بسام الشماع يكتب: الخونة عبر العصور وجوه متكررة والعقوبة واحدة
يبدو أن الخونة في كل العصور تتشابه وجوههم وأفعالهم وتتكرر في إملال يجعلك ترى نهايتهم بعينيك، ولكنهم لا يبصرونها متمادون في غيهم غارقون في خيانتهم متخيلين أن عين الله عنهم غافلة، وهم فقط ينتظرون موعدهم مع العقوبة التي دومًا تكن مجرد قصاصًا لو هناك الفرصة لتكراره لفعلناها مرارًا وتكرارًا كما تكرر إثمهم.
الخيانة في عصر قدماء المصريين
فى التاريخ المصري القديم يوجد لدينا نص ترجمته العالمة الفرنسية كلير لالويت وترجمه للعربية ماهر جويجاتي، والنص من تعاليم الملك خيتي الثالث (الأسرة العاشرة وقد حكم من "هرقليوبوليس" في إهناسيا المدينة- بنى سويف) إلى ابنه "مرى- كا – رع" يقول له فيه: "إن رجلًا عنيف القلب، هو أيضًا مصدر قلاقل بين المواطنين، إنه يثير الفرقة بين الشباب... وفى داخل مصر ذاتها لا يهدأ العدو...".
وفى عصر حكم الملك "إمنمحات الأول" (الأسرة الثانية عشرة) حرض بعض المقربين إليه ضده وقامت مؤامرة ضد الملك، وقد يستشعر فى بعض العبارات فى نص تعاليم الملك إمنمحات الأول إلى ابنه سنوسرت أنه واجه خيانة أو مؤامرة من الداخل، ويظهر هذا جليًا فى العبارات التالية والتى جاءت على لسان الملك "إمنمحات الأول"
وهى مكتوبة وموثقة قديما فى برديات مثل بردية ساليية رقم 1 و2 بالمتحف البريطاني وبردية برلين رقم 3019،
ولفافة من الجلد فى متحف اللوفر والعديد من الأوستراكا (الشقاقات) حسب ما جاء فى نفس المصدر اعلاه.. يقول الملك لابنه ناصحًا: "احذر مرؤوسيك، حتى لا يقع (حادث) خطير لم يكن أحد قد تنبه له، لا تقترب منهم، ولا تبق بمفردك، لا تضع ثقتك فى أخ، لا تعرف أصدقاء، ولا تخلق صداقات حميمة، فلا فائدة ترجى من ذلك. وإذا خلدت إلى النوم، فليكن قلبك ذاته هو الذى يتولى حراستك، فالإنسان لا يجد الأصدقاء فى يوم الشدة ".
ويظهر واضحًا عدم ثقة الملك بالمقربين وكأنه يتكلم عن تجربة شخصية لم يكن يتوقعها، ثم يذكر أن هناك عدم إخلاص ولا وفاء ولا عرفان بالجميل، ووصفها بأوصاف عميقة تربوا إلى درجة القسوة وتستشعر خيبة الأمل والغضب معًا فى مزيج حزين، حيث يقول: "ولكن ذلك الذي كان يأكل من طعامى، هو نفسه الذي كان يوجه اللوم (لى)، والذى مددت له يدى، هو نفسه الذى كان يثير الرعب ( وهنا يتكلم الملك بإستخدام "كان" أى حدث هذا فى الماضى) بسبب ذلك ومن كان يرتدى من أرق كتانى، كان ينظر إلى على نحو ما كان يفعل أولئك الذين كانوا محرومين منه.
والذين كانوا يتضمخون بطيب المر (الخاص بى) كانوا يبصقون على تعطيفي" ثم يشرح المؤامرة على حياته قائلًا: "كان ذلك بعد وجبة المساء، كان الليل قد حل، وأخذت ساعة راحة، فتمددت فوق سريرى وأنا غاية التعب، وبدأ قلبى، بالنسبة لى، يسعى وراء نعاسى، عندئذ شهرت أسلحة كان ينتظر منها على العكس، (وهذا تصريح واضح جدًا لعملية اغتيال منظمة ومؤامرة ممنهجة على حياة الملك جاءت من أناس مقربين له لم يكن يتوقع منها الفعل الشنيع) ان تسهر على (ضوضاء) القتال، إذ كنت بمفردى..". ثم يؤكد المؤامرة قائلًا: "وعلى الرغم من أن واحدة من أشهر الصيحات المعترضة على خيانة صديق".
