نهاد أبو القمصان فى حوارها لـ "الفجر": ٧ محاور أساسية لضمان وجود قانون أحوال شخصية مُنصف
من لا يريد كتابة قائمة منقولات عليه تأثيث شقة الزوجية بمفرده
لدينا ٢ مليون حالة طلاق طبقًا لآخر إحصائية رسمية
قالت نهاد أبو القمصان رئيس المركز المصرى لحقوق المرأة، وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن العنف ضد المرأة من أهم القضايا المطروحة على أجندة الحوار الوطنى، وأضافت فى حوارها لـ«الفجر» إن حادث قتل نيرة أشرف، والتنمر على بسنت حميدة الفائزة بدورة ألعاب البحر المتوسط كشفا عن الوجه القبيح لمن يحصرون المرأة فى طبيعة ملابسها، لافتة إلى أن المرأة عانت فى المجتمع حتى وصلت لما هى عليه فى السلك القضائى، وإلى نص الحوار:
■ مازال قانون الأحوال الشخصية يثير الجدل.. فى رأيك ما أهم البنود التى يجب أن يتضمنها القانون الجديد؟
- قانون الأحوال الشخصية الحالى به العديد من المشكلات التى غالبًا ما تدفع ثمنها النساء والأطفال، ولمعالجة تلك المشكلات التى يعانى من تبعاتها المجتمع ككل لا بد من وجود ٧ محاورأساسية يجب أن يشتمل عليها قانون الأحوال الشخصية ليكون قانونًا عادلًا ومنصفًا لجميع الأطراف وهى:
أن يستند قانون الأسرة إلى المادة ٢ من الدستور المصرى لتكون المرجعية مبادئ الشريعة، مع إقرار الشخصية القانونية والأهلية الكاملة للمرأة المصرية، والاستناد إلى مفهوم المواطنة فى دلالاته من حقوق وواجبات متساوية بين الجنسين فى الأسرة أمام القانون، بما يفيد ولاية النساء على أنفسهن والمشاركة فى الولاية على أطفاله، مع توثيق الطلاق أمام القاضى، وحسم كافة الحقوق المستحقة المرتبة عليه خلال ٦٠ يومًا كحد أقصى لفض النزاع والمترتبات عليه بالأسرة المصرية، وأن يصبح التعدد بقرار من القاضى بحضور الزوجة الأولى، بغرض التحقق من ملاءمة الإمكانات والتوافق حول دوافع الزواج الثانى، وتمكين الزوجة من حق التطليق وكل ما يترتب عليه من حقوق مستحقة فى حالة عدم موافقتها على التعدد.
ويضاف إلى ذلك ترتيب الحضانة للأم ثم للأب إذا لم يتزوج ثم أم الأم ثم أم الأب، مع الولاية للأطفال للأب والأم وإنشاء نظام حماية للأطفال فى الأسر المتنازعة يتم من خلاله عمل ملف متابعة لكل طفل يدرس البيئة التى يعيش فيها وتقدير المخاطر التى يواجهها من أى طرف، ومتابعة إجراءات الرؤية وتهيئة بيئات آمنة لتواجد الطفل، ودراسة طلبات الاستضافة دراسة شاملة نفسية واجتماعية وأمنية لكل طالب على حدة، وتغليب مصلحة الطفل الفضلى كضرورة واجبة.
■ أثارت قائمة المنقولات جدلا واسعًا.. فى رأيك ما هو الشكل الصحيح لهذا العرف المجتمعى؟
- قائمة المنقولات الزوجية تعد بمثابة إيصال أمانة بأن الزوج استلم ما اشترته الزوجة من منقولات إسهامًا منها فى تأسيس شقة الزوجية، وأساس الزواج وفقًا لآراء الإمام أبى حنيفة أن يقوم الزوج بدفع المهر، وأن يقوم بتأثيث شقة الزوجية، ويعتبر الإمام أبى حنيفة أن المهر شرط أساسى لإتمام الزواج، لكن عندما تغيرت الظروف الاقتصادية، بدأ الرجل يقوم بدفع المهر وتقوم المرأة بدفعه فى شراء منقولات زوجية، وتغيرت الظروف الاقتصادية للأسوأ فأصبح الرجل لا يدفع مهرًا، وتقوم المرأة باقتسام تأثيث شقة الزوجية بينها وبينه، ومن هنا بدأ يظهر عرف كتابة قائمة المنقولات الزوجية، فالمرأة هى من تقوم بدفع الأموال إسهامًا منها فى تأسيس شقة الزوجية، مقابل أن يقوم الزوج بكتابة قائمة المنقولات الزوجية، على سبيل أن هذه المنقولات أمانة لديه.
