البابوية للتاريخ الكنسي في دراسة له: لعل من بين العلماء المجهولين الذين لم تتح لهم الفرصة الكافية لتسليط الضؤ عليهم بما فيه الكفاية هو العالم المصري المولد الفرنسي الإقامة الدوم رافائيل.
وتابع: أما عن دوم رافائيل نفسه ؛ فهو مصري المولد من أصل سوري والحقيقة أننا لا نعرف عنه إلا أقل القليل ومن بين القليل الذي نعرفه عنه أنه ولد من عائلة سريانية ملكانية وأسمه بالميلاد رافائيل زاخورا تلقي دراسته وتعلميه الاولي في كنائس الروم الكاثوليك ما بين روما وصيدا وعاد بعدها إلي مصر خلال الحملة الفرنسية علي مصر (1789 – 1801) حيث عمل كمترجم شخصي لنابليون بونابرت.
وتابع: وخلال عام 1803 رحل إلى فرنسا لتسليم بعض الوثائق الهامة للحكومة الفرنسية؛ وتم تعيينه أستاذا للغة العربية في مدرسة اللغات الشرقية بباريس وكان بين أشهر الطلبة الذين درسوا علي يديه العالم الفرنسي شامبيلون حيث كان له فضل كبير في تعريفه بالكاهن القبطي يوحنا الشفتشي وكان أيضا من بين تلاميذه المسشرق الفرنسي المعروف سلفتسر دي ساسي كما عضوا مشاركا في حفل تتويج نابليون بونابرت.
وتابع: بعد سقوط نابليون بونابرت وتحطم امبراطوريته عام 1815 غادر رافائيل فرنسا وعاد إلي مصر؛ وعمل في خدمة محمد علي باشا كمترجم خاص له وتوفي بمصر عام 1831 ولقد كتب عنه شامبليون في مذكراته فذكر عنه أنه كان أكثر أساتذته إخلاصا له ولعله كان أكثرهم نفعا له هو دوم رافائيل دو موناشيس والذي تعرف عليه عن طريق أخيه في جرونويل.
وكان دوم رافائيل دائما يناديه بلقب "أبني" وكثيرا ما كان يستقبله في منزله، وايضًا: كتب عنه شامبلبون في مذكراته قائلا: إني أعمل كثيرا مع دوم رافائيل؛ وأصبحت بفضله بارعا في الحديث بالعربية ؛ فأصرف الأفعال وأترجم حوارات وكان يزداد تقديره لأستاذه في اللغة العربية بقدر ما كان يسايره في تخميناته حول الأسماء القديمة للمدن المصرية؛ وفوق كل ذلك كان دوم رافائيل قد أبدي إلي تلميذه معروفا هائلا؛ فقد وجهه نحو التعرف علي قسيس قبطي جاء من مصر عام 1802 وهو جيها الشفتشي راعي كنيسة سان روش والذي تمكن طالبنا من التخاطب معه باللغة القبطية والتدريب عليها معا؛ فهي اللغة التي بدت لهما المفتاح الذي سيؤدي إلي الأبحاث المتعلقة بالكتابة المصرية القديمة.
وتابع: من المراجع الهامة التي تناولت حياة وكتابات الدوم رافائيل نذكر كتاب الدكتور جمال الدين الشيال " تاريخ الترجمة في عهد الحملة الفرنسية علي مصر حيث يذكر عنه إنه ولد في 7 مارس 1759 في مدينة القاهرة؛ ونشأ نشأة دينية حيث تلقي العلوم الدينية ودرس اللغة العربية علي يد آباء طاءفته ؛ خاصة رئيس طائفته البازيلي في القاهرة الأب "أغابيوس مطر" وعندما بلغ الخامسة عشر من العمر سافر إلى ايطاليا مع معلمه ليكمل دراسة علومه الدينية في روما؛ وهناك التحق بمدرسة "سانت اتاناز الاكليركية حيث بقي بها خمس سنين أتم في خلالها دراساته الدينية؛ وفي سنة 1781؛ غادر روما متوجها إلى صيدا حيث التحق بدير المخلص ؛ وهناك اشتغل بترجمة بعض الكتب الدينية والوثائق المحفوظة في مكتبة هذا الدير ؛ وظل يرتقي في المناصب الدينية ؛ فعين شماسا سنة 1782؛ ثم قسيسا عام 1785؛ وسافر بعدها إلى روما في مهمة دينية قام فيها بترجمة كثير من وثائق من العربية إلى الايطالية وبالعكس.
