"مقبرة الأطفال".. بيزنس حضانات الموت يلتهم أسر حديثي الولادة (تحقيق بالمستندات)
من حق كل إنسان الحصول على أفضل رعاية صحية بغض النظر عن إمكاناته، خاصة الأطفال، فقدر الله أن يحمل الأطباء والعاملون على عاتقهم أمانة الحفاظ على حياة الأطفال بالحضانات بعيدًا عن والديهم، وتلك المهمة الصعبة تتطلب لرعاية مستمرة ودقيقة، لأن الأطفال حساسون جدًا لأي مؤثر خارجي، خاصة الأطفال الذين أجهزتهم العضوية ليست كاملة، فهؤلاء يحتاجون لحماية خارجية تضاهي رحم الأم لحين إكتمالهم وتعافيهم بسلام.
يجب أن تتوافر المواصفات القياسية الصحية في الحضانات
فجميع الحضانات سواء الحكومية أو الخاصة أو الشرعية، يجب أن تتوافر بها مواصفات قياسية صحية تعمل على إفادة الطفل أكثر من إضراره، كما يجب أن يكون بها أطباء وعاملون على قدر كاف من الأمانة والمسؤولية، فعند دخول الطفل إلي الحضانة إن حالفه الحظ ووجدها يتسلل الخوف والرعب للوالدين من النتيجة، عندما تستدعي الذاكرة حوادث الإهمال وعدم الخبرة في التعامل مع أطفال الحضانات.
نقص كبير في الحضانات
فتواجه مصر نقص كبير فى الحضانات سواء الحكومية بالمستشفيات التابعة لوزارة الصحة والسكان، أو الخاصة التي تقع تحت إشراف ومراقبة قطاع العلاج الحر بالوزارة، أو الشرعية، عن الاحتياج الفعلى للأطفال، فالكثير من الحضانات بالمستشفيات الحكومية لا تعمل لعدم وجود أطقم التمريض الكافية، كما أن دخول حضانات المستشفيات الحكومية من الأساس أشبه بحلم مستحيل، مما يدفع الأهالى لرحلة طويلة شاقة للبحث عن حضانة خاصة، الأمر الذي أدى إلى ازدهار ما يعرف ببيزنس حضانات الأطفال في كل مكان، ودفع أيضًا بعض المستشفيات والمراكز المتخصصة لاستغلال حاجة الآباء والأمهات، والمغالاة في أسعار الحضانات.
“الفجر” في حضانة التقوى
"حضانة التقوى"، شارع على قدر كبير من الإتساع تصطف العربات على جانبيه، تقع في جانب منه بناية مكونة من عدة طوابق يقف أسفلها بائع على عربة كارو ينهمك في تصفيف البرتقال باهتمام، حبة.. حبة، يقع خلفه درجات لسلم ضيق تلك التي للبناية، "لم نجد ما يدل على وجود حضانة بداخل تلك البناية"، بالطابق الثاني يوجد باب شمال السلم أعلاه جرس، طرقنا الباب والجرس في أن واحد ولكن دون جدوى من الداخل، هبطنا لأسفل لنسأل حارس البناية هل يوجد أحد بالحضانة التي تعلو تلك الطابق أم لا، لن نجد حارس البناية ولكن وجدنا ولد صغير يبلغ عمره نحو الخامسة عشر عام يجلس أمام ورشة لتصليح السيارات تقع أسفل البناية، قمنا بسؤاله عن الحضانة المذكورة وبدوره أكد لنا أن طاقم العمل يوجد بالفعل وهناك أطفال عديدة بالداخل.