خيانة في العصر المملوكي
أما عن خيانة الأصدقاء أو الزملاء من أجل كرسى الحكم فلدينا شاهد فى التاريخ على هذة الخيانة القاتلة، فقد اشترك قطز (مملوك من خوارزم واسمه الاصلى محمود وقطز كلمة مغولية أطلقها بائعوه ومختطفيه وتعنى الكلب الشرس) فى قتل "فارس الدين أقطاى"، وبذا تخلص المعز أيبك من منافسه وعدوه فارس الدين أقطاى زعيم المماليك البحرية، وهناك نظرية تقول بتورط "ركن الدين بيبرس البندقدارى" ( الظاهر بيبرس) فى قتل القائد قطز وهو عائد من الانتصار الذى غير خريطة العالم، ألا وهو موقعة وانتصار عين جالوت بقيادة قطز ضد التتر المغول ليحتل مكانة على عرش البلاد.
خيانة لصالح الفرنسيس
وللأسف الخيانات كثيرة ومنها المعلم يعقوب الملقب بالجنرال يعقوب الذى تعاون مع الحملة الفرنسية بإعتبارهم المخلصين من الخضوع للسلطان العثمانى.
وهو خائن ساعد الغزاة. وعند هزيمة الفرنسيين وفشل حملتهم الدموية، ركب السفينة "بالاس" ليخرج من القاهرة فى ١٨٠١، ولكنه مات على متنها إثر إسهال حاد بعد حمى، فى ١٦ أغسطس ١٨٠١ والسفينة قريبة من سواحل الأناضول الجنوبية الغربية. لم يلق بجثته فىالبحر
و لكن تم وضعها فى دن من سائل الروم، وقد تم دفنه فى مارسيليا بفرنسا.
خيانة لصالح الإنجليز
وفي التاريخ هناك "محمد بك الألفى" الذى اتفق مع الإنجليز مؤيدًا لغزوهم لمصر بجيشه المكون من شتات المماليك وكانت المؤامرة أن يهاجم القاهرة من الجنوب ويهاجم الإنجليز من الشمال ويتم القضاء على محمد على وجيشه، ومن ثم يتم تنصيب الألفى حاكمًا على مصر، ويكون للإنجليز السيادة. ولكنه، لم يصل إلى هدفه لأنه مات قبل وصول الجيش الإنجليزى للإسكندرية.
ومثله تواطىء مع الإنجليز "امين أغا" محافظ الإسكندرية فى عام ١٨٠٧م، وقد كان ضابط تركي، سلم الإسكندرية مقابل رشوة من المال.
الخيانة في العصر الملكي
ومن أشهر الخيانات التى حيكت ضد البطل المصري، صاحب أول ثورة شعب وجيش معًا، الزعيم أحمد عرابى والذي تم استهدافه بسهام الخيانة من جوانب عديدة. كتب عرابى فى مذكراته الذى وضعها فى كتاب سماه "كشف الستار عن سر الأسرار فى النهضة المصرية المشهورة بالثورة العرابية فى عام 1298و1299 هـ وفى 1881 و1882م".
ووثق "احمد عرابي محاولة خيانة من الخديو توفيق كاتبًا:" وفى مساء ذلك اليوم أرسل ناظر الجهادية المذكور (كان فى وقتها عثمان باشا رفقى، وقد وصفة عرابى بإنه:".... رجل جاهل متعصب لجنسه، غافل عما ينتج من سياسة التفريق والاستخفاف بالعنصر الوطنى من إحراج الصدور".) تذاكر يدعونا بها للحضور إلى ديوان الجهادية بقصر النيل فى صباح يوم 2 ربيع أول سنة 1298هـ للاحتفال بزفاف جميلة هانم شقيقة الحضرة الخديوية فأدركنا أنه يريد أن يخدعنا، ويبطش بنا كما فعل محمد على باشا بأمراء المماليك، حينما بالتاريخ إذ لم يكن الزفاف المحكى عنه قد حان بعد فكانت تلك الحيلة سابقة لأوانها ولذلك أخذنا حذرنا وهيأنا ما يلزم لنجاتنا". وقد تم القبض على عرابى ورفاقة بالفعل وسخر خسرو باشا منهم وهم فى المحبس لكن تم تحريرهم من قبل أورطتان (فرقتان) من آلاى الحرس الخديوى المواليين لعرابى، ولكنه سرعان ما حذر وتوسل لجنوده:" بان لا يمدوا أيديهم بسوء إلى أحد من الجراكسة ولا إلى غيرهم من الضباط لأنهم إخواننا...." كما كتب عرابى فى مذكراته.