وتخضع قائمة المنقولات الزوجية لقواعد إيصال الأمانة بالقانون الجنائى، وبالتالى من يطالب بإلغاء قائمة المنقولات الزوجية يطالب بإلغاء كافة إيصالات الأمانة التى تقوم عليها التجارة، وأرى أن من لا يريد كتابة قائمة منقولات زوجية عليه أن يؤثث شقة الزوجية بمفرده.
■ هل مبادرة تدريب المقبلين على الزواج ستقلل من نسب الطلاق؟
- لا شك أن تدريب الشباب والفتيات المقبلين على الزواج له خطوة مهمة وضرورية لبدء حياة زوجية قائمة على التفاهم والاحترام، فكثيرً من الشباب والفتيات يبدأون حياتهم الجديدة دون دراية كيف يتم التعامل مع المشكلات وكيف تتم إدارة تلك الخلافات التى حتما ستقابلهم فى حياتهم، فلم نتعلم طوال فترة الدراسة كيفية التعامل مع الخلافات ولا إدارة الأزمات، وخلال فترة الخطوبة كل ما يهم الطرفين أو حتى أسرهما تأسيس منزل الزوجية، دون التطرق لاهتمامات كل طرف، ودون التفاهم كيف يديرون خلافاتهم بعد الزواج، ولعل ذلك أبرز أسباب الطلاق، بجانب أن كل طرف يبدأ الحياة الزوجية بتصورات خيالية ليس لها أساس من الصحة، فالفتاة منتظرة من الشاب أن يكون علاء الدين الذى سيلبى رغباتها فى الخروج والسهر والسفر طبقًا لما ترتب عليه عندما كانت تطلب ذلك من أسرتها يقولون لها عندما تتزوجين تسافرين مع زوجك وهكذا، وكذلك الشاب يبدأ حياته الزوجية متصورًا أن الزوجة ستكون أمه الثانية من حيث الاهتمام والحنان، ووجود مثل تلك التدريبات للمقبلين على الزواج لا بد أنها ستساعدهم فى وضع خطة لتكون حياتهم مستقرة قائمة على الاحترام والمودة.
■ ماذا عن نسب الطلاق الحالية فى مصر؟
- قد وصلت عدد شهادات الطلاق عام ٢٠١٩ طبقًا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لنحو ٢٢٥٩٢٩ حالة.
■ هل كشفت قضية مقتل الطالبة نيرة والتنمر على البطلة بسنت حميدة بسبب ملابسها عن خلل بالمجتمع؟
- فى أى حادث من السهل أن نلقى اللوم على الضحية خاصة إذا كانت أنثى بدلا من التفكير فى كيفية وضع حلول حاسمة وقوية حتى لا يتعرض الآخرون للإيذاء، فدائما فى أى حادث تكون ضحيته أنثى يلقى المواطنون اللوم على الضحية « طبيعة ملابسها، وقت خروجها من المنزل، طبيعة الأماكن التى تتواجد بها»، ويتم تغيير تلك النظرة من خلال وجود عقوبات رادعة وحاسمة لكل من تسول له نفسه إيذاء طرف آخر، ومن خلال رفع الوعى بأن الجريمة جريمة بصرف النظر عن طبيعة ملابس الضحية.
■ ما تقييمك لدور المجلس القومى للمرأة تحت رئاسة الدكتورة مايا مرسى؟
- وجود الدكتورة مايا مرسى بالمجلس القومى للمرأة نقل المجلس ودوره وأنشطته نقلة نوعية، فأصبح المجلس يعبر بالفعل عن احتياجات المرأة المصرية، ومتواصل بالفعل مع النساء فى كل المحافظات، ومن خلال ذلك التواصل يستطيع المجلس أن يعبر للإرادة السياسية عن قرب عن احتياجات المرأة المصرية كما هى فى الواقع.