في حالة تعجب توجهنا للصعود مرة اخرى وقبل أن نفعل ذلك وجدنا فتاة بفناء البناية، وجهنا لها سؤال "هل تقصدين الحضانة"؟ أجابت بنعم، حينها صعدنا سويًا لأعلى ومن طرقه واحدة لباب الحضانة قاموا من بالداخل بفتح الباب لتدخل الفتاة، ولكن على الفور قاموا بغلق الباب في وجهنا، قمنا بطرق الباب مرات عديدة دون جدوى، انتظرنا نحو العشرة دقائق وقمنا بالطرق ثانية، حينها فقط تم فتح الباب وخرجت فتاة تلومنا بشدة ان الوقت ليس وقت الزيارة المحدد وهمت بغلق الباب في وجهنا ثانية، اسرعنا واخبرناها بتعجبنا من أسلوبها الفظ وأخبرناها إننا لدينا حالة لطفل يحتاج لحضانة وإننا نريد الحديث مع المختص لمعرفة الإجراءات المطلوبة.
حينها أخبرتنا إنها هي الطبيبة المختصة، اطلعناها على تقرير طبي لحالة طفل يحتاج بالفعل لحضانة لعدم شكها فينا والتعرف على هويتنا الصحفية، وذلك بعدما قامت بإلقاء نظرات غير مطمئنة هنا وهناك، فهي تشبه "السجانات" الأمر الذي جعلنا ننتهي سريعًا من مهمتنا ونغادر تلك الحضانة بعدما تم إخبارنا أن قضاء اليوم الواحد بالحضانة يتكلف 250 جنيه بخلاف الأدوية والمستلزمات كالأشاعات والتحاليل وغيرها.
هممنا بالمغادرة ولكن شاهدنا أمامنا باب من الزجاج تعلق عليه بواقي زينة وعبارات تهنئة بالعام الجديد باقية من العام الماضي، خلف الباب غرفة بها أسرة عديدة بكل سرير طفل، حقًا يشبهون الملائكة غارقون في أحلامهم دون مباليين بمن حولهم، أهممنا بالمغادرة ونحن نردد للطبيبة "المخيفة" التي استقبلتنا، سنذهب لإحضار الطفل على الفور للبدء في علاجه.
في البداية جاءت لنا شكاوي عديدة من الحضانة المذكورة والتي تقع بترعة الزمر طلعة دائري العمرانية - الجيزة، وبدورنا قمنا بعمل زيارة لتلك الحضانة وكان المشهد مثل ما ذكرنا أعلاه، كان النصيب الأكبر من الشكاوي يتلخص في الإستنزاف المالي، أخبرونا القائمين على الحضانة أن اليوم الواحد يتكلف 250 جنيه بخلاف الأدوية والتحاليل والأشعة، ولكن ليس هذا المبلغ الذي يتقاضونه من أهالي الأطفال، في البداية يخبرون أهل الطفل بذلك المبلغ ولكن في النهاية تتفاجئ الأسر بالمبالغ المطلوبة، ذلك بخلاف عدم نظافة الحضانة وتعقيمها وتطهيرها من الداخل مما يتسبب في نقل الأمراض والميكروبات للأطفال.
اتخذت الحضانة أسم "التقوى" نسبة لأسم مسجد التقوى الذي يقع على بعد أمتار قليلة من الحضانة ليضللوا من خلاله الحالات والإدعاء إنها حضانة شرعية واليوم الواحد بها يتكلف 250 جنيه للإقامة وهو غير ذلك تمامًا.
الحضانة تطلب من الأهالي أشعة إيكو
وبدورنا قمنا بالبحث هنا وهناك عن الحضانة وسؤال كل من يقابلنا، علمنا أن الحضانة تطلب من أهالي جميع الأطفال اشعة "إيكو" على القلب بتكلفة 900 جنيه، وعند سؤال طبيب أطفال افادنا بإن ليس جميع الحالات تحتاج لهذه الأشعة بعكس ما يقوله القائمين على تلك الحضانة لأهالي الأطفال، واتضح أن الحضانة لا تقوم بإجراء تلك الأشعة ولكن يوجد لديهم تقارير مطبوعة بأسم طبيب من غير أسم ولا تاريخ للحالة ويستغلون جميع الحالات حتى التي لا تتطلب حالتها لتلك الأشعة ويقومون بتشخيص الحالة بضرورة إجراء إيكو لها ويتم كتابة أسم الطفل في التقرير "الذي هو بالفعل لديهم" وتاريخ دخوله الحضانة لمحاسبة ذوي الحالة على ثمن الأشعة التي لم يتم إجراءها من الأساس.