وحتى فى أيام الخديوى إسماعيل وفى الحرب ضد الاحباش كانت الخيانة واضحة من جانب أركان حرب الأمريكيين الموظفين فى الجيش المصرى، ومن البكباشى خسرو أفندى وعثمان باشا رفقى (الذى منع خسرو من التقدم لمقابلة الأحباش على رأس أورطة خارج القلعة، وقد تم خذلان الحملة المصرية وتركت البلاد الحبشية التى كانت احتلتها.
وبعد انتصار عرابى فى معركة أبى قير لجأ الإنجليز إلى التقهقر، و"ولى منهزمًا"، وكبد جيش عرابى الجيش الإنجليزى فى معركة عزبة خورشيد خسائر وصلت إلى 17 جثة وخسائر عظيمة، وانتصر جيش عرابى ورغم انحياز الخديو توفيق للإنجليز، إلا أنه تم انعقاد مؤتمر عام في ديوان الداخلية 22 يوليو سنة 1882 و6 رمضان سنة 1299 صدرت فيه فتوى شرعية من الشيخ العارف بالله شيخ الإسلام والمسلمين السيد محمد عليش وشيخ الإسلام الشيخ حسن العدوي والشيخ الخلفاوي، وغيرهم من العلماء بمروق الخديو توفيق باشا من الدين مروق السهم من الرمية لخيانته لدينه ووطنه وانحيازه لعدو البلاد. كما جاء فى مذكرات عرابى، وتوفيق هو من ساعد الإنجليز على احتلال مصر وهزم جيش عرابى الإنجليز فى كفر الدوار، ولكن كانت الخيانة والخوف والانسحاب من البعض ودسائس الخديو فى معركة التل الكبير أدت إلى هزيمة عرابى وجيشه رغم بسالتهم وشجاعتهم التى اعترف بها الجنرال باتلر قائلًا:" حارب بنية صادقة وعزم ثابت ولم تعقه كل العوائق الكبرى التى وضعناها حواليه.... وقد خانهم الذين ائتمنوهم، ومع ذلك كان لا يجتمع منهم ١٠ أو ٢٠ أو ٥٠ إلا وثبتوا فى المتاريس أو منحدرات التلول أو فى سطح الصحراء".
ومن الخونة أيضًا سلطان باشا نائب الخديو الذى كان رئيس مجلس النواب الذى سجن ما يربو على ٣٠ ألف من المصريين ولم يسجن الجواسيس والمنافقين المواليين للخديوى ضد عرابى.
وقد أنعم الخديو توفيق على ٥٢ ضابطًا إنجليزيًا بالنيشان المجيد والعثمانى من رتب مختلفة، وأكد "دى لسبس" لعرابى حيادية قناة السويس فى الحرب ضد الإنجليز، ولكنه خانه ودخلت المراكب الحربية الإنجليزية فى قنال السويس وبالتالى فكر عرابى فى سد الترعة الحلوة.
أما الشاعر الذى أيد عرابى ونهضته فى البداية، على الليثى، سرعان ما خان عرابى بعد هزيمة الجيش المصرى ودخول الإنجليز اعتذر للخديو عن نفسه
وأمثاله فى قصيدة شعر ومنها: "يا عظيم الجناب يا خير ملك... سعده قد أباد من تقول....". وسار على نهج الليثى، عبد الرحمن الإبيارى قاضى الإسكندرية.
فمن دى ليسبس الذى أقنع عرابي بأن لا يردم أو يغلق قناة السويس لأنها محايدة وقت الحرب وكان متفقًا مع الإنجليز على السماح لهم بالمرور، لسلطان باشا لعلى مبارك الذى انحاز إلى جانب توفيق لبعض بدو الصحراء الذين أرشدوا الإنجليز على الممرات والطرق والدهاليز الموصلة لموقع الثوار العرابيين فى التل الكبير للسلطان العثمانى: الذى أعلن عصيان عرابى ومروقة قبل معركة "التل الكبير لخيانة "حنفى باشا" قائد حامية الجيش المصرى بالقاهرة، والذى أمد الإنجليز بخطط الثوار وتحركاتهم فى كفر الدوار وفى الشرقية الذى سما المصريين بال "خنفس" وهو الخائن الرئيسى فى إرشاد الإنجليز على الثغرات فى الجيش المصرى.
