البابا فرنسيس: "الإنسان ليس بالمنصب الذي يشغله وإنما بالحرية التي يتمتّع بها"
ترأس قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، اليوم الأحد، القداس الإلهي في ساحة بازيليك القديسة مريم في كوليماجيو بمدينة لاكويلا الإيطالية، وألقى الأب الأقدس عظة قال خلالها "القديسون هم تفسير رائع للإنجيل، وحياتهم هي وجهة النظر المميزة التي يمكننا من خلالها أن نرى البشرى السارة التي جاء يسوع ليعلنها، أي أن الله هو أبونا وأن كل واحد منا هو محبوب منه، هذا هو قلب الإنجيل، ويسوع هو الدليل على هذا الحب، تجسده، ووجهه.
وأضاف البابا فرنسيس: "الإنسان ليس بالمنصب الذي يشغله، وإنما بالحرية التي يتمتّع بها والتي يظهرها بالكامل عندما يتَّخِذُ المَوضِعَ الأَخير، أو عندما يُحفظ له مكان على الصليب".
تابع البابا فرنسيس قائلًا: "نحتفل اليوم بالإفخارستيا بيوم مميّز لهذه المدينة ولهذه الكنيسة: الغفران الكامل للبابا شيليستينوس الخامس".
وأضاف الأب الأقدس قائلًا: إنَّ قوة المتواضعين هي الرب، لا الاستراتيجيات، والوسائل البشرية، ومنطق هذا العالم. بهذا المعنى، كان البابا شيليستينوس الخامس شاهدًا شجاعًا للإنجيل، إذ لم يتمكّن أي منطق للسلطة من أن يسجنه ويديره. فيه نُعجب بكنيسة حرّة من المنطق الدنيوي وشاهدة بشكل كامل لاسم الله الذي هو الرحمة. هذا هو قلب الإنجيل، لأن الرحمة هي أن نعرف أننا محبوبون في بؤسنا".
وتابع البابا فرنسيس قائلا: "أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، لقد عانيتم كثيرًا بسبب الزلزال، وكشعب أنتم تحاولون أن تنهضوا وتقفوا مجدّدًا على أقدامكم؛ لكن يجب على الذي تألّمَ أن يكون قادرًا على أن يغتني من ألمه، عليه أن يفهم أنه في الظلام الذي اختبره قد أُعطيت له أيضًا عطيّة فهم آلام الآخرين. يمكنكم أن تحرسوا عطية الرحمة لأنكم تعرفون معنى أن تفقدوا كل شيء، وأن تروا انهيار ما قد بنيتموه وأن تتركوا أكثر ما كان عزيزًا عليكم وتشعروا بفجوة غياب الذين أحببتموهم. يمكنكم أن تحافظوا على الرحمة لأنكم قد اختبرتم البؤس. يمكن لأي شخص في الحياة، دون أن يعيش بالضرورة خبرة الزلزال، أن يختبر "زلزال الروح"، الذي يضعه في اتصال مع هشاشته ومحدوديّته وبؤسه".
وأوضح قائلًا: "في هذه الخبرة يمكن للفرد أن يفقد كل شيء، لكن يمكنه أيضًا أن يتعلم التواضع الحقيقي. في مثل هذه الظروف، يمكن للمرء أن يسمح للحياة أن تحوِّله إلى شخص شرِّير أو يمكنه أن يتعلم الوداعة. لذلك فالتواضع والوداعة هما ميزتان لمن لديه واجب أن يحافظ على الرحمة ويشهد لها. ولكن هناك جرس إنذار يخبرنا ما إذا كنا نسلك الطريق الخطأ، وإنجيل اليوم هو الذي يذكرنا بذلك. دُعي يسوع لتناول الغداء في منزل أحد الفريسيين ولاحظ بدقة كيف أنَّ كثيرين يركضون لشغل أفضل المقاعد على الطاولة. وهذا الأمر منحه الفرصة لكي يضرب مثلًا لا يزال يصلح لنا اليوم أيضًا: "إِذا دُعيتَ إِلى عُرس، فَلا تَجلِس في المَقعَدِ الأَوّل، فَلَرُبَّما دُعِيَ مَن هُوَ أَكرَمُ مِنكَ. فَيَأتي الَّذي دَعاكَ وَدَعاهُ فَيَقولُ لَكَ: أَخلِ المَوضِعَ لِهَذا. فَتَقومُ خَجِلًا وَتَتَّخِذُ المَوضِعَ الأَخير". في كثير من الأحيان، يفكر المرء بأن قيمته ترتبط بالمنصب الذي يشغله في هذا العالم. ولكنَّ الإنسان ليس بالمنصب الذي يشغله، وإنما بالحرية التي يتمتّع بها والتي يظهرها بالكامل عندما يتَّخِذُ المَوضِعَ الأَخير، أو عندما يُحفظ له مكان على الصليب، إنَّ المسيحي يعرف أن حياته ليست مهنة على طريقة هذا العالم، بل مهنة على طريقة المسيح، الذي سيقول عن نفسه أنه جاء ليَخدُم ولا ليُخدَم".