كما يقومون بتشخيص الحالة إنه ا تحتاج لحقنة بريماكور بـ 800 جنيه ولا تتوافر هذه الحقنة في الصيداليات ليضطر ذوي الحالة إعطاء المبلغ للحضانة ليقوموا هم بتوفير الحقنة ويتكرر ذلك يوميًا أو يوم بعد يوم على حسب قدرة أهل الحالة المادية التي يقررها القائمون على الحضانة منذ دخول الطفل، مرورًا بالاكسجين وتوفير استشاري ومستلزمات بأسعار خيالية قد تكون بتستخدم لأكثر من مرة "يتم تنظيفها واستخدامها ثانية وهي المقرر لها استعمال واحد فقط" وهو ما يؤثر بالسلب على الحالات ويودي بحياة الكثير منهم.
كما علمنا أيضًا ان القائمين على الحضانة كان لديهم مكان أخر اسمه "الأمل" وعندما حدثت حالات وفاة لكثير من الأطفال بها اغلقوا المكان خوفًا من الأهالي واستبدلوه بالتقوى، كما ان لا أحد يعلم من هو مالك الحضانة ولكن تديرها ممرضة تعرف نفسها لأهالي الحالات بأسمين مختلفين تارة "هند" وتارة اخرى "غادة" وتدعي إنها طبيبة وهي في الأساس ممرضة، كما إنه هناك علاقة مريبة بين الجمعية الشرعية الملحقة بمسجد الأستقامة بمحافظة الجيزة وحضانة التقوى، فهي تحول جميع الحالات للحضانة المذكورة بحجة عدم توافر أماكن لديها.
الحكاية الأولى
في الخامس من نوفمبر الماضي، تم ولادة طفلين توأم، احدهم كان بصحة جيدة، ولكن الآخر يعاني من عدم إكتمال رئتيه، ولعدم توافر سرير بحضانة المشفى التي تم بها عملية الولادة، لجأ والد الطفلين للحضانة المذكورة لإيجاد سرير وجهاز تنفس صناعي لعلاج صغيره.
مر اليوم الأول بتلك الحضانة بسلام، وفي اليوم التالي هاتف والد الطفل الحضانة للأطمئنان على نجله، اخبره القائمين على الحضانة المذكورة بضرورة شراءه حقنة يبلغ ثمنها 2000 جنية مصري، وابلغوه بصعوبة إيجادها في الصيداليات، ليقوم الآخير بدفع ثمن الحقنة نقدي للحضانة ليقوموا هم بعملية توفير الحقنة المطلوبة.
واستمر في زيارة نجله يوميًا للأطمئنان على حالته وهل هي في تحسن أم لا، حينها بدأوا القائمين على الحضانة في طلب الأدوية والحقن باهظة الثمن من والد الطفل بشكل يومي، وفي إشارة من والد الطفل ذكر إنه ليس على دراية هل ياخذ صغيره كل هذه الكمية من العقاقير بالفعل أم لا، بخلاف التحاليل التي يأخذها من القائمين على الحضانة في شكل عينات لتحليلها بمعمل تحاليل خارجي وأيضًا يقوم بدفع نفقاتها، ثم طلبوا بلازما، وأخذ والد الطفل في البحث بمستشفيات عديدة يمينًا ويسارًا إلى أن قام بتوفيرها.
