اعرف نبيك (16).. رجاحة ووفور عقله صلى الله عليه وسلم
وفور عقل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وذكاء لبه، وقوة حواسه، وفصاحة لسانه، واعتدال حركاته، وحسن شمائله ـ فلا مرية أنه كان أعقل الناس وأذكاهم. ومن تأمل تدبيره أمر بواطن الخلق وظواهرهم، وسياسة العامة والخاصة، مع عجيب شمائله، وبديع سيره، فضلًا عما أفاضه من العلم، وقرره من الشرع دون تعلم سبق، ولا ممارسة تقدمت، ولا مطالعة للكتب منه، لم يمتر في رجحان عقله، وثقوب فهمه لأول بديهة، وهذا ما لا يحتاج إلى تقريره لتحقيقه.
رجاحة عقله في الكتب
وقد قال وهب بن منبه: قرأت في أحد وسبعين كتابًا، فوجدت في جميعها أن النبي صلى الله عليه وسلم أرجح الناس عقلًا، وأفضلهم رأيًا.
وفي رواية أخرى: فوجدت في جميعها أن الله تعالى لم يعط جميع الناس من بدء الدنيا إلى انقضائها من العقل في جنب عقله صلى الله عليه وسلم إلا كحبة رمل من بين رمال الدنيا.
ويكفيك من ذلك رجاحة عقله عندما حكم بين القبائل قبل البعثة عندما أرادوا إعادة بناء الكعبة فاختلفوا فيمن يرفع الحجر الأسود إلى مكانه فأشار عليهم أن يضعوه على عباءته وأن يمسك كل منهم بطرف منها ويرفعوه معًا وبذلك نالوا جميعهم شرف رفع الحجر الأسود.