فرنسا وألمانيا الأرخص فى مصروفات الجامعات
كانت المستشارة الألمانية السابقة وأعظم من حكم ألمانيا ميركل تنفق المليارات على التعليم، وسألت ذات يوم على سبب كرمها الشديد المبالغ فيه، فردت بمقولتها الشهيرة: (لأن تكلفة الجهل أكبر بكثير) لهذا يمكن تفسير أن التعليم خاصة الجامعى فى ألمانيا هو الأرخص فى العالم كله رغم جودته، بل إنه ورغما على الأزمة الاقتصادية فقد أعلنت ١٦ ولاية ألمانية إلغاء المصروفات الدراسية للطلاب جميعًا والاكتفاء برسوم تعد صورية (١٠٠ يورو) أما الطلاب الأجانب فعليهم أن يقدموا فقط ما يثبت أن لديهم نفقات الإقامة.
وبالنسبة للدارسين باللغة الفرنسية فإن تكلفة المصروفات الدراسية فى العام لأهم وأعرق جامعة فرنسية (السربون) لا يتجاوز (٢٨٠٠ يورو) وعلى الرغم من ارتفاع تكلفة الدراسة فى كل من جامعتى هارفرد وإكسفورد نحو ٣٠ ألف دولار، فإن جامعة الأمريكية العريقة تقدم تعليما متميزا وعالميا بمصروفات تقدر بـ (٣٠ ألف دولار).
والحقيقة أن التفاوت بين مصروفات الجامعات العالمية الكبرى لا يعكس تغيير النظرة الأساسية لكل هذه الجامعات بأن التعليم يجب أن يكون متاحا لكل الموهوبين من خلال المنح، ولكن فى ألمانيا وفرنسا تتدخل الدولة لتمويل التعليم باعتباره استثمارا فى البشر لا يقل أهمية عن الاستثمار فى الصحة أو البنية التحتية.
ولاشك أن دخول مصر عصر الجامعات الأهلية ذات التخصصات العلمية المتميزة هو خطوة أساسية للحاق بالتطور العلمى فى العالم.
ولكن هذه الجامعات والتخصصات النادرة بالجامعات الحكومية ذات مصروفات عالية بطبيعتها لتقديم تعليم ذى جودة، ولذلك فإن الجناح الآخر لدخول المستقبل يكمن فى توفير أكبر عدد من المنح للطلاب الموهوبين، ولكنهم غير قادرين على دفع المصروفات، ففى العالم كله تتسابق الجامعات الكبرى على ضم الطلاب الأذكياء الموهوبين من أجل الجامعة نفسها، فالطلاب الموهبون هم سبب وأصل سمعة الجامعات الكبرى، وكل جامعة تتباهى بخريجها أو بالأحرى بنجاحاتهم فى كل المجالات.
وهناك طرق عديدة لجذب التبرعات للجامعات الأهلية فى الخارج، أهمها إطلاق اسم التبرع على مدرج أو معمل أو مكتبة فى الكلية التى تبرع بها، أو إطلاق اسمه على المنح المقدمة للطلاب فى حدود المبلغ الذى يتبرع به، ولدنيا فى مصر نماذج مماثلة ونادرة خاصة فى الجامعة الأمريكية، وقد كان الكثير من رجال الأعمال يرفضون التبرع للجامعات الحكومية بحجة انخفاض مستوى التعليم، وأعتقد أن إطلاق التخصصات الحديثة المميزة أبطل حجتهم، ولذلك ادعو كل الأثرياء والقادرين أفرادًا وعائلات للتبرع بمنح للطلاب المتفوقين فى هذه الجامعات الأهلية والتخصصات النادرة فى الجامعات الحكومية.
نحن أمام فرصة للحاق بالمستقبل ونفض غبار الجهل والتخلف العلمى عن المجتمع، وأرجو أن نستغل جمعيا هذه الفرصة.