مكث الطفل بالحضانة تسعة أيام، وبمجرد صباح يوم جديد تتجدد متطلبات الحضانة بشكل مستمر، الليلة الأولى تكلفت نحو 1500 جنية بخلاف الأدوية والتحاليل والأشعة، على أن يكون حساب بقية الأيام 850 جنية لليوم الواحد وأيضًا بخلاف المتطلبات المتمثلة في الأدوية والأشعة والتحاليل، وليس مثل ما اخبرونا أن اليوم الواحد يتكلف 250 جنيه مثلما ذكرنا أعلاه.
وبعد مرور تسعة أيام ابلغت الحضانة والد الطفل ان نجله حالته تحسنت ولا يحتاج لإبقاءه بالحضانة أكثر من ذلك على أن يذهب الوالد لإستلام صغيره في اليوم التالي ويقوم بدفع باقي المستحقات المالية، ولكن عندما هم النهار وجاء اليوم التالي هاتف والد الطفل الحضانة والذين بدورهم ابلغوه ان لا يأتي في ذلك اليوم لإستلام الطفل ويذهب اليوم الذي يليه، وتكرر نفس السيناريو في اليوم الذي تلاه، بل وأكدت الحضانة على والد الطفل عدم ذهابه للحضانة في ذلك اليوم لأنهم يريدون ابقاء الصغير معهم ليلة إضافية لتكون صحته أفضل، ولكن هنا شعر والد الطفل بعدم الإرتياح ودق قلبه خوفًا على صغيره حسب وصفه.
وقام مسرعًا وأحد أصدقاءه "طبيب" وذهبوا لمقر الحضانة المذكورة، استقبلتهم الممرضة "هند، غادة" ولكن سرعان ما تركتهم وذهبت دون الإدلاء بأي أحاديث، في تلك اللحظة أبلغ والد الطفل صديقه الطبيب ان نجله توفاه الله بل وأخذ يؤكد له، ولم يكمل حديثه مع نظرات تعجب من صديقه لتخرج عليهم فتاة تعمل بالحضانة لا يتعدى عمرها أكثر من 16 عامًا بحد وصفه، واخبرته بضرورة شراءه "كفن لطفله"، صمت لثوان معدودة متساءلًا متى وكيف؟!.
علم حينها السبب وراء تأجيل الحضانة تسليم الطفل، وهو أن طفله توفي منذ يومين ولكن الحضانة أخفت عليه خبر الوفاة ليستمر في دفع النفقات اليومية مقابل وجود نجله بالحضانة ليستفادوا ماديًا بأكبر قدر ممكن من الحالة، كان لا يعلم إلى متى تخفي الحضانة عليه خبر وفاة نجله والذي علمه بالصدفة بعدما ذهب للحضانة على غير الميعاد المتفق عليه، تذكر حينها حديث ممرض عربة الإسعاف له وقت نقل الطفل من المشفى للحضانة "الحضانة دي اللي داخل فيها ميت"، ولكن لم ينتبه والد الطفل لذلك الحديث وكان كل ما يشغله حالة طفله، وتذكره فقط وقت سماع خبر وفاة نجله.
لم تكتفي الحضانة بارتكاب ذلك الفعل المشين دون رجفة قلب واحدة، بل اخذت في محاسبة والد الطفل واستنزافه ماديًا بغير رحمة، وارادوا تغير كلامهم المتفق عليه في البداية وهو قضاء اليوم الأول بـ 1500 جنية والأيام التي تليه بـ 850 لليوم والواحد بخلاف الإدوية والمستلزمات الطبية، ليتم محاسبته بـ 1500 جنية لليوم الواحد طيلة الأيام التي قضاها الطفل بالحضانة، "على عكس ما أبلغونا به وهو 250 جنيه لليوم الواحد كما ذكرنا أعلاه"، وعند اعتراض والد الطفل وتمسكه بالحساب المتفق عليه بالبداية وافقوا على ذلك خوفًا من إثارة شغب بالحضانة وكشف حقيقة الطفل الذي توفى منذ يومين ولم يبلغوا أسرته، وتم محاسبته بـ 850 جنيه لليوم الواحد، بخلاف المستلزمات الآخرى.
