حامد بدر يكتب.. نقطة ومن أول السطر.. العنف ومعايير البيت المسلم
لمَّا خلق الله الكون ووضع فيه ناموسه ومحددات حركات المجتمعاتة فيه، وطبيعة التطور، جعل للإنسان كمرونة أن يتعامل مع مفردات الكون الذي يعيش فيه، وأعطى له حرية ان يتصرّف، وذلك من خلال درجات مختلفة من السلطة التي خوَّلتها له الطبيعة البشرية حسب هذا الناموس.
ومن أولى بدهيات هذه السلطة التي يمتلكها الفرد، السلطة داخل البيت والأسرة، إذ بكامل حريته يشعر، وبكامل إرادته يستطيع أن يمارس هذه لسلطة، ولكن شريطة أن تكون ممارسة عقلانية لا طغيان فيها، وإلا تحوَّل الأمر شكل آخر غير الذي يبتغيه الفرد من بناء عائلة ضغيرة كانت أو كبيرة.
أدنى ما يملك في بيته
وبقدر ما أٌعطي لهذا الإنسان التصرف، جعل الله لديه التنوع، وأصبح لديه الخيارات، وإن كانت في ادنى ما يملك، فلته أن يزأر أو يزمجر عقله أو أن يهدا ويعقل الامور، كلهن كلهن من حقه. إلا ان الإنسان لم يقدر حتى الآن نعمة التطوير التي أعطي إياها، وينتطر أن تسلب منه جراء ما يفعله من بعض السلوكميات التي لا تفيد ولا تغنيه من افتقار، وأوَّلها العنف الأسري.
بالطبع لا أقصد كل البشر، إنما عينة من البشر، يستلب العنف منه سلامه النفسي واستقرار بيته، فيكون البيت على شفا حفرة من انهيار بمجرّد أن تضعف القبضة التي تحكم البيت.
لماذا الربط بين الإسلام والعنف الأسري
لسيادة الثقافة الإسلامية والعربية داخل بلادنا، نجد ثمت ربط بين الشرع الحنيف والممارسات داخل البيوت، وهذا مصدرًا من مصادر مسؤولية الإسلام والمسلمين في خلق بيوت هادئة.
وبما أنَّ نتاج ما يقع يعوَّل على تعاليم الإسلام في الصحف أو البرامج أو حتى مواقع التواصل الاجتماعي، التي صارت ضوء سبوت كاشف لكل ما يدور، إذا لا بد من الإشارة إلى أنّ البيت المسلم لما جاء ذكره في التشريع الإسلامي كان له من الضوابط ما يجعل الرجل يفكر ألف مرة، وكذلك المراة، قبل أن يسيء إلى نعمة إقامته التي صرنا اليوم في وضع اقتصادي كثيرا ما يحول دونه دون بناءه. ففي الذكر الحكيم، وبقلب سورة "النساء" تلك حدود الله".
الشراكة داخل البيت
إن معايير ومقاييس الشراكة داخل البيت المسلم إنما أتت على الوجه الذي يكون فيه التوازن، وأن الله حين جعل – كما يقول العلماء – للرجال عليهن درجة كانت، بمثابة نسبة (51%) التي يحصل عليها احد الشريكين أو الطرفين كي يكون له حق تسيير الأمر، دون طغيان على الآخر، وفي ذات الوقت دون أن تكون غلبة للطرف الآخر فيضع نفسه ندًّا شرسا، وربما خصيما فلا تقم قائمة لهذه الشركة أو المؤسسة.
لذا فالعناد ومحاولة إثبات الكفاءة على الأخر داخل البيت المسلم على حق، من المستحيل أن توجد معه هذه المعضلة؛ لأن التعامل يكون على أساس "تلك حدود الله"، وأن الميثاق الغليظ الذي يعقده المسلم والمسلمة على نفسهما حال الزواج يضعهما سويًا موضع المسؤولية أمام أنفيهما والمجتمع.
استغلال المصطلح
يحتجُّ العض بأن الإسلام قد حدَّ من حق المرأة أن تكون ذات شخصية مستقلة، فيتخذون بهذا ذريعة للربط مع ظاهرة العنف الأسري بموجب القرءان، مثل آية "واضربوهن"، وهذا بخلاف الشرع الحنيف الذي أعطى هذا الحل في حالة واحدة وهي النشوذ الظاهري أو الباطني، الذي يستحيل معه ان تكون المرأة زوجه. كما أنَّ هذا السلوك جاء آخر حلول علاج هذا النشوذ، فيسبقه الوعظ والهجر في المضاجع.
إن المرأة إذ كفل لها الإسلام كل الحقوق المباحة، ما لم يخالف أن تكون على صورة وقورة، كما للرجل، فللمراة حق الحرية المالية، وإدارة شئون أملاكها، ولها حقوق العلم والتعلم، ولها من الحقوق أن تناضل من أجل بلادها ووطنها، ولا تُزوَّجُ إلا برضاها، وجعل صمتها في إعطاء الإذن؛ كي لا يُهدَرُ ماء الحياء في وجهها، وجعل لها الحجاب لما في خصلتها من غلبة الحياء والوهن الذي به لا يستطيع احد من الرجال أن يتصف بها، وإلا سُئل.
وختامًا
وختامًا لن تقوم قائمة مستقيمة للبيوت المسلمة والعربية بشكل عام، دون وضع تصور كامل يمكن تربية الأبناء عليه، بجملة مفادها: "العنف الأسري جريمة".