د. نصار عبدالله يكتب: الغردقة تتعافى وقضايا أخرى
رغم كارثة كوفيد ١٩( كورونا) التى اجتاحت العالم بأسره تقريبا، والتى كانت لها آثارها السلبية المدمرة على حركة السياحة العالمية، ورغم الحرب الروسية الأوكرانية التى أضيفت آثارها بدورها إلى آثار كوفيد ١٩، ورغم أحداث أخرى سابقة كحادث تحطم الطائرة الروسية بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ عام ٢٠١٥ مما ترتب عليه حظر الطيران إلى المنتجعات المصرية ومن مقدمتها الغردقة بطبيعة الحال، وهو الحظر الذى استمر قائما لسنوات طويلة، إلى أن قامت مصر بعدد من الإجراءات الحاسمة التى تضمن السلامة التامة للرحلات الجوية من وإلى منتجعاتها، ثم قامت بدعوة عدد من المسئولين فى الدول التى قامت بالحظر لكى يلمسوا بأنفسهم مدى دقة وفعالية تلك الإجراءات وفى مقدمتها روسيا بطبيعة الحال، وبناء على ذلك فقد قام الرئيس الروسى بوتين بإلغاء الحظر فى العام الماضى وتبعته فى ذلك دول أخرى عديدة، ونتيجة لذلك بدأت الغردقة تتعافى بشكل سريع ومتصاعد إلى حد أن نسبة الإشغال فى الفنادق قد وصلت فى هذا الموسم إلى ما يقرب من ١٠٠٪ وهو رقم غير مسبوق فى تاريخ الغردقة بأسره، وقد لمست ذلك بنفسى عندما خطر لى أن أهرب من حرارة مدينة سوهاج إلى أقرب المصايف بالنسبة لى وهو مصيف الغردقة، خاصة وأننى امتلك بها شقة فى منطقة راقية (تمكنت من اقتنائها فى أيام اليسر)...كان متوسط درجة الحرارة فى سوهاج فى الأسبوع الماضى هو ٤٤درجة، لكننى عندما وصلت إلى الغردقة فوجئت بأن درجة الحرارة هى ٤٨، فأصابنى الرعب!! على نفسى أولا، ثم على أحوال الغردقة ثانيا التى تصورت أنها فى مثل هذه الدرجة من الحرارة سوف تكون خالية تماما من السياح، غير أن الواقع كان على النقيض تماما مما تصورته فقد كانت الغردقة عامرة بالسياح من مختلف الجنسيات، وقد أخبرنى أحد المسئولين أن عدد الرحلات الجوية التى تصل يوميا إلى الغردقة تقدر بالعشرات حاملة معها أفواجا تنتمى إلى ما يقرب من عشرين جنسية، لكن ماذا يفعل السياح فى هذا اللهيب القائظ؟...إنهم أولا يبللون أنفسهم بماء البحر فمهما كانت الحرارة مرتفعة، فإن المياه نسبيا باردة إلى درجة أنك تحتاج إلى قدر من الشجاعة لكى تغطس فيها دفعة واحدة متحملا صدمة برودتها الأولى قبل أن تتآلف معها ثم لا تشعر بعد ذلك بأى برد على الإطلاق.. غيرأن الرياضة المفضلة للسياح الأجانب فى الغردقة ليست هى السباحة، بل هى الغوص والفرجة على الشعب المرجانية التى لا يوجد لها مثيل فى أى مكان فى العالم..أنا والحمد لله محروم من هذه المتعة لأننى لا أجيد الغوص، بل إننى لا أجيد السباحة أصلا، وقد حاول عدد من كبار المدربين أن يدربونى على تعلم السباحة لكنهم فشلوا جميعا!.. وأقصى ما استطيع أن أفعله هو أن أطفو على البطن فاردا ذراعى إلى الأمام على بعد متر أو نصف متر من الشاطئ فإذا ما حاولت أن أتحرك أو أن أطفو على الظهر أصابنى الدوار، واختل توازنى، واستنجدت بمن حولى لكى يرفعونى، فإذا فعلوا وقفت منتصبا والماء يصل إلى ركبتى بالكاد، والغريب أن هذا كله يحدث وأنا زيادة فى الحرص ارتدى سترة النجاة!!!..وقد يسألنى سائل ولماذا كل هذا العناء؟ والجواب: إننى أفعل هذا للعلاج من انتفاخ فى الساق اليسرى.. فقد تعرضت للسقوط من أحد السلالم منذ عشرين عاما، وأثبتت الأشعة أنه لا يوجد كسور لكن ساقى تورمت، ونصحى الطبيب بأن أجعلها مرفوعة للأعلى عند النوم، وفعلت، لكنها ظلت على تورمها!!، وعندئذ نصحنى طبيب آخر بأن أجعلها مغموسة فى مياه البحر المالح لأطول فترة ممكنة كلما آتتنى الفرصة لزيارة أحد المصايف، وقد عملت بالنصيحة وكانت النتيجة مذهلة، ففى أعقاب كل زيارة للمصيف وغمسها فى الماء، يخف التورم وتعود الساق إلى الوضع شبه الطبيعى، ثم بعد العودة من المصيف تبدأ تدريجيا فى التورم من جديد، ويبقى فى نهاية المقال أن أطرح السؤال الذى كان يتعين على طرحه منذ البداية بعيدا عن متاعبى الصحية الشخصية التى قد لا تهم أحدا سواى اللهم إلا من كانوا على شاكلتى إن كان هناك من هم على شاكلتى، السؤال الذى أجلت طرحه هو لماذا ارتفعت درجة الحرارة إلى هذا الحد فى العالم كله، والجواب فى الواقع معروف وهو أن هذا نتيجة للنشاط الصناعى المفرط للدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التى ما زالت للآن وياللمفارقة ترفض التوقيع على معاهدة الحفاظ على البيئة، ويالها من رأسمالية متوحشة حقا!