وأوضح "تركي حامد"، والد الطفل إنه عند إستلام طفله المتوفي من الحضانة، كان هناك طفل اخر متوفي ولكن لم يكن على دراية بما حدث له نظرًا لصدمته في وفاة نجله.
الحكاية الثانية
"ولد ابني بثقبين في القلب وضيق في التنفس" بهذه الكلمات بدأ والد طفل أخر يروي لنا ما حدث لطفله بتلك الحضانة.
كان الطفل في حضانة اخرى ولكن لعدم وجود جهاز تنفس صناعي تم نقل الطفل لحضانة "التقوى" لتوافر جهاز التنفس الصناعي بها، مكث الطفل في الحضانة 6 أيام، شاهد والد الطفل طيلة تلك الأيام إستغلال واستنزاف مادي بشكل كبير، في البداية اخبرته الحضانة أن تكلفة اليوم بـ 250 جنيه بخلاف الأدوية والتحاليل، وتم محاسبته في النهاية بـ 500 جنيه لليوم الواحد وذلك بخلاف ما تم الإتفاق عليه في بداية الأمر.
كانت الحضانة تطلب من والد الطفل بشكل يومي حقنة يبلغ ثمنها 850 جنية ولعدم توافر الحقنة في الصيداليات كان والد الطفل يقوم بدفع المبلغ للحضانة ليقوموا هم بتوفير الحقنة للصغير، إلى أن عثر والد الطفل على مكان تتوافر به هذه الحقنه وعندما ذهب لذلك المكان وجد ثمنها يبلغ 620 جنيه فقط وليس 850 مثلما اخبرته الحضانة، كما علم والد الطفل ان الحقنة الواحدة تؤخذ على ثلاثة أيام، وليس حقنة كاملة بشكل يومي كما أدعت الحضانة واستنزفته ماديًا.
لا تتلخص مشاكل الحضانة في الإستنزاف المادي فقط بل كانت أكبر من ذلك، اليوم الذي سبق خروج الطفل من الحضانة ذهب والده للأطمئنان عليه، وكانت الصدمة عندما شاهد عامل يقوم بتصليح شئ ما بداخل الحضانة وبيده سجارة يدخنها.
على الفور أخذ الوالد نجله من الحضانة وقام بالذهاب به إلى حضانة اخري، والتي بدورها قامت بفحص الطفل فوجدت أن الطفل مصاب بميكروب في الدم لعدم نظافة الحضانة التي كان بها "التقوى"، ومكث الطفل بالحضانة الأخرى 15 يوم إلى أن استرد صحته وتم خروجه بسلام، وقام والد الطفل بعد نقل طفله لحضانة اخرى بالمشاجرة مع حضانة التقوى ولكن دون جدوى.
الحكاية الثالثة
الحكاية الثالثة كانت لسيدة تستغيث وتبكي في مترو الأنفاق لتدهور حالة نجلها الذين حاولوا بكل الطرق توفير حضانة له ولكن لم يكن في استطاعتهم نظرًا لضيق الحال، قامت فتاة بتصوير الحالة ونشرها على موقع التواصل الأجتماعي "الفيسبوك" برقم تليفون خاص للحالة لمن أراد مساعداتها.
شاهدت فتاة اخرى المنشور على الفيسبوك وقررت هي ومجموعة من أصدقائها تبني الحالة ماديًا وتواصلت بالفعل مع والد الطفل وتكفلت بالعلاج واخذت تبحث عن حضانة تستقبل الطفل الذي كان يعاني من التهاب رئوي حاد واشتباه كورونا.