وقد كان "على بك يوسف" قائد الآلات المصرى الثالث الذى أخلى معسكرة ودل الإنجليز على أفضل طريق للوصول إلى قلب الجيش المصرى بناءً على طلب الإنجليز. وماذا عن الخائن سلطان باشا الذى قدم للقوات المحتلة الإنجليزية الهدايا وإستقبلهم.
وقد كافأه توفيق ب ١٠ آلاف جنية والنيشان المصرى وخلع عليه الإنجليز لقب "سير". فمع كل هذة الخيانات كيف كانت لثورة عرابى ورفاقه أن تنجح؟ وقد اكتملت خيوط مؤامرة الخونة قبل عودة عرابى بأكثر من شهرين من منفاه الذى تم تبجيله فيه من قبل أهل سيلان (سرى لانكا)، فبدأت حملة لتشويه عرابى ونشر الشركسي الأم، الشاعر أحمد شوقى، قصيدة يستهزىء فيها من عرابى ويثير الشائعات، بدأها بـ: "صغار الذهاب وفى الإياب... إلى آخر البيت".
تم تشويه تاريخ وسيرة البطل عرابى الذى طالب بأن تكون مصر للمصريين جميعًا لا ملكًا لشخص واحد أو عائلة واحدة، وان ينتخب الوالى بمعرفة الأمة ومشايخ القرى والبلدان بمعرفة الأهالى وإبطال السخرة وتحريم إستخدام الكرباج ضد الفلاحيين خاصة. وإلغاء المحاكم المختلطة وغيرها من الطلبات والأهداف العادلة.
وأيضًا الخائن "مصطفى فهمى باشا" العميل الذى تولى رئاسة الحكومة فى عهد الخديوى عباس حلمى ١٨٩٢ وبعد وفاة توفيق خضع لإرادة الإنجليز خضوعًا تامًا. وقد أقالة عباس حلمى وفى القائمة أيضًا "احمد زيور باشا عام الذى سلم للإنجليز تسليمًا كاملًا مما يعد (كما اكد المصدر التوثيقى) إنقلابًا كاملًا ضد معظم مكاسب ثورة ١٩١٩ وسمح بإنسحاب الجيش المصرى من السودان. وفى ٢٢ أكتوبر ١٩٣٠ أصدر "إسماعيل صدقى" مرسوم ملكى يلغى فيه دستور ١٩٢٣، وإعلان دستور ١٩٣٠ الذى يشل السلطة التشريعية ويعطي الملك سلطة بلا حدود لها ظلمًا، وصل إلى إعطاء الملك الحق فى حل البرلمان الذى أصبح فى ظل هذا الدستور ضعيفًا وهنا ليس له الحق فى إقتراح القوانين وبحث الميزانية يعتبر هذا المرسوم الملكى خيانة لثورة ١٩١٩م، ولكن وبعد حوالى سنوات ألغى الملك هذا الدستور بدافع خوفه من ثورة ضده
حادثة دنشواي
ومن أقسى الخيانات فى تاريخنا الحديث، حادثة بل كارثه دنشواى، تلك القرية المشهورة بحمامها الكثير والذي رغب فريق من الجنود البريطانيين الغاشمين اصطياده. فأصابوا زوجة مؤذن القرية رغم تحذيرات حسن محفوظ، وهو كان يبلغ من العمر الخامسة والسبعين من ان نيران بنادق الإنجليز من الممكن أن تحرق الجرن، وكذلك صاح بهم "شحاته" وتم الإشتباك وهرب جنديين. حاول الفلاح المصرى الشهم "سيد أحمد سعيد" أن يقدم الماء للضابط الملقى على الأرض، فلما رأه البريطانيين ضربوه حتى هشموا رأسه ومات، استشهد المصرى العظيم، وهو معروف بشهيد سرسنا (على بعد بضعة كيلومترات من "كمشيش"). ولم يحاكم أحد من البريطانيين القتلة، ولكن تم محاكمة المصريين ظلمًا وجورًا، محكمة مخصوصة كان قوامها عدد من الخونة والظلمة.
رئيس المحكمة كان بطرس باشا غالى الذى كان هو ذاته الشخص الذى أصدر قرار بتشكيل المحكمة بوصفه وزير الحقانية بالنيابة، وهو بعيد كل البعد عن الحق والعدل. من الأعضاء كان "احمد فتحى بك زغلول" ( وقد لقب الباشا فيما بعد) وهو أخو سعد زغلول وقد كان رئيس محكمة مصر الإبتدائية، وعثمان بك مرتضى رئيس أقلام وزارة الحقانية سكرتيرًا للمحكمة، اما الهلباوى فهو الخائن الذى برىء الإنجليز من جريمتهم الشنعاء وأدان الفلاحيين الأبرياء.
