"ملوك البحار ونابليون الشرق".. أمجاد العسكرية المصرية عبر العصور
فى الذكرى 49 لنصر أكتوبر خبير آثار يرصد ملامح العسكرية فى مصر القديمة
أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار أن تاريخ مصر العسكرى وملوكها وقوادها العظام يدّرس فى معظم الأكاديميات العسكرية فى العالم بصفتها أقدم وأعظم إمبراطورية انتشرت شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا والتي طُبق منها الحرب العالمية خُطط تحتمس الثالث.
سقنن رع
ومن الشخصية العسكرية الملك سقنن رع تاعا الثاني (1560 ق.م أو 1558 ق.م) أول من بدأ القتال الفعلى لطرد الهكسوس من مصر والذي أنهاه ابنه أحمس الأول، ومات الملك سقنن رع وهو يحارب الهكسوس، ولتحتمس الأول ( 1506 إلى 1493 ق.م) الذى قضى على تمرد النوبة حيث سافر إلى أعلى نهر النيل وقاتل شخصيًا في المعركة، وقتل الملك النوبي وبعد الانتصار قام بتعليق جسد الملك النوبي على مقدمة مركبه قبل أن يعود إلى طيبة وساعد هذا في اندماج النوبة في الإمبراطورية المصرية.
تحتمس الثالث نابليون الشرق
ويشير الدكتور ريحان إلى أعظم القواد فى التاريخ العسكرى للعالم القديم وهو تحتمس الثالث (1457- 1425ق.م.) المحارب الأسطورى الذى قام بستة عشرة حملة عسكرية على آسيا «منطقة سورية وفلسطين» استطاع ان يثبت نفوذه هناك كما ثبت نفوذ مصر حتى بلاد النوبة جنوبًا، حيث بنى القلاع والحصون وقام بتدريب الجنود على أفضل التدريبات وتوسع في استخدام العربات في القتال وفي حملة معركة مجدو قسم جيشه إلى قلب وجناحين واستخدم تكتيكات عسكرية ومناورات لم تكن معروفة من قبل، كما أنشأ أسطولًا بحريًا استطاع أن يبسط سيطرته على الكثير من جزر البحر المتوسط مثل قبرص وأيضا بسط نفوذه على ساحل فينيقيا «سواحل لبنان وفلسطين حاليًا» وبذلك فهو أول من أقام أقدم امبراطورية عرفها التاريخ، امتدت من أعالي الفرات شمالًا حتى الشلال الرابع على نهر النيل جنوبًا وأصبحت مصر أقوى وأغنى امبراطورية في العالم عاش فيها المصريون قمة مجدهم وقوتهم
رمسيس الثاني
أمّا رمسيس الثاني فقد قادعدة حملات شمالًا إلى بلاد الشام، وفي معركة قادش الثانية في العام الرابع من حكمه (1274 ق.م.)، قامت القوات المصرية تحت قيادته بالاشتباك مع قوات مُواتالّيس ملك الحيثيين استمرت لمدة خمسة عشر عامًا ولكن لم يتمكن أي من الطرفين هزيمة الطرف الآخر. وبالتالي ففى العام الحادى والعشرين من حكمه (1258 ق.م.)، أبرم رمسيس الثاني معاهدة بين مصر والحيثيين مع خاتوشيلي الثالث، وهي أقدم معاهدة سلام في التاريخ.
ملوك البحار
وكان المصريون ملوك البحار فى العالم القديم حيث أبحروا إلى الشرق والغرب والعمق الأفريقى وقد اشتهر الملك أمنحتب الثالث برحلاته وبعثاته الاستكشافية عبر البحار وهى ما أطلق عليها رحلات البحث والمعرفة وقد سجل فى تاريخ مصر القديمة أنه أرسل بعثاته المشهورة مزودة بجنود البحر الأشداء ورجال المعرفة وقد خرجت رحلته الأولى لتقتفى أثر الشمس فى مدارها ومسيرتها نحو الغرب عبر البحر الأبيض حتى وصلت شاطئ المحيط الأطلسي.
الجيش المصري
ويتابع الدكتور ريحان بأن الجيش المصرى فى عهد الدولة الحديثة كان يتكون من قسمين رئيسيين المشاة والعربات الحربية وكان المشاة هم من يدخلون الأرض المفتوحة ويقيمون الحصون وكانت تشكيلات المشاة من مشاه عادية ومشاه قوات خاصة علاوة على القوات الأجنبية وكانت الوحدة الرئيسية فى تشكيلات الجيش هى "السرية" التى تنقسم إلى فصائل والفصائل إلى جماعات وكل جماعة من عشرة أفراد ويتلقى قائدها أوامره من قائد الفصيلة الذى يعرف بقائد الخمسين حيث تتكون الفصيلة من 50 جندى وقائد السرية وحامل اللواء وأركان حرب السرية ثم كاتبها وهناك أيضًا الكتيبة وتتكون من سريتين وكان أفراد المشاه ينقسمون إلى رماه وحملة الرماح، أمَا القوات الخاصة فكانوا يتميزون بصغر السن ويتلقون تدريبات خاصة، وكان الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة.
المرأة المصرية والجيش
وأردف الدكتور ريحان بأن المرأة فى مصر القديمة كان لها دورًا رياديًا فى الحياة العسكرية حيث منح أرفع وسام عسكرى لإياح حتب أم الملك أحمس بعد الانتصار فى حرب التحرير ضد الهكسوس والملكة أحمس نفرتاري زوجة الملك أحمس الأول طارد الهكسوس التى لعبت دورًا بارزًا في المعركة التي انتهت بطرد الغزاة من مصر وكانت أول امرأة في التاريخ تتقلد منصب قيادة فرقة عسكرية كاملة وقاتلت بكفاءة شديدة.
أحمس نفرتاري
وكانت الملكة أحمس نفرتاري زوجة الملك أحمس الأول محرر مصر وطارد الهكسوس والآسيويون أول امرأة في التاريخ تتقلد منصب قيادة فرقة عسكرية كاملة وقاتلت بكفاءة شديدة، وضربت الأم (اياح حتب) مثلًا رائعًا وعظيمًا لدور المرأة المصرية في المشاركة في النضال الوطنى ضد المستعمر واستمرت في مواصلة دورها الوطني الجميل بتحفيز وتشجيع ابنها الأصغر (الملك أحمس الأول) وحثه على استكمال الثوره التي راح ضحيتها أبيه سقنن رع واخيه الأكبر كاموس واستمرت تحثه على تحرير البلاد من الهكسوس وبالفعل تولي أحمس زمام الأمور وقيادة الثورة القومية ضد الهكسوس للمرة الثالثة مع الاستفادة من أخطاء أبيه وأخيه من حيث تطوير الأسسلحة في الجيش المصري فأرسل الجواسيس في صفوف جيش الهكسوس ليعرف مدي تطور أسلتهم ونوعها وكفاءتها القتالية وصنع مثلها مثل العجلات الحربية التي يجرها حصانين وجنديين وزاد من فاعليتها الكفاءة القتالية والسرعة للجيش المصرى وتطوير العجلة الحربية حتى أصبحت تجر بحصانيين وجنديين بدلًا من حصان وجندى واحد وتمكن أحمس من طرد الهكسوس من مصر.