فائدة فقهية (4).. حقوق الشاب والفتاة بعد فسخ الخطبة
الخطبة أو كما تسمى في مصر "الخطوبة" من مقدمات النكاح وهى: طلب، أو إبداء الرجل رغبته فى التزوج بامراة يحل له التزوج بها شرعًا، وما هى إلا وعد بالزواج الهدف منها ألا يقدم أحد طرفى العقد عقد النكاح عليه إلا بعد أن يكون على بينة من أمر من سيكونُ شريكا له فى الحياة والعدول عن الخطبة أمر يتنافى مع مكارم الأخلاق وتعاليم الدين الحنيف التى تحث على الوفاء بالعهود وعدم نقضها.
ماذا يحدث بعد العدول عن الخطبة
والحق الذى لاجدال فيه أن العدول عن الخطبة عندما يتضح لأى من طرفيها عدم صلاحية الطرف الآخر لإتمام عقد الزواج أمر مقرر فى الفقه الإسلامى والقضاء؛ لأنه لم يوجد عقد زواج بعد فلا إلزام ولا التزام؛ لأنه قد يكون فى عدم العدول عن الخطبة وفسخها إلحاق ضرر بأحد الزوجين وهذا هو الراجح عند فقهاء الشريعة، ويتفق معهم فى هذا الرأي رجال القانون؛ إذ أنه ليس للقضاء سلطة الإلزام على إتمام هذا العقد الخطير.
ماذا يفعل بالشبكة
أما عن الشبكة، وهل من حق الخاطب استردادها؟ فنقول: إذا كان قد اتفق عليها مع المهر، وكانت هناك قرينة تدل على أنها من المهر بأن حدثت مساومة عليها أو جرى عرف باعتبارها من المهر فإنها تكون من المهر وتأخذ حكمه، ولا تأخذ المخطوبة منها شيئًا بمعنى أن يستردها الخاطب بذاتها إن كانت قائمة أو مثلها أو قيمتها إن كانت قد هلكت، أما إذا لم تدخل فى المهر أو لم يجر عرف بذلك فإنها تأخذ حكم الهدايا.
والهدايا تأخذ حكم الهبة فى فقه المذهب الحنفى الجارى عليه القضاء فى المحاكم الشرعية، والهبة شرعًا عند الحنفية يجوز الرجوع فيها واستردادها إذا كانت قائمة بذاتها ووصفها أما إذا هلكت أو استهلكت فلا تسترد؛ لأن الهلاك أو الاستهلاك من موانع الرجوع.
ويرى الشافعية: أن للخاطب الرجوع فى كل ما قدمه لمخطوبته إذا لم يتم الزواج، سواء كان العدول منه أو منها لأنه ساقه بناء على إنكاحه ولم يحصل»، ويرى الحنابلة: أن «الهدية ـ الشبكة ـ ليست من المهر، فإن لم يتم عقد النكاح رجع بها إلا إذا كان الإعراض منه، أو ماتت، فلا رجوع».
ولهذا فإن التفصيل المقرر فى مذهب المالكية أرجح وأعدل ونرجو الأخذ والعمل به فى قانون الأحوال الشخصية الجديد، أو يعدل القانون القديم لأن حكم الشريعة ليس فى اتباع مذهب بعينه، وإنما حيثما تكون المصلحة فثم شرع الله، وليس من العدل فى شيء أن يجمع على الخاطب ضياع ما أنفقه عليها من شبكة والحرمان ممن كان يريد الارتباط بها؛ ولهذا قال المالكية مالم يكن هناك عرف أو شرط فإن كان العدول من جهة الخاطب وهو المتسبب فى فسخ الخطبة، فليس له أن يرجع بالشبكة إن كانت من الهدايا، أما إن كان العدول من جهة المخطوبة وبسببها فيكون للخاطب أن يسترد ما أهداه ومنه الشبكة إن كانت بهذا المعنى ولننتبه إلى سبب العدول من أى منهما بأن يكون سبب العدول سببا شرعيا أى يتفق مع أحكام الشريعة وليس بالهوى والتشهى.