رئيس "دينية الشيوخ": شعار مؤتمر "الفتوى والتنمية المستدامة" يوضح الأهداف المنوطة بالإنسان
قال الدكتور يوسف عامر، رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ: إن شعار المؤتمر الدولي السابع لدار الإفتاء المصرية "الفتوى وأهداف التنمية المستدامة"، يبين بصورة مباشرة أحد الأهداف المنوطة بالإنسان -كل فرد في موقعه من الحياة- من غايات كبرى ثلاث، هي: عبادة الله، وعمارة الكون، وتزكية النفس (ترقيتها وتهذيبها وتكميلها).
الغايات الكبرى
وأوضح أن هذه الغايات الكبرى -التي على كل إنسان أن يحققها بنفسه- وإن بدت مختلفة، إلا أنها مترابطة حتى تكاد تكون شيئا واحدا، مشيرا إلى أن مفهوم "عبادة الله" هنا لا يقتصر على أداء الفرائض الشرعية فقط، وإنما كل عمل يكون موافقا لمراد الله، مقصودا به وجهه سبحانه، هو في حقيقته عبادة لله تعالى، حتى إن تبسم المرء في وجه أخيه إذا اجتمع فيه الشرطان فهو كالصدقة في الأجر.
وأضاف: "إذا رأينا هذا الترابط والتلاحم فعلينا حينئذ أن ندرك أمرا آخر، هو أنه من الدين أن يدرك المرء طبيعة واقعه ومستجداته، وأن يعرف كيف يسايره بما يتفق مع مراد الله تعالى، فإنه ليس معزولا عن العالم من حوله، والذي معاملته جزء من الشرع الشريف، وإلا فكيف يستطيع أن يقوم بعمارة الأرض وهو لا يدرك مستجدات الحياة؟! إن الذي يرفض التجدد في الحياة ليس سائرا عكس طبيعة الأشياء فحسب، وإنما هو رافض سنة الله سبحانه في كونه".
ووجه الدكتور يوسف عامر تحية شكر وعرفان لدار الإفتاء المصرية، على ما لها من جهود مشكورة غير منكورة، يمثل هذا المؤتمر أحدها، وعلى مسايرتها للواقع العملي ومستجدات العصر المتلاحقة بالاعتماد على فهم صحيح يعمل على حفظ المقاصد العليا والأهداف الكبرى للشرع الشريف.
وتابع: "لقد أحسنت دار الإفتاء المصرية في اختيار هذا الشعار؛ لأنه يبين كيف أن من يفتي يقوم بدوره في أداء رسالته في هذا الكون، التي يضبطها مقاصد وأهداف كبرى منها عمارة الأرض، فينبغي أن تكون الفتوى ميسرة للناس سبل عبادة الله لا صارفة لهم عنها، كما ينبغي أن تكون مراعية لجانب التزكية والتصوف والأخلاق والقيم، وكذلك أيضا تراعي جانب عمارة الأرض بحيث يعلم المستفتي أنه خليفة من قبل الله مسئول عن عمارة الأرض أمام الله تعالى، حتى وإن كان في زاوية متوارية في هذا الكون المترامي الأطراف".
وقال "رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ": علينا أن ندرك أمرا آخر، هو أنه من الدين أيضا أن يعلم المرء أنه جزء فاعل في منظومة هذا الكون، منوط به إصلاحه وعمارته مهما كان موقعه صغيرا أو ضئيلا، وبالتالي فعليه أن يصلح حتى وإن أفسد الآخرون، يقول صلى الله عليه وسلم: «لا تكونوا إمعة تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا» [رواه الترمذي وحسنه].
واختتم: "تحية شكر وعرفان أيضا لكل من يشارك في هذا المؤتمر من مختلف الدول والثقافات، حيث جمعهم جميعا هدف واحد عظيم هو النفع العام للأمة وتقديم معالجات وحلول لقضاياها المعاصرة والآنية".
وتعقد دار الإفتاء المصرية مؤتمرها العالمي السابع للإفتاء الذي تنظمه الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم سنويا، في الفترة من 17-18 أكتوبر الجاري في القاهرة، برعاية كريمة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبحضور كبار المفتين والوزراء والعلماء من أكثر من 90 دولة حول العالم، ويشهد المؤتمر مشاركة عالية المستوى من الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وعدد من الهيئات الدولية الأخرى؛ وذلك لمناقشة موضوع "الفتوى وأهداف التنمية المستدامة".
وتتضمن فعاليات المؤتمر عقد مجموعة من الندوات وورش العمل والبرامج الخاصة بالتغيرات المناخية والبيئة وأهداف التنمية المستدامة؛ وذلك استعدادا لقمة المناخ المقرر عقدها في مدينة شرم الشيخ بمصر.
وتطلق دار الإفتاء، خلال المؤتمر، العديد من المبادرات العالمية المهمة، وتعلن عن ميثاق إفتائي لمواجهة التغيرات المناخية، وتسلم جائزة الإمام القرافي للتميز الإفتائي.