"رسوماته لا تزال حية".. ناجي العلي الذي أمن بأن الفن هو البندقية والحبر رصاصها
بعد موته، ألهم جيلًا جديدًا من رسامي الكاريكاتير السياسيين الجريئين في جميع أنحاء الشرق الأوسط الذين ينقلون إرثه إلى الأمام. ناجي العلي-الذي كان يؤمن بأن الفن هو البندقية والحبر رصاصها-. بالنظر بعناية إلى الرسوم الكاريكاتورية له، يمكن للمرء أن يفهم سبب بقائها مشهورة جدًا وذات صلة. لم يتغير شيء يذكر في المنطقة. بل تستمر النزاعات في جميع أنحاء العالم..
35 عامًا مروا على رحيل رسام الكاريكاتير الفلسطيني، ومازال الغموض حتى الآن يكتنف سبب اغتياله، وتزامنًا مع هذه الذكرى نستعرض فيما يلي أبرز رسومات ناجي العلي والتي تصل لقرابة الأربعين ألف كاريكاتير، كانت أقوى من الرصاص.
حنظلة
فعل الرسام الكاريكاتير الفلسطيني، ما لم يستطع الحكام العرب فعله ضد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، واستطاع بريشته أن يؤلب الرأي العام العالمي ضد انتهاكات الاحتلال، بفضل رسوماته التي كان بطلها طفل مكبل اليدين من الخلف يبلغ من العمر 10 أعوام، ويُدعى "حنظلة"، وأصبح حنظلة بمثابة توقيع الرسام الفلسطيني كما بات رمزًا للهوية الفلسطينية.
وقال "العلي"، عن "حنظلة"، إنه بمثابة الأيقونة التي تمثل الانهزام والضعف في الأنظمة العربية، حيث ولد حنظلة في العاشرة في عمره وسيظل دائما في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادر فلسطين وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء".
كان لدى ناجي شخصيات أخرى رئيسية تتكرر في رسومه، شخصية المرأة الفلسطينية التي أسماها فاطمة في العديد من رسومه. شخصية فاطمة، هي شخصية لا تهادن، رؤياها شديدة الوضوح فيما يتعلق بالقضية وبطريقة حلها، بعكس شخصية زوجها الذي ينكسر أحيانا. أما شخصية زوجها الكادح والمناضل النحيل ذي الشارب، كبير القدمين واليدين مما يوحي بخشونة عمله.
مقابل هاتين الشخصيتين تقف العديد من الرسومات التي عبرت عن بعض الأحداث، كمقبرة شهداء صبرا وشاتيلا، والتي بدأت مقدمات المجزرة في 13، و14 من سبتمبر 1982، عندما تقدمت القوات الإسرائيلية المحمية بغطاء جوي كثيف إلى داخل العاصمة بيروت بعد أن غادرها مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية، ونشرت عشرات الدبابات على أطراف مخيم صبرا وشاتيلا، وأحكمت حصارها على المخيم.
وخرقت إسرائيل بذلك اتفاق فيليب حبيب -المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي آنذاك رونالد ريغان إلى الشرق الأوسط- وهو أول اتفاق رسمي يتم التوصل إليه بين منظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية تم التوقيع عليه في 24 يوليو 1981.
لازالت رسوماته حية
تلقى ناجي العلي إثر تلك الرسمة تهديدات بالقتل، لكنه لم يكن يخشى أحدًا، فضلًا عن التهديديات التي سبق وأن تلقاها مرارًا، إلا أن قد أصاب الهدف، وبالفعل تعرض الرسام الفلسطيني لعملية اغتيال أثناء سيره في أحد شوارع لندن، وقام أحدهم بإطلاق رصاصة في رأسه، يوم 22 يوليو 1987، فسقط على الأرض وتبعثرت رسوماته، فتم نقله إلى المستشفى، ليدخل في حالة غيبوبة، ويفارق الحياة بعد 5 أسابيع، تحديدًا في 29 أغسطس 1987، عن عمر ناهز الخمسين عامًا.
وأعاد ابنه خالد إنتاج رسوماته، بعد وفاته، في عدة كتب جمعها من مصادر كثيرة، وتم ترجمة العديد منها إلى الإنجليزية والفرنسية ولغات أخرى، كما حصل على العديد من الجوائز من بينها الجائزة الأولى في معرضي الكاريكاتير للفنانين العرب في دمشق عامي 1979 و1980، وصنفته صحيفة يابانية أحد أشهر عشرة رسامين للكاريكاتير في العالم.