للمتزوجات والمقبلات على الزواج.. من الودود التي مدحها النبي الأكرم
الزواج هو أكثر شئ قد يفكر فيه الشباب خاصة في سن العشرين وما فوقه، وتقع الكثير من المشكلات الزوجية بسبب عد فهم المقصد الحقيقي من الحياة، وعدم امتثال الزوج والزوجة لمتطلبات الحياة، ووعيهما بدورهما الرئيس كزوج أو زوجة، وقد بين لنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كل ما ينبغي على الزوج والزوجة فعله للوصول بقارب الحياة لبر الأمان.
وهناك جملة من الوسائل ينبغي للزوجة أن تحتذيها فكرًا وسلوكًا لكي تكون ودودا، أهمها:
إدراك أهمية طاعة الزوج والأجر المترتِّب عليها:
دل القرآن والسنة على أنَّ للزوج حقًا مؤكدًا على زوجته، وأن طاعته في المعروف، قربة من أعظم القربات، من ذلك:
قوله صلّى الله عليه وسلّم: لوكنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله ؛ لأمَرتُ المرأةَ أن تسجُدَ لزوجِها، والذي نفسي بيدِه، لا تُؤدِّي المرأةُ حقَّ ربِّها حتى تُؤَدِّيَ حقَّ زوجِها - وقد سُئِل صلى الله عليه وسلم: أيُّ النساءِ خَيْر؟ قال: التي تَسُرُّه إِذا نَظَرَ، وتطيعُه إِذا أَمَرَ، ولا تخالِفُهُ في نفسها، ولا مالها بما يَكره.
بشاشة الوجه والتلطف في الخطاب:
البَشَاشَة هي: تكلُّفُ البِشْر وطلاقة الوجه والسُّرور بمن تلقاه، وهي ضدُّ العبوس والتجهم والاستياء وعدم الرِّضا.
وطلاقة الوجه خلق من أخلاق النُّبوة، وهي منافية للتكبُّر، وجالبة للمودَّة، ومن ثم اعتبرها الإسلام ضمن أعمال الخير التي يُؤجر عليها المرء، ففي الحديث: "لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق".
أي بوجه متهلِّلٌ بالبِشْر والابتسام؛ لأنَّ الظَّاهر عنوان الباطن، فلُقْيَاه بذلك يشعر لمحبَّتك له، وفرحك بلُقْيَاه، وبذلك يحصل التَّأليف والتوادُّ والتحابُّ.
ولا يقتصر ذلك على الأخ والصديق؛ بل يدخل فيه الزوج من باب أولى؛ نظرا لطول صحبته.
وعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قال: (مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ: فَلْيَكُنْ وَجْهُكَ بَسْطًا، وَكَلِمَتُكَ طَيِّبَةً، تَكُنْ أَحَبَّ إِلَى النَّاسِ مِنَ الَّذِي يُعْطِيهِمُ العَطَاءَ) ومن أقوال الحكماء: البشاشة مصيدة المودة، والبِشْر يطفئ نار المعاندة، ويحرق هيجان المباغضة، التبسم والبِشْر من آثار أنوار القلب.
أما تلطف المرأة في الخطاب مع زوجها فيكون باستعمال الكلمات الجميلة وحسن اختيار الوقت والموضوع وتهيئة الأجواء وتجنب النقاش العقيم، فإذا لم تفعل ذلك واستعملت الكلام السيئ المنفر؛ نزغ الشيطان بينهما، وأخرج الكلام إلى الفعال، ووقع الشر والمخاصمة، قال تعالى: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) (الإسراء:53)، وفي الحديث: الكلمَةُ الطَّيِّبَةُ صدَقةٌ ومن أقوال الحكماء: من لانت كلمته وَجَبَت محبته.
وقال سفيان بن عيينة:
بنيّ أن البرّ شيء هيّن... وجه طليق وكلام ليّن
رعاية البيت والأولاد
امتدح رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء قريش بقوله: "خير نساء العرب نساء قريش، أَحْنَاهُ على طِفْلٍ، وأَرْعاهُ على زَوْجٍ في ذاتِ يَدِهِ ".
وقد أفاد الحديث: أن للنسب تأثيرا في الأخلاق، وأن الشفقة على الأولاد مراده للشارع فيمن يراد نكاحها، بحيث لا يشغلها عن العناية بهم ما يشغل غيرَها من الإسراف في اللهو والمتعة والزينة، وكذلك مُرَاعَاةُ حَقِّ الزَّوْجِ فِي مَالِهِ بحِفْظِهِ وَحُسْنِ تَدْبِيرِهِ ونحو ذلك.
العفو عن هفوات الزوج والصبر على جفائه:
ينبعي أن تحرص الزوجة على أن يكون فيها فضل احتمال، وصبر على الإدلال، فلا تؤاخذ على الجفوة، ولا تعاقب على الهفوة، بل تحاول أن تغُضَّ الطرف خاصة في توافه الأمور وصغيرها، وفي الأمور الدنيوية الدنيئة؛ لأنها لا تتعامل مع مَلَك بل تتعامل مع بشر لا يخلو من نقص أوتقصير.
وفي الحديث: أَلا أخْبِرُكمْ بِنِسائِكمْ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ؟ الوَدُودُ الولود العئود الّتِي إِذا ظُلِمَتْ ( وفي رواية التي إذا آذت أو أوذيت) جاءت حتى تأخذ بيد زوجها ثم تقول: والله لا أذوق غمضًا حتى ترضى.
و(العئود) أي التي تعود على زوجها بالنفع.
وقال أَبُو الدَّرْدَاءِ لأُمِّ الدَّرْدَاءِ: إِذَا غَضِبْتُ فرضّيني، وإذا غَضِبْتِ رضّيتك، فإذا لم نكن هكذا ما أَسْرَعَ ما نَفتَرِقُ
ومن الحكمة أن تتجنب الزوجة كثرة العتاب والسؤال، وألَّا تحصي على زوجها كل دقيق وجليل، أو أن تشعره أنها تعلم عنه كل صغيرة وكبيرة، ؛ لأن ذلك سبب في عناده ومراوغته، ويعينها على ذلك: التغافل، فهو ليس سذاجة ولا غباء ولا ضعفا بل هو فطنة وحكمة وخُلُقٌ من أخلاقِ الكِبارِ، وقد امتدحه العلماء والحكماء.
قال الإمام أحمد: العافية عشرةُ أجزاءٍ؛ كُلُّهَا في التغافل.
وقال الإمام الشافعي: الكَيِّسُ الْعَاقِلُ؛ هو الفَطِنُ المُتَغَافِلُ.
ويجب ألا تفهم الزوجة أن في اتباع هذه الوسائل إلغاءً لشخصيتها وتهميشًا لدورها، فهذه الوسائل لا تتعارض- بل تمهد السبيل- لأن تكون الحياة الزوجية قائمة على الاحترام، والتشاور، وتبادل الآراء، والحوار الإيجابي الهادف- قبل اتخاذ القرار- خاصة في الأمور المشتركة بينهما.
الثاني: أن يراعي الزوج حقوق زوجته ويتقي الله تعالى فيها، ويقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أخلاقه ومعاشراته.