حامد بدر يكتب: احتراف الانحراف.. الأمن المروي وأشياء أخرى
تفاجأ العديد من رواد التواصل الاجتماعي في اليومين الماضيين بمشهدين مثيرين يحبسان الأنفاس، الأولى لقائد سيارة على طريق السويس في واضح النهار، يؤدي حركات استعراضية وقد فتح الباب الجانبي الخاص به وسط السيارت وبسرعة جنونية، والثاني يضبط سيارته في خط مستقيم ليفك كبح جماحها فتسير على إحدى الطرق السريعة؛ قاصدًا بذلك ركوب "التريند".
الأمن المروري
أولى قواعد الأمن المروي أن يحافظ الإنسان خلال قيادته على سلامة الآخرين للحفاظ على نفسه، فلقد صنعوا السيارات لأداء غرض واحد ألا وهو مهمة الانتقال من مكان لآخر، وما دون ذلك فهي على سبيل الكماليات التي لا تدخل ضمن احتياجات الفرد من اقتناء سيارة خاصة.
يحتاج أبناء هذا الجيل والنشء أن يتعلموا كثيرًا عن مثل هذه القواعد لأنها تدخل في إطار فهم أوسع للطرق والتعامل عليها.
درس سياسي
الطرق أول الدروس الاكثر بداهة التي يمكن أن يتعلمها الإنسان، فهذا الدرس السياسي ما يمكن أن يعلِّم الأفراد أن هناك غيرهم على طريق الحياة وليسوا وحدهم.
إنه للأسف ليست المشكلة فقط في مخالفة قاعدة مرورية، المشكلة في نقص ثقافة القيادة داخل المجتمع، فربما هذا النقص يكون مؤثرا كبيرًا في طريقة التعامل في الحياة، ولهذا نفقد الفهم الحقيقي لقبول الآخر، الذي يتطور لإنكاره أو عدم الاعتراف به في أبسط المواقف على طريق القيادة.
مسألة فيها نظر
تتبلور أغلب القافات في إشكالية أم، وهي الاعتراف بحقوق الآخر، أنت على الطريق لست قائدًا لسيارة فحسب، انت على مضمار يحويك وغيرك نحو المختلف من الأهداف، ايًا كانت هذه الأهداف..
هذه ليست دعوة للتضخيم، إلا أن ساعة الأخطار والمعضلات الكبرى يتم الحياب بميزان الخسائر والمكاسب، فانحراف الإنسان لا يأتي إلا من قبيل التهاون فيما قد يراه من سفساف الموضوعات، وهو من أعاظمها.
كم من حرب قامت جرَّاء شرارة، فما النار إلا من مستصغر الشرر، كم من فقد لحياة إنسان لم تكن وراء مصيبتها أكثر من تهاون أو مزحة.
الحرية والحدود
أول ما قاله الفلاسفة عن الحرية، إنه ا تنتهي حيث يبدأ الأخرون، فحريتك ليست مجرد استقلالية، بل إن منظورنا نحو حدود الآخرين هو الاصل والأساس، وأيضًا الأمان، فهذا ما يجعلنا داخل دوةل القانون، ويفصلنما عن شريعة الغاب.
إن حرية الإنسان، لا تعني أن يسعى نحو المهالك، وإن ثقافة الحرية أهم من الحرية ذاتها، فكم كمن متحرر أحفق فلم يصل نحو المراد.
سؤال عن الموارد
بعد ما نراه من هذا الاستهتار يحق لنا ببساطة أن نسال عن الموارد وامتلاكها، فكيف لشخص يمتلك سيارة ثمنها عشرات الآلاف من الجنيهات، أن يغامر بها بهذه السهولة؟
إن كانت الحياة هيِّنة على مثل هؤلاء، فكيف لا يكون هناك قول في القانون يحاسب أمثال هؤلاء بأشد العقوبات، حتى وإن كانوا فاقدين للوعي، في وقت تمرّ بلادنا بحالة اقتصادية هي على محك من المخاوف؟