يا سادة.. قوَّة مصر في التعليم
لا ينكر أحدٌ على الإطلاق أهمية التعليم في بناء ونهضة الأمم، فما تقوم لأمة قائمة إلا حين تهتم بتطوير منظومتها التعليمية التي من خلالها تستطيع صياغة نشءٍ جديد، هذا النشأ هم شباب الغد.
حضارة مصر
وفي مصر ومنذ قديم الازل تحاول أن يقدِّمَ هذا البلد نفسه حضارةً ودولة نموذجًا يُحتذى به في العملية التعليمية، فمنذ عصر القدماء المصريين حاولت مصر أن تقدِّم تجربةً خاصة وفريدة أثبتت فيها للعالم أننا مصدر الرُّقي ومسار التقدم، ولسنا دولة حروب وصراعات فقط.
في عام 2019 نشرت مصر دراسة تاريخية أثرية أكدَّت فيها أولوية القدماء المصريين وأسبقيتهم في إقامة المدارس والاهتمام بمحو الأمية، كما أثبتت أن سن الالتحاق بالتعليم أو ارتياد المدارس كان عند بلوغ طفل سن العاشرة يقضي بعدها الطفل قرابة أربع سنوات كاملة. ووفقا للدراسة الأثرية كان المحتوى التعليمي للفراعنة يشمل التدريبات داخل الكتب على تعليم اللغة الهيروغليفية، إضافة لمحتويات تعليمية أخرى مثل تكوين الشخصية، والفضيلة والأخلاق، والمعارف التي تؤهله ليكون طالبًا للعلم، فينتقل إلى مرحلة من المعارف التخصصية والفرعية أو اللغات، أو ربما التحق بعدها للدراسة الدينية فيصبح كاهنا أو دراسة الطب.
أعتاب مرحلة جديدة
ونحن الآن على أعتاب مرحلة جديدة مع وزير جديد، في ظل جمهورية جديدة، لا بد لنا أن ننتبه إلى مشكلات التعليم في مصر، والواجب ملاحقتها أولًا بأول.
بإلقاء نظرة على التعليم المصري حاليًا سنجد أنه حقًا يحتاج إلى مزيد من التطوير، وهذا ما سعت ولم تزل تسعى لأجله الدولة لإعطاء فرصة لصنع تجربة غير تقليدية، في ظل صعوبات يعاني منها المجال التعليمي على مستوى المؤسسات أو المعلمين أو استيعاب الطلاب وأهاليهم لأي فكرة جديدة وجادَّة أن تُطرح عليهم.
لكنَّ حقيقة التغيير تبدأ بخطوة وها نحن ذا في بلادنا نبدأها بصناعة جيل من الطلاب يواكب أقرانه في العالم من حوله فيكون على وعي وإدراك بأهمية تغيير أسلوب الاطلاع من مجرَّد الحفظ وكونها تراكمية للمعلومات، إلى أسلوب يدعم التفكير النقدي والإلمام والاستيعاب للمعلومات، بالرغم من العديد من العقبات وأولها الدروس الخصوصية، وعقبات التعليم الإلكتروني سواء على مستوى التمرُّس أو المشاكل التقنية في شبكة الإنترنت، إضافة إلى كون العقيدة التعليمية لدى الطلاب لم تزل قاصرة على أسلوب الحفظ، كمادة التربية الدينة التي لا تندرج ضمن المجموع، ومواد الفلسفة والمنطق التي لم تزل مادةً نظرية قاصرة حفظ نماذج ومذاهب فلسفية دون النظر إلى تأثيرها في استراتيجية الطالب لحل المشكلات وطرق وأساليب التفكير، وافتقادها لنمزذج تطبيقي يراه على الطبيعة.
إن صناعة طالب بالمواصفات السالفة تحتاج إلى نموذجًا فريدًا يعتمد على تشجيع الطالب على الإقبال والتفاعل مع معلِّمه لخلق حالة خاصة يصل خلالها إلى أعلى مستوى من الاستيعاب يعتمد على التفكير النقدي وتحليل الأفكار والتدريب على هذه المهارة داخل مؤسسة التعليم "المدرسة".
كما أنَّه لم نتزل أمامنا أم المشكلات ألا وهي اطمئنان الأهالي وذويهم من الطلاب إلى أي نظام تطويري جديد داخل منظومة التعليم، والتي لا بدَّ وأن تحظى بفكرة أو أسلوب يُشعر الدارسين بالثقة بشكل أكبر؛ كي ننتقل بهم من مرحلة التلميذ إلى مرحلة الطالب الشغوف، فيصير مؤهَّلًا نحو مراحل تعليمة أكثر تقدمًا يستطيع أن يخدم بها بلاده، والذي من الطبيعي أن يكون معه معلمًا على قدر كافٍ من التدريب؛ لتحقيق هذا الغرض.
وما لفت الانتباه وصف الدكتور خالد فؤاد، رئيس حزب الشعب الديمقراطي، في إحدى المداخلات التليفزيونية لوزير التعليم الجديد الدكتور، رضا حجازي، بأنه بدأ بالطباشير داخل الفصول، مؤكدًا أن هذه طاقة جديدة لوزارة التربية والتعليم، ومعه يتجدد الأمل في خلق نظام يؤمن بدور المعلِّم ويشجِّع الطالب المصري على الاجتهاد.
وختامًا .. لا يسعنا إلَّا أنَّ نؤكِّدَ على أهمية العملية التعليمية في مصر يجب أن يُبذَل لأجلها الكثير، فطلاب اليوم هم شباب وقادة المستقبل.