أحمد عبد الوهاب يكتب: في اليوم العالمي للمعلم.. قابلت الشيخ محمد بن زيد
تلقيت قبل أيام دعوة من هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبيKHDA لـمقابلة "سمو الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الامارات العربية المتحدة" مع وفد من المعلمين والتربويين احتفالًا باليوم العالمي للمعلم الموافق الخامس من أكتوبر من كل عام.
لا شك أنه شعور جميل ومدعاة للفخر، إذ أن الدعوة للقاء سمو رئيس الدولة تأتي لوفد من المعلمين الذين قدموا أداء متميزًا في بعض المجالات التعليمية. وأعلم أن هناك العديد والعديد من الزملاء الأفاضل المتميزين من المعلمين، وإن لم يتسع اليوم ليشمل حضورهم جميعا بالجسد، لكنهم كانوا حاضرين بأعمالهم وإنجازاتهم مع طلابهم، فلهم الشكر الموصول والتحية العظيمة.
استقبال الوفد:
لقد كان اليوم مرتبا بعناية، بداية بالحفاوة والترحاب بالوفد من قبل القائمين على تنظيم الحدث في قصر الحصن بأبوظبي، حيث كان سمو رئيس الدولة في انتظارنا، مصافحًا الجميع باليد بحفاوة، مع تبادل كلمات التحية المشتركة.
ثم كانت الكلمة الرائعة لسمو رئيس الدولة- الشيخ محمد بن زايد- في حق المعلمين والتعليم والتي أحاول أن أشارك مع حضراتكم بعض ما جاء فيها من رسائل في بعض السطور التالية:
مكانة المعلم في المجتمع الإماراتي:
بدأ سموه كلمته بالترحيب بضيوفه من المعلمين قائلا "مرحبا بمن يعلمون عيالنا، لكم في نفسي مكانة كبيرة من وقت كنت طالبًا". بداية تحمل الكثير من التقدير والاحترام والعرفان من رئيس الدولة لدور المعلمين الكبير في نهضة المجتمع عبر إنشاء جيل واع مثقف يحمل قضايا أمته ويرسخ ويؤكد القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية.
الاستثمار في التعليم:
وأكد سموه على أن الخسارة في التعليم تعني خسارة الإنسان، وهذه خسارة كبيرة جدا، وأن النجاح في التعليم يعني بناء الإنسان وهذا مكسب كبير، ولذا فهو حريص على ألا يخفق أبدًا أحد أبناءه من الشعب في التعليم، وأن يكون الاستثمار الأكبر للدولة في الفترات القادمة في التعليم.
لا بديل عن الجودة:
تحدث سموه أن خيار دولة الإمارات الوحيد هو التعليم النوعي القائم على الكيف وليس الكم، مشددًا على أن نجاح هذا يعتمد ويرتكز على إعداد معلم متميز.
ولذا شدد أن يواصل المعلمون العمل وفق أعلى معايير الجودة كخيار أساسي للتفوق والنجاح بغية إعداد وتأهيل أجيال واعية حكيمة تفكّر في الاتجاه الصحيح، وتخطط لمستقبلها، وتحمل راية أوطانها.
تشجيع الطلاب:
وأضاف سموه، أن أي كلمة تشجيع وتحفيز يقولها المعلم تنشئ مبدعًا ومتميزًا، والعكس كذلك صحيح؛ فأي كلمة محبطة قد تؤدي إلى حرمان المجتمع من مبدع أو مخترع كان من الممكن أن يغير حياته وحياة مجتمعه للأفضل.
التعليم وتجربة سنغافورة:
استشهد سموه على أهمية الاستثمار في التعليم بحديثه مع رئيس وزراء سنغافورة الأسبق "لي كوان" حين سأله عن أهم محاور خططه الخمسية لتطوير سنغافورة فكانت إجابته " كان الاهتمام بالتعليم هو المحور الأساسي في تقدم بلادنا وسرعة تطورها في كل الخطط الخمسية". فالكلام هنا ليس نظريا فقط، ولكنه بناء على تجارب الآخرين والتجارب الشخصية كذلك.
التعليم سلاح ضد التطرف:
أكد سموه على أهمية التعليم في مواجهة التطرف وحماية أبناء الوطن ولذا فمسؤولية المعلم هنا كبيرة. حيث خاطب المعلمين قائلا: "أنتم تتعاملون مع أولادنا في أخطر مراحل حياتهم، ولذلك مهم أن يدرك المعلم أن أي كلمة يقولها، أو تصرف يفعله يشكل عقولهم وأفكارهم ومصيرهم كله ومصير بلدانهم"
وربط سموه ذلك بأن دولة الامارات دولة عربية تعيش في منطقة مليئة بأحداث وتحديات جثام، وأن دولة الامارات تتقدم وتواجه كل هذه الصعاب والتحديات بنجاح بفضل التعليم أولًا.
