المفتي.. بخاخة الربو تفسد الصيام.. ونقل الدم والحقن لا تفسده د
في شهر الصيام يتبادر الكثير من الأسئلة علي أذهان الصائمين، يسعون للبحث عن إجابات لها حرصا منهم علي صحة صيامهم واجتناباً لما يمكن أن يفسده، وبقدر هذا الحرص حرصت دار الإفتاء المصرية علي أن تجيب عن كل
التساؤلات التي يمكن أن تطرأ علي أذهان الصائمين، ووضع الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية إجابات وافية عن كل هذه الأسئلة حتي يجد الصائم مرجعا شرعيا موثوقا به يقدم له إجابات صحيحة ووافية عن هذه التساؤلات، لذلك نسعي لطرح أهم وأكثر الأسئلة التي يبحث المسلمون عن إجابات لها في شهر رمضان لنقدم إجابات مفتي الديار المصرية عليها، ونخصص السطور التالية لطرح الإجابات عن معظم الأسئلة التي تدور في أذهان من يستخدمون بعض الأدوية والعقاقير أو يلجئون لبعض الإجراءات الطبية أثناء الصيام مثل استخدام الحقن بأنواعها ونقط الأذن أو الأنف وبخاخة الربو ونقل الدم والحجامة واستخدام المرأة لبعض الأدوية لمنع نزول الدورة الشهرية أثناء الصيام ومدي تأثير كل من هذه الإجراءات علي صحة الصيام:
فعن استخدام الحقن بمختلف أنواعها ومدي تأثيرها علي صحة الصيام يؤكد د.علي جمعة أن حقن الوريد أو العضل لا تفطر الصائم إذا أخذها في أي موضع من مواضع ظاهر البدن، سواء أكانت للتداوي أو للتغذية أو للتخديرلأن شرط نقض الصوم أن يصل الداخل إلي الجوف من منفذ مفتوح ظاهرًا حسًّا, والمادة التي يُحقَن بها لا تصل إلي الجوف أصلاً، ولا تدخل من منفذ مفتوح ظاهرًا حسًّا، فوصولها إلي الجسم عن طريق المسام لا ينقض الصوم. وأمّا الحقن الشرجية فمذهب جمهور العلماء أنها مفسدة للصوم إذا استُعمِلت مع العمد والاختيار, لأن فيها إيصالاً للسائل المحقون بها إلي الجوف من منفذ مفتوح، وذهب المالكية إلي أنها مباحة لا تُفطِر، وفي قول آخر عند المالكية أنها مكروهة وبناءً علي ذلك: فيمكن تقليد هذا القول عند المالكية لمن ابتُلِي بالحقنة الشرجية في الصوم ولم يكن له مجال في تأخير ذلك إلي ما بعد الإفطار، ويكون صيامه حينئذٍ صحيحًا ولا يجب القضاء عليه، وإن كان يستحب القضاء خروجًا من خلاف جمهور العلماء.
أما عن استخدام نقط الأنف والأذن فيقول مفتي الديار المصرية إن الجوف عند الفقهاء عبارةٌ عن: المعدة، والأمعاء، والمثانة، وباطن الدماغ، فإذا دخل المفَطِّر إلي أي واحدة منها من منفذ مفتوح ظاهرًا حسًّا فإنه يكون مُفسِدًا للصوم.
ولذلك يجعلون وضع النقط في الأنف مفسِدًا للصوم إذا وصل الدواء إلي الدماغ، فإذا لم يجاوز الخيشوم فلا قضاء فيه.
وكذلك وضع النقط في الأذن فمذهب جمهور الفقهاء أن الصوم يفسد بالتقطير في الأذن إذا كان يصل إلي الدماغ، بينما يري بعض الشافعية أنه لا يفطر, ذهابًا منهم إلي أنه لا يوجد منفذ منفتح حسًّا من الأذن إلي الدماغ، وإنما يصله بالمسامّ كالكحل.
بينما أشار د.علي جمعة إلي أن بخّاخة الربو تفسد الصوم لأنها توصل السائل الذي تحمله علي هيئة رذاذ إلي الجوف عن طريق منفذ منفتح وهو الفم، وليس صحيحًا ما يُقال من أنه مجرَّد هواء وإلا لم يكن علاجًا, فإن الهواء المجرد يتنفسه المريض وغيره.