بالفعل ذهبوا لأكثر من مستشفى حكومي ولكن دون جدوى من ضمنهم مستشفى أبو الريش، وذهبت المتبرعة مع والد الطفل لأكثر من مستشفى خاص ولم يجدوا مكان يستقبل الطفل، بعد ذلك اخذوا في البحث عن الجمعيات الشرعية إلى ان توصلوا لحضانة شرعية ملحقة بمسجد الأستقامة بمحافظة الجيزة.
قالت المتبرعة إنه كان هناك مماطلة غريبة من جانب الجمعية الشرعية في محاولة توفير مكان للطفل وبعد حدوث مشادات كلامية من جانب والد الطفل والممرض بتلك الجمعية نصحهم بالذهاب لحضانة "التقوى"، وبالفعل ذهبوا للحضانة المذكورة، واستلمت الحضانة الطفل وابلغتهم ان تكلفة اليوم بـ 500 جنيه بخلاف المستلزمات الطبية.
تم ايداع 2000 جنيه بشكل مبدأي تحت الحساب من قبل المتبرعة، وبعد مرور يومين قامت المتبرعة بإيداع 4000 ألاف جنيه ليصبح المبلغ الدفوع 6 ألاف، "تلك المبالغ التي كانت تقوم المتبرعة بتجميعها هي وأصدقائها ليضعوهم تحت الحساب مؤقتًا إلى أن يتم إخبارهم بالتكلفة النهائية" وتم زيادة المبلغ من أصل التبرعات إلى أن وصل لـ 10 ألاف، لحين معرفة المبلغ التي تكلفته الحالة بالكامل ودفع المزيد أو استرداد المتبقي.
قضى الطفل بالحضانة تسعة أيام وبعد إتمام شفاءه قالت الحضانة للمتربعة إنهم يريدون 8 ألاف جنيه باقى الحساب، حينها حدثت مشادات كلامية عديدة بين الحضانة والمتبرعة التي كانت تعتقد أن الحضانة ليست بخاصة وقائمة على التبرعات أو ما شابه ذلك، وبعد حدوث تلك المشادات قامت الحضانة بتخفيض المبلغ ليصبح 13.500 ألف جنية بدلًا من 18 ألف.
وعندما طلبت المتبرعة إيصالات بالمبلغ المدفوع كتب الممرضة "هند، غادة" الإيصالات أمامها، وكان أخر 6 أيام للطفل في الحضانة بنفس الإيصال والمستلزمات كأنه منسوخ، حينها شكت المتبرعة وقالت للممرضة بسخرية أو التي تدعي بإنها طبيبة "خليكي شاطرة وغيري حتى في ترتيب الإدوية بدل ما الإيصالات كوبي بيست من بعض كده"، حينها نظرت الممرضة لها بابتسامة مبهمة ولن تتحدث وأكملت ما تفعله، وقالت المتبرعة أنهم تحصلوا منهم على ذلك المبلغ ولكن لن يقدموا به الخدمة كاملة للطفل.
وفي ذلك السياق قال الدكتور عمرو حسن، أستاذ النساء والتوليد بطب قصر العيني، أنه حسب تعداد المواليد لسنة 2021 تم ولادة 2.2 مليون طفل، تمثل نسبة الولادة المبكرة من تلك العدد 10%، وعدد الأطفال الذين يحتاجون لحضانات تتمثل نسبتهم في 25% من مواليد مصر، وبالتالي يكون عددهم أكثر من الحضانات المتوفرة بالفعل.
وأضاف حسن" في تصريح خاص لـ "الفجر"، ان الأطفال داخل الحضانات يكونوا معرضين بشكل كبير لمضاعفات تزيد من فترة مكوثهم بالحضانات، ولذلك يوجد لدينا في مصر مشكلة مستمرة وهي نقص الحضانات والرعايات المركزة.
ومن جانبها أوضحت الدكتورة عبلة الألفي، إستشاري الأطفال حديثي الولادة، الأشتراطات الواجب توافرها في حضانات الأطفال قائلة: يجب أن تكون المساحة لكل حضانة 6 متر مربع، وبين كل حضانة واخرى 1 متر، وتوضع الحضانة عمودية على الحائط وليس موازية له، كما يجب تعقيم الحضانة كاملة كل خمسة أيام وفي حالة كل طفل جديد.