وقد كتب فيه الشاعر حافظ إبراهيم قصيدة منها: "انت جلادنا فلا تنس أنا لبسنا على يديك الحداد". تم إعدام أربعة منهم الشيخ ذو ال ٧٥ عامًا من العمر حسنى محفوظ، والحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة لإثنان،
و أشغال شاقة خمس عشرة سنة لواحد، و٧ سنوات أشغال شاقة لستة أشخاص، وسنة حبس مع التشغيل لأربعة مع جلدهم خمسين جلدة لكل منهم. وخمسين جلدة لخمسة أشخاص. الخيانة والوحشية والظلم.
الخيانة في العصر الحديث
وقد روى لنا اللواء رشاد قصة واحدة من أشهر الجواسيس الخونة فى العصر الحديث، خانت مصرنا العظيمة ألا وهى "هبة سليم" الجاسوسة التى جندت الضابط الخائن "فاروق الفقى" وتم استجوابها ٧١ يوم.
وقد كانت طالبة تدرس فى قسم الأدب الفرنسى – عين شمس، والذى إختار مديره الفرنسى "هبه" ليجندها، وقد منحت هبة منحة دراسية لباريس، وقد زارت الجاسوسية هبة سليم الكيان الصهيونى نسعة مرات، وقد تم القبض عليهما وتم إعدام الخائن فاروق عبد الحميد الفقى رميًا بالرصاص. والغريب أن هبة الخائنة قد كانت مقتنعة بما تفعله وقالت فى التحقيق إنها عملت عملًا وطنيًا وكان شرحها ووجهة نظرها الواهية أنه لا قبل للمصريين بالحرب ضد الكيان الصهيونى وتفاديًا لمزيد من الأرامل والقتلى يجب أن تصنعوا سلام مع إسرائيل.
وكانت على علم بإنه ا سوف تعدم. وقد اصطاد الجاسوسة "هبة عبد الرحمن سليم"، السفير المصري الهمام فخرى عثمان، وهو الذى جلبها إلى مصر من طرابلس. وقد كانت من أهمية هبة للصهاينة أن جولدا مائير كانت تحتفى بهبه سليم.
ومن تفاصيل عملية اصطياد الجاسوسة هبة إنه تم إضعاف الإضاءة فى طرابلس بليبيا واستقبلها فخرى عثمان بحرارة تمثيلية ليصطحبها لزيارة والدها المريض فى ليبيا لإنه كان يعمل هناك وتحدث معها لمدة ساعتين ولم تسأل عن صحة والدها أما عملاء الصهاينة اللذين كانوا معها فى الطائرة وسط الركاب، حدث إنه عندما نزلوا فى المطار لم يجدوها حولهم فإتصلوا من تليفون من طرابلس بالموساد ليبلغوهم، وقد أكد فخرى عثمان فى سفارتهم فى باريس إنه عندما علم المسئول عن الموساد فى السفارة فى باريس واسمه "أدمون" أقدم على الانتحار بالرصاص.
وقد قبض عليها اثنان من أفراد الأمن المصريين من السفارة المصرية وقيدوهما بالكلابشات ووضعوا كوفيتها على يديها كى لا تظهر الكلابشات وقد صرخت الجاسوس هبة ونادت على فخرى عثمان فتم لكمها مرتين لكى تتوقف عن الصراخ. وتم إقتيادها إلى الطائرة الأخرى وهى طائرة مصر للطيران إلى مصر. رغم أن "كيسنجر" جاء إلى مصر فى غير توقيته إلى أسوان لمقابلة السادات قائلًا أنه معه رجاء من نيكسون وجولدا مائير لإعفاء "هبة سليم" من الإعدام ولكن السادات آنذاك رد عليه بذكاء ودهاء أنه تم إعدامها من مدة ولكن الحقيقة أنه بعد لقاء نيكسون الأول إتصل بالمسئوليين وأمر بإعدامها لأنها لم تكن قد أعدمت بعد. وكانت خدعة من السادات خدع بها نيكسون، وام إعدام هبة سليم على يد عشماوى الشهير لينتهى فصل من أشهر فصول الخيانة فى العصر المصرى الحديث.