وأضاف أنه علي المريض الذي لا يستغني عن هذه البخاخة أن يفطر، بل إذا كان يخشي علي نفسه الهلاك إن لم يستخدمها طوال النهار فإن الفطر واجب عليه شرعًا حتي لو طال ذلك أو استدام معه، ويجب عليه مع ذلك إخراج فدية وهي أن يُطعِم عن كل يوم مسكينًا، فإذا برئ من مرضه وقدر علي الصيام وجب عليه القضاء ولا تكفيه الفدية التي أخرجها قبل ذلك؛ لأن شرط الانتقال من وجوب القضاء إلي الفدية استمرارُ العجز أو عدم استطاعة الصيام.
أما عن نقل الدم والحجامة فيقول د.علي جمعة إن جمهور الفقهاء اتفقوا علي أن الحجامة لا تُفسِد الصوم, لأن الفطر مما دخل لا مما خرج، ومثلُ الحجامة في الحكم نقلُ الدم؛ فإنه لا يؤثر علي صحة الصوم، لكن بشرط أن يأمن الصائم علي نفسه الضعف أو الضرر.
فالتبرع بالدم في نهار رمضان لا يفسد الصيام إلا إذا أدي إلي الضعف أو عدم القدرة علي إتمام الصيام فيحرم التبرع بالدم.
ومن أكثر الأسئلة شيوعا في رمضان أسئلة النساء عن إمكانية استخدام المرأة لبعض الأدوية والعقاقير لمنع نزول الدورة الشهرية أثناء شهر رمضان حتي تستطيع المرأة إكمال صيام الشهر الكريم وللإجابة عن هذا السؤال يقول د.علي جمعة مفتي الديار المصرية:
من الأحكام الثابتة التي أكدت عليها دار الإفتاء المصرية أن المسلمة يجب عليها الفطر في رمضان إذا جاءتها الدورة الشهرية؛ لأن الفطر هو الذي يناسبها في حالات الإعياء والاضطرابات الجسدية التي تصاحب الحيض؛ فلذلك أوجب الشرع عليها الإفطار، وهذا تخفيف من الله تعالي ورحمة منه سبحانه، وما يفعله كثير من النساء من أكل شيء قليل جدًّا أو شرب بعض السوائل ثم الإمساك بقية اليوم هو أمر مخالف لِحكمة الشرع الشريف في التخفيف عليها والحفاظ علي صحتها الجسدية والنفسية، والمطلوب منها أن تُفطر بشكل طبَيعي في فترة حيضها ولا حرج ولا لوم عليها, لأنها ستقضي هذه الأيام.
أما استعمال العقاقير والحبوب التي تؤخر الحيض إلي ما بعد رمضان والتي تتيح للنساء إتمام الشهر كله بغير انقطاع فلا مانع منه شرعًا، ويصح معها الصوم، ويجوز لها اللجوء إلي هذه الوسيلة بشرط أن يقرر الأطباء أن استعمال هذه الحبوب لا يترتب عليه ما يضر بصحة المرأة عاجلاً أو آجلاً، فإن ترتب علي استعمالها ضرر فهي حرام شرعًا, لأن من المقرر شرعًا أنه لا ضرر ولا ضرار، وحفظ الصحة مقصد ضروري من مقاصد الشريعة الإسلامية، ومع أن استخدام هذه الوسيلة جائز شرعًا فإنه من الواجب وقوف المرأة المسلمة مع مراد الله تعالي وخضوعها لما قدَّره الله عليها من الحيض.
وأخيرا فعن استخدام معجون الأسنان والفرشاة أو السواك أثناء الصيام أشار د.علي جمعة إلي أنه يجوز للصائم استعمال السواك لتنظيف الفم والأسنان واللسان، بل هو مستحبٌّ خاصة في الصباح بعد اليقظة من النوم، وعند تغير الفم، وقد كره الإمام الشافعي استعمال السواك بعد الزوال للصائم, لِمَا جاء في الحديث الشريف من أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وهذا معني حسن إن كان الناس لا يجدون رائحته، فإن كان الصائم يتعامل مع الناس فإن الأَفضل له أن يغير رائحة فمه ولو بعد الزوال؛ توقِّيًا من تَأَذِّيهم برائحته؛ لأن درء المفاسد مقدَّمٌ علي جلب المصالح.
وكذلك الحال في استعمال المعجون وفرشاة الأسنان في نهار رمضان، بشرط أن ينقي الفم بالماء جيدًا من آثار المعجون حتي لا تتسرب مادته إلي الحلق، فإن بقيت رائحة المعجون أو طعمه فإنّ ذلك لا يُؤثِّر ما دامت مادة المعجون نفسها قد زالت.