سلطان الجابر يتحدث عن دور الامارات بتوريد النفط والغاز
أكد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، أن مساهمة الطاقة المتجددة بلغت أكثر من 80% من إجمالي القدرة الإنتاجية الجديدة للكهرباء خلال العام الماضي، بما يعد مؤشرًا واضحًا على أن التحوّل في قطاع الطاقة يمضي بخطوات حثيثة.
وقال معاليه في مقال له نشرته منصة "بروجكت سنديكيت" الإعلامية بعنوان " تحول واقعي وطموح في قطاع الطاقة "، إن الأحداث العالمية الأخيرة، أوضحت أن التخلي الفوري عن منظومة الطاقة الحالية، قبل بناء منظومة جديدة قادرة على تلبية الاحتياجات العالمية، يعرّض للخطر كلًا من النمو الاقتصادي، والتقدم في العمل المناخي، كما أنه يثير تساؤلات حول قدرتنا على تحقيق تحوّل عادلٍ ومنصفٍ للجميع.
وأضاف: " من وجهة نظرنا، فإن نجاح التحول في قطاع الطاقة يتطلب تحقيق تقدم في كل من النمو الاقتصادي والعمل المناخي، وأن يكون هذا التحول مستندًا إلى حقائق علمية واقتصادية وهندسية، والتنفيذ السريع للحلول، إضافة إلى إدراكٍ واضح للتحديات التي تواجه عملية التحوّل، ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى نهج شامل يستفيد من خبرات جميع القطاعات وشرائح المجتمع، بما فيها الخبرات والقدرات والإمكانيات المتوفرة لدى منظومة الطاقة الحالية ".
وتابع: " مع بدء التعافي الاقتصادي من جائحة كوفيد 19، واجه العالم أزمة عميقة في إمدادات الطاقة، والتي ازدادت حدتها بسبب النزاع الروسي الأوكراني، مما دفع مختلف الدول حول العالم إلى إعادة تقييم احتياجاتها الاستراتيجية من الطاقة".
وأشار معاليه إلى أن الدرس المستفاد من هذه الأزمة هو أنه من السابق لأوانه تبّني الحكومات لسياساتٍ تؤدي إلى سحب الاستثمارات من قطاع النفط والغاز، قبل تأمين بدائل مناسبة وقابلة للتطبيق، إذ أن هذه الخطوة ستؤدي إلى نتائج عكسية تقوّض أمن الطاقة وتؤثر سلبًا على استقرار الاقتصاد العالمي، كما أنها تخفض حجم التمويل الذي يمكن استثماره لتمكين تحوّلٍ منطقي ومدروس في قطاع الطاقة.
ولفت إلى أننا بحاجة إلى استراتيجية واقعية وخطة عملية تحقق منافع للنمو الاقتصادي والعمل المناخي في آن واحد، ويجب أن تراعي هذه الاستراتيجية الترابط الوثيق بين الطاقة والأنظمة الصناعية، خاصةً وأن حجم التحول المطلوب في قطاع الطاقة ضخم جدًا، وأنه يتطلب الكثير من التنسيق والمواءمة والتعاون في جميع الجوانب، بدءًا من تخصيص رأس المال، إلى تصميم المُنتج، وصياغة السياسات العامة، وتغيير سلوكيات المجتمعات حول العالم.
وأوضح أنه نظرًا لهذا الترابط، علينا البدء بدراسة هيكل الطلب الحالي في نظام الطاقة، حيث نرى أن توليد الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية يحقق تقدمًا كبيرًا، إلا أن غالبية استهلاك الطاقة يتم في الصناعات الثقيلة، والتصنيع، والإنشاءات، والنقل والزراعة، وهي قطاعات يصعب خفض الانبعاثات فيها، ولها تأثير كبير على المناخ مما يعني ضرورة توجيه المزيد من الاستثمار إليها.
وأشار معاليه إلى أنه في العام الماضي، تجاوزت قيمة الاستثمارات العالمية في مصادر الطاقة المتجددة 365 مليار دولار، في حين أن إجمالي الاستثمار في تكنولوجيا تخزين الطاقة والتقاط الكربون وسلسلة القيمة لقطاع الهيدروجين كان 12 مليار دولار، وهو بالطبع غير كاف لدعم عملية التحوّل في قطاع الطاقة، حيث يُقدر إجمالي الاستثمار المطلوب بأكثر من 250 تريليون دولار على مدى الثلاثين عامًا القادمة، ومن الواضح أنه لا يمكن لدولة أو شركة أن تؤمّن هذا الحجم من التمويل بمفردها.
وتابع: " وإلى جانب تأمين التمويل اللازم، يجب أن نتذكر أن عملية التحوّل في قطاع الطاقة تستغرق وقتًا، ولا يمكنها أن تحصل بلمسة زر، وبالرغم من أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية شكّلت غالبية إجمالي القدرة الجديدة لتوليد الكهرباء في عام 2021، إلا أنها لا تزال تشكل 4% فقط من مزيج الطاقة الحالي في العالم، ومع نمو الطلب على الطاقة بشكل أكبر من أي وقت مضى، فإن ضمان أمنها يتطلب استمرار دور النفط والغاز مكوّنًا مهمًا وأساسيًا في منظومة الطاقة لعقود قادمة".
ولفت إلى أنه يجب أن نركز على بذل المزيد من الجهود لخفض تأثير النفط والغاز على المناخ، وهذا يتطلب تكثيف التعاون والتنسيق والعمل عن قرب بين المنتجين، والحكومات، والقطاع الخاص بهدف أن يكون الإنتاج الجديد من الطاقة أقل كثافةً في الانبعاثات من السابق، وهذا يعني ضرورة صياغة سياسات مالية داعمة تشمل الحوافز الضريبية، ورفع الكفاءة التشغيلية من خلال تعزيز استخدام التكنولوجيا، والالتزام بخفض انبعاثات الميثان وحرق الغاز، وتوفير استثمارات إضافية في تقنيات التقاط الكربون.
وأكد معاليه، أنه هذا هو باختصار النهج الذي تتبعه دولة الإمارات للتحول في قطاع الطاقة والذي يضمن استمرارها في تلبية احتياجات العالم الحالية، مع الاستثمار في أنظمة الطاقة المستقبلية.
وقال: " تمتلك دولة الإمارات ثلاثة من أكبر محطات الطاقة الشمسية في موقع واحد في العالم، واستثمرت في مشاريع للطاقة المتجددة في أكثر من 40 دولة متقدمة ونامية، وتخطط لتوسيع محفظة مشاريعها من الطاقة المتجددة لتصل طاقتها الإنتاجية إلى 100 جيجاواط بحلول عام 2030. واستثمرنا في الطاقة النووية السلمية ونركز على إرساء أسس صلبة لسلسلة قيمة متكاملة للهيدروجين كعاملٍ ضروري لتحقيق الحياد المناخي".
وأضاف معاليه: " بينما تواصل دولة الإمارات دورها كمورّد موثوق لأقل أنواع النفط والغاز في العالم من حيث كثافة الانبعاثات، فإننا نعمل على خفضها بنسبة 25% إضافية قبل نهاية عام 2030 ".
وأشار إلى أنه باعتبارنا أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعلن عن مبادرة استراتيجية سعيًا لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، فإننا مستمرون بالعمل على الحد من الانبعاثات في جميع الأنشطة الاقتصادية في الدولة، وأنشأنا أول برنامج في المنطقة لالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه على نطاق صناعي، وتعمل شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" لتأمين احتياجات عملياتها من الكهرباء من المصادر النووية السلمية.