■ ما النتائج المتوقعة من مشاركة المجلس القومى للمرأة فى الحوار الوطنى؟
- أرسل المركز المصرى لحقوق المرأة رؤيته فى الحوار الوطنى من خلال تقديم رؤية حول قضايا المرأة والعدالة والتعليم، من خلال طرح عدد من القضايا للمناقشة فى الحوار الوطنى منها:
- أهمية عمل مسوح إحصائية قومية حول معدلات العنف ضد المرأة، مع ضرورة وجود قانون يجرم العنف الأسرى بكل أشكاله بالإضافة لتعديلات لقانون الأحوال الشخصية، مع ضرورة دعم منظومة العدالة وآليات الإبلاغ والتقاضى وتنفيذ الأحكام فضلا عن زيادة التمكين الاقتصادى للنساء، وإصدار بيانات نوعية مستمرة حول معدلات عمل النساء فى كافة المجالات، مع تقييم مناهج التعليم فيما يخص نشر حقوق الإنسان وقضايا المرأة وحقوقها، وكسر فكرة الأدوار النمطية لدور المرأة فى الأسرة والمجتمع، والتأكيد على ضرورة تنظيم دورات وبرامج لتعليم ونشر حقوق المرأة فى كافة المجالات.
■ انتشرت جرائم العنف الأسرى مؤخرًا.. فى رأيك متى يتوقف العنف ضد المرأة؟
- يتوقف العنف ضد المرأة من خلال عدة خطوات تتمثل فى إقرار قانون للأسرة يواكب التغيرات العصرية ويحترم الأدوار المتعددة للنساء ويؤكد على الشراكة فى بناء الأسرة، وإقرار قانون لمواجهة العنف المنزلى والزواج المبكر، وإلغاء دفتر إثبات الزواج لدى المأذونين لوقف الزواج العرفى، مع وضع مدى زمنى محدد لتوثيق كافة حالات الزواج السابقة على الإلغاء، وتفعيل تطبيق قانون مواجهة ختان الإناث، فضلا عن تفعيل آليات الشكوى والملاحقة القانونية بدعم وحدة العنف ضد المرأة بوزارة الداخلية وتوسيع اختصاص عملها، وتطوير مراكز دعم المرأة المعنفة التابعة لوزارة التضامن، مع إعادة تأهيل المرأة المعنفة وتقديم فرص بديلة للعمل والحياة خارج إطار دائرة العنف هى وأطفالها، بالإضافة إلى التنسيق مع وزارة الإسكان وجهاز تطوير العشوائيات لتقديم وتجهيز أماكن بديلة للمرأة المعنفة لفترة لحين إتمام التأهيل.
■ ما تقييمك لوضع المرأة فى النيابة والقضاء الآن؟
- عانت النساء سنوات طويلة من الاستبعاد من العمل ببعض الهيئات القضائية والتمييز ضدهن وتجاهل الاستعانة بخبراتهن ومهاراتهن فى هذا المجال، إلى أن صدر خلال اجتماع المجلس الأعلى للهيئات القضائية الذى ترأسه رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى فى ٢ يونيو ٢٠٢١، عددًا من القرارات التى تساهم فى إصلاح منظومة العدالة وزيادة الشفافية والعدالة والمساواة فى التعيينات والتظلمات والمساواة فى الأجور بين كافة الهيئات القضائية،الأمر الذى أكد على العدالة والمساواة وفتح مجال المشاركة لكافة الفئات المهمشة من الدخول فى العمل القضائى خاصة الشابات القانونيات اللاتى عانين من التمييز المبنى على النوع لعقود طويلة، وتعد هذه القرارات خطوة مهمة تساهم بصورة مباشرة فى تنفيذ الدستور والقانون والحد من التمييز فى تعيين النساء فى الهيئات القضائية.
كما أكدت القرارات على بدء عمل العنصر النسائى فى مجلس الدولة والنيابة العامة اعتبارًا من ١ أكتوبر ٢٠٢١، ويعد هذا القرار تأكيدا لما جاء فى المادة ١١ من دستور ٢٠١٤ والتى نصت على أنه تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقًا لأحكام الدستور، وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبًا فى المجالس النيابية، على النحو الذى يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها.