بعد رحيله.. جورج حبيب بباوي يثير الجدل مجددا في الشارع الكنسي
يعتبر اسم الدكتور جورج حبيب بباوي من أكثر الأسماء إثارة للجدل في السنوات الأخيرة بالشارع الكنسي، نظرًا لحالته المُعقدة، فعلى الرُغم من إنه لم يولد مسيحيًا، بل ولد لأسرة يهودية- حسب ما جاء في الموقع الرسمي لكنيسة القديس تكلا هيمانوت الحبشي، بحي الإبراهيمية، بمحافظة الإسكندرية- إلا أنه انضم للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، عام 1957، حيث كان قد بلغ التاسعة عشر من العمر، حيث أنه ولد في 27 نوفمبر 1938.
ولم يكتف «بباوي» بأن يصبح مؤمنًا عاديًا بين مؤمني الكنسي، بل آثر أن يحفر اسمه بين جداريات العلم الكنسي واللاهوتي، وهو ما بدأه بالدراسة في الإكليركية، ونبوغه بها ليصبح معيدًا بها عام 1961، مما دفع البابا الراحل شنودة الثالث؛ لاحتضانه، ولعل أبرز ملامح هذا الاحتضان هو اصطحابه معه في زيارته التاريخية لروما، وكذا زيارته الأولى للولايات المُتحدة الأمريكية عام 1977، إلا أن الأمور لم تسير في هذا الاتجاه الهادئ، بعد أن بدأ «حبيب» في الترويج لبعض الأفكار ذات الطابع اللاهوتي والعقيدي، بشكل خاطئ، ومخالف لتعاليم المسيحية، ولا سيما الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مما دفع مجمع مطارنة وأساقفة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والمعروف بالمجمع المقدس، برئاسة البابا الراحل شنودة الثالث، وسكرتارية المطران الراحل الأنبا بيشوي، بتوقيع عقوبة كنسية عليه وهي «القطع»، وذلك عام 2007.
عاد اسم «جورج حبيب بباوي»، للألسن، بعد سماح الكنيسة القبطية بتناوله من سر الأفخارستيا، قبيل رحيله بشهور، في إشارة ضمنية قد تعني مسامحته أو ضمه للكنيسة، إلا أن هذا لم يُعلن رسميًا حتى رحل.
أيقونة «جورج»
منذ أيام، خرج الفنان القبطي فادي سمير، بصورة من رسمه لجورج حبيب بباوي، بالفن القبطي، ونشرها عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وجاء ذلك تحت شعار: «إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ، وهو نص إنجيلي ورد في الفصل الخامس من الرسالة الثانية للقديس بولس إلى شعب الكنيسة في مدينة كورنثوس.
وقدم «فادي» شرحًا لصورته المرسومة فقال: «إن الأيقونة إنجيل مصور ونافذة مفتوحة بين الأرض والسماء، والتطلع من خلال نافذة الأيقونة إنما هو التطلع مباشرة إلى العالم السماوى، لم تستخدم الكنيسة الأيقونة على إنها لوحة فنية جذابة، بل إعتبرتها تعبيرًا عن ظهور النماذج الملكوتية، وهذه النماذج الملكوتية ماهى إلا خليقة جديدة لأن الأشياء العتيقة قد مضت وصار الكل جديدًا فى المسيح يسوع، الخليقة الجديدة " كانت محل اهتمام وإيمان د. جورج فكانت عنوان رسالة الدكتوراه الخاصة به المقدمة لجامعة كامبريدج، وكل مافي حياته عبر عن الخليقة الجديدة من حيث وعيه واستنارة عقله وتعاليمه النابعة من لاهوت المدرسة السكندرية فصار كما لو كان أحد الأباء السكندريين».
وواصل شرحه للأيقونة فقال: «أول ما يلفت الانتباه فى الايقونة هو ملبسه الناصع البياض وفى لمحة بسيطة يذكرنا بحادثة تجلي يسوع المسيح بكونها حادثة تجلي الخليقة الجديدة فكان د جورج ينهل من النور الغير مخلوق الذى للمسيح محققًا فى كيانه الخليقة الجديدة بالروح القدس، وهذا هو البُعد اللاهوتى إنما البُعد الواقعي إنه كان شماسًا بدرجة دياكون وهذا ما يعبر عنه بالتونية والبطرشيل، ولا يستطيع احدا أن يتشارك الخليقة الجديدة مع المسيح يسوع ألا من خلال الروح القدس واهب القداسة ومجدد خلقتنا، فكان الروح القدس هو العامل فى حياة د جورج ومجدد كيانه العتيق بالجديد، كما يظهر الروح القدس على شكل حمامة بداخل نجمه سباعية الاطراف إشارة إلى 7 أيام الخلق واكتمال الخلق فى بشرية يسوع وهذا عمل الروح القدس فى داخلنا فهو ينقل كل ماتم فى بشرية يسوع المسيح إلى كل واحد منا حسب غنى مجده ونعمته».
وأضاف: «والنجمة باللون الأزرق إشارة إلى المجد الإلهي، واللون الأزرق فى الأيقونة يدل على المعرفة التى لا تدرك بالعقل لكن بالقلب وهذة المعرفة هى عطية من الروح القدس، كما أن اللون الأحمر القاتم أو الأرجواني فى الأيقونة يدل على الإنسانية المتألمة، فكان الدكتور جورج رجل الآلام عن حق ومختبر أوجاع.. فالألم قادر على تشكيل الانسان وعلى نموه ود جورج استغل الألم لبناءه فلم يكسره الألم بل جعله إنسان أقوى، ويلمع رداءه الأحمر بلسعات إضاءه بنفسجية إشارة إلى اتحاده بالله من خلال ألمه، فاللون البنفسجى مزيج مابين ( الأحمر رمز الألوهة والأزرق رمز الإنسانية ) فيكون اللون البنفسجى هو رمز للإنسانية المتحدة باللاهوت».
وتابع: «فى الخلفية تظهر منارة الإسكندرية للإشارة إلى تعاليمه المأخوذة من اللاهوت السكندرى، والأهرامات المصرية للإشارة إلى هويته القبطية الأصيلة، كما أن اللون الأخضر فى أسفل الأيقونة يرمز إلى حياة التجديد فى الطبيعة البشرية، والروح المرسل من فوق يأخذ ما هو تحت ويرتفع به إلى علوه».
الأيقونة المرفوضة
الأيقونة المنتشرة عبر الفيس بوك، لم تلق ترحيبًا من الأقباط، فحازت على تجاهل الكنيسة، ورفض نسبة ليست قليلة من الأقباط، فرفض القمص موسى ابراهيم، متحدث الكنيسة الرسمي، التعليق على الصورة، أثناء تواصله مع «الفجر»، معتذرًا عن التعقيب، راعي آخر وهو القمص دانيال داوود، كاهن كنسية مارمرقس ومارجرجس بدير التلاميذ بسوهاج، آثر التجاهل فقال في تصريح خاص “للفجر” نصًا: «التجاهل أفضل..دي رأيي.. لأن الكلام الكتير ده ترويج لحاجة غلط».
من جانبه، علق على الأمر الباحث مينا أسعد كامل، الباحث في علم اللاهوت العقيدي بأسقفية الشباب، في تصريح خاص قائلًا: «الصورة حسب الفن القبطي المرسومة للمحروم كنسيا جورج حبيب بباوي هي محاولة من مريديه تزييف التاريخ لأجيال قادمه ظنا منهم أنهم قادرون على نشر تعاليمه المخالفة للإيمان والتي حرم بسببها بالترويج لقداسته. فما أشبهها بأيقونه لاريوس أو نسطور فلا فارق».
وأضاف: «وهي محاولات تكررت كثيرا من أتباعه منذ الترويج على خلاف الحقيقة أنه لم يحاكم إلى الترويج أنه دكتور في كامبردج ! وبالتدقيق اتضح إنه كان يقوم بالتدريس في مكان يؤجر مبانيه في نطاق جامعه كامبردج ولا ينتمي للجامعة، ثم يروجون إلى أنه على رتبه دياكون علما بأن يعلم الجميع أن جورج بباوي طلق زوجته الأولى - لغير الزنا - وتزوج من أخرى بالكنيسة اليونانية لتكون له "زيجتان" وطلاق لغير العلة ووفقا لقوانين الكنيسة تسقط رتبه فورا.. فهو محروم بقرار مجمعي ومخالف للقوانين الكنسية.. فمن يخدعون بصورته ؟».!