مصر والسعودية والترابط العربي:
وأشار سموه إلى أن العامل الأساسي لبقاء الدول وتقدمها هو التعليم. ومما لفت انتباهي في هذا السياق- كوني مصري يعيش في موطنه الثاني الإمارات- ما قاله الشيخ محمد بن زايد في حق مصر بكونها صاحبة الدور الأول في الترابط العربي قائلا: "لنا أن نتخيل لا قدر الله لو كانت بلد بحجم مصر قد سقطت، لسقط معها العالم العربي كله، وأنها بإذن الله لن تسقط أبدا". ثم ذكر سموه دور السعودية كذلك المحوري بعد مصر في تماسك المجتمع العربي.
وهي كلمات تنم عن الترابط العربي وضرورة تماسك الدول العربية وتضامنها كل بما يستطيع.
التعليم وترابط المجتمع الإماراتي:
تحدث سموه على أن ترابط المجتمع الإماراتي يعود للتعليم والتربية داخل البيت الإماراتي، مبينا الأثر الإيجابي للترابط الإماراتي بين عائلات الإمارات كعائلة واحدة وبيت واحد في نهضة البلاد واستقرارها. فهو - رئيس الدولة- قد ولد بمدينة العين، ويعيش في أبو ظبي، وله أقارب وأصدقاء في شتى بقاع الإمارات، ينتسبون لعائلات مختلفة ومتشابكة في النسب، وأنه رغم كثرة العائلات والقبائل فإن أجمل ما تسمعه أذنه هو كلمة "أنا إماراتي فقط" بغض النظر عن اللون أو الملبس أو القبيلة.
كلهم عيالي:
استخدم سمو الشيخ محمد بن زايد أكثر من مرة لفظة "عيالي" للتعبير عن الطلاب ممن يدرسون في الامارات، وهو لفظ إماراتي مشهور ومفضل للتعبير عن الأبناء، بل إنه قال صراحة إنه يرجو "لعياله" من أبناء الوطن ما يرجوه لابنه "خالد" وابنته "مريم".
مرحبا بكل الأفكار الإبداعية:
ثم اختتم حديثه للجميع قائلا من كان عنده فكرة أو رؤية لتطوير البلاد في قطاع التعليم فليتواصل بها معنا، سواء ذكر اسمه أم لم يذكر، فما يعنينا هو نهضة بلادنا وتطوير الإنسان.
وماذا بعد هذا اللقاء:
كنت وأنا أستمع إلى كلمات سمو الشيخ محمد بن زايد أتذكر طلابي وتجاربي معهم وأقول بكل صدق أني بقدر ما أثرت فيهم فقد أثروا في كذلك، وبقدر ما تعلموا مني بقدر ما تعلمت منهم، فنحن نتعامل مع جيل واع ذكي، ولذا سألت نفسي ماذا بعد ذلك؟ ما هي خططي وخطط كل معلم للتطوير لمواصلة التميز؟
الحقيقة أنه علينا -معشر المعلمين جمعيا- لمواكبة التطور السريع للعلم والأجيال الحديثة- أن نواصل التدريب والتنمية المهنية والتعلم بلا توقف، وأن تتسع مداركنا بالعلم ونستزيد منه بعمق كل في مجاله وتخصصه، فإنه وكما يقال "كل إناء يضيق بما جعل فيه إلا وعاء العلم، فإنّه يتسع، ولا يزال المرء عالمًا ما دام في طلب العلم، فإذا ظن أنّه قد علم، فقد بدأ جهله”
دعم متبادل:
من النقاط التي ألمس أهميتها في العملية التعليمية هي نقل الخبرات من الخبراء ومن القديم للجديد، علينا نحن المعلمين أن نواصل دعم بعضنا بعضا، فهذا بلا شك من مسرعات التطوير في العملية التعليمية، وأقول لكل معلم: "علّم الناس علمَك، وتعلّم علم غيرك، فتكون قد أتقنت علمك، وعَلِمْتَ ما لم تعلم".
وأخيرا شكرًا للقائمين على العملية التعليمية لاختياري ضمن الوفد المدعو، حيث كانت اللقاء بالنسبة لي مفاجأة رائعة وتجربة لا تنسى لا سيما وهي المرة الأولى التي التقي فيها سمو رئيس الدولة عن قرب، والاستماع لرؤيته حول التعليم وجها لوجه في مناخ ساده الود والطمأنينة والتقدير.
أسأل الله أن يديم علينا نعمة العلم والتعلم والتفكر والتفقه في علوم الدين والدنيا، في مصر والإمارات وكل البلاد العربية والإسلامية وسائر العالم.