مضيفًا: في 20 اغسطس 1798؛ صدرت لائحة بتكوين المجمع العلمي المصري؛ ونصت المادة 20 من هذه اللائحة " سيكون هناك مترجم عربي يتقاضي مرتبا خاصا ؛ ومن الممكن ان يكون عضوا بالمجمع". فاختير "أنطون رفاييل زاخورا" ليكون هذا المترجم ؛ وعين عضوا في لجنة الآداب والفنون الجميلة بالمجمع
وتابع: بعد سفر نابليون إلى فرنسا ؛ تولي قيادة الحملة الجنرال " كليبر " ؛ وفي 25 نوفمبر 1799 ؛ أصدر قرارا بتكوين لجنة لجمع المعلومات عن مصر ؛ ولقد تكونت عضوية الجنة من رفاييل وسبعة أعضاء آخرين ؛ وبعد مقتل كليبر في 14 يونية 1800 ؛ اتقلت قيادة الحملة إلى الجنرال " مينو " فأعاد تكوين الديوان في صورة جديدة من سبعة من المشايخ المسلمين ؛ كما أصدر امرا بتعيين رفاييل "كبير ترجمان " للديوان الجديد.
موضحًا: في الجزء الثاني من الكتاب الخاص بتاريخ الترجمة في عصر محمد علي ؛ يذكر الدكتور الشيال ان نظرا لطموح رفاييل الكبير ؛ سافر إلى فرنسا ؛ واتصل بنابليون بونابرت ؛ حيث وجه له خطابين:- الخطاب الأول بتاريخ 14 مارس 1802 ؛ يخبره فيه برغبته في خدمة الحكومة الفرنسية تحت فترة حكمه ؛ أما الخطاب الثاني فكان بتاريخ 20 نوفمبر 1802 ؛جدد فيها خضوعه لنابليون ملقبا إياه "ملاك السلام " والحق بالخطاب قصيدة باللغة العربية مصحوبة بترجمة إيطالية ؛ ووجد رفاييل ان اسلوب الخطابات المتبادلة غير مجدي ؛ فقرر ان يسافر إلى فرنسا ؛ وبالفعل سافر إلى هناك خلال عام 1803 ؛ وتقابل مع نابيلون الذي سرعان ما عينه أستاذا مساعدا بمدرسة اللغات الشرقية في باريس ؛ وكان تاريخ صدور أمر التعيين هو 24 سبتمبر 1803 واستمر رفاييل مقيما في فرنسا خلال الفترة من ( 1803- 1816 ) كتب خلالها مجموعة الكتب التي سبق الإشارة إليها ؛ وبعد هزيمة نابليون في معركة واترلو ؛ وسقوط حكمه في فرنسا ؛ قررت الحكومة الجديدة تخفيض راتبه ؛ مما دفع رفاييل إلى تقديم استقالته في ابريل 1816 ؛ وقرر العودة إلى مصر.
مختتمًا: وبعد عودته تواصل مع محمد علي باشا ؛ الذي كان حريصا علي نقل علوم الغرب إلى مصر ؛ فكلف رفاييل بوضع قاموسا للغتين العربية والايطالية ؛ كما كلفه بترجمة كتاب " الأمير " لميكافيلي ؛ وعندما أنشئت مدرسة الطب عام 1827 ؛ اختار كلوت بك ( 1893- 1868 ) ) مؤسس المدرسة رفاييل ليكون واحدا من مترجمي بعض الكتب ؛ وحسب جمال الدين الشيال ؛ توفي رفاييل اخيرا في 13 اكتوبر 1831 عن عمر يناهز 72 عاما