وأضافت الألفي، في تصريح خاص لـ "الفجر"، أنه يجب ان تكون أرضية الحضانة من البورسلين أو المطاط، كما يجب تركيب وذرة من البورسلين بارتفاع 10 سم، وتكون الحوائط من السيراميك أو دهان مضاد للبكتريا أو سهل الغسل، وأيضًا السقف يجب أن يكون سهل الغسل، ويجب أن تكون الشبابيك ألوميتال محكمة الغلق مع توفير شباك سلك لمنع دخول الحشرات، وجهاز تكييف يكفي المساحة الداخلية للحضانة ويفضل الأسبليت بحيث تكون درجة الحرارة 24 درجة مئوية.
وأشارت استشاري الأطفال حديثي الولادة، أن كل حضانة يجب أن يلحق بها جهاز قياس تشبع الدم بالأكسجين، ومونيتور لمتابعة التنفس والنبض، وجهاز علاج ضوئي، وشفاط كهربائي، وجهاز حقن كهربائي بالوريد، وجهاز تنفس يدوي ذاتي، كما يجب أن يكون داخل كل حضانة أخصائي لرعاية الأطفال المبتسرين، وطبيب مقيم مدرب على الحضانات لمدة تزيد عن عامين، وممرضة لكل 2 حضانة مدربة على الحضانات، و2 عاملة نظافة لكل 5 حضانات.
الحكاية الرابعة
كانت لطفلة تعاني من انسداد في الأمعاء الدقيقة لحظة ولادتها وتم إجراء لها عملية، بعد ذلك بفترة أصيبت بـ التهاب رئوي وكانت تبلغ من العمر حينها 50 يومًا، توجها والد ووالدة الطفلة للجمعية الشرعية الملحقة بمسجد الإستقامة بمحافظة الجيزة، وقامت الجمعية الشرعية بإدلالهم على حضانة التقوى لعدم توافر مكان لديهم للطفلة.
بالفعل ذهب والدي الطفلة لحضانة التقوى، اخبروهم ان نجلتهم تحتاج لأسبوع فقط في الحضانة للشفاء من الالتهاب الرئوي، بعد مرور الأسبوع ذهبت والده الطفلة للأطمئنان على حالة ابنتها ولكن أخبروها إنها تحتاج لثلاثة أيام إضافية، وعند كل زيارة للطفلة يجدوا والديها أن حالتها أسوأ مما كانت عليه في بداية الأمر.
قضت الطفلة في الحضانة 12 يوم، وعند ذهاب والدتها لإستلامها وجدتها مازالت متعبة ولديها "كحة" وأخبرتها الممرضة بالحضانة أنه بمرور أسبوع تختفى "الكحة"، وفي كل زيارة كانت تطلب الحضانة فلوس تحت الحساب ولا يخبروا أهل الطفلة بما تم انفاقه، أخذت الحضانة 6 ألاف جنيه وعند ذهاب والدة الطفلة لإستلامها أخبروها إنهم يريدون 7 ألاف باقي الحساب، وكانت والدة الطفلة لم تعلم بالمبلغ المتبقى، فرفضت الحضانة تسليمها الطفلة إلا بعد سداد المبلغ المتبقى.
غادرت والدة الطفلة الحضانة وهي تخبرهم أن زوجها سيأتي بعد ساعتين ليستلم الطفلة ويقوم بتسديد المبلغ المتبقى، بالفعل ذهب والد الطفلة وقام باستلام طفلته في الحادية عشر ونصف مساءًا، وصفت والدة الطفلة حالة ابنتها بعد عودتها من الحضانة مع والدها، قائلة: "كانت هدومها غرقانة ماية ولفينها بملاية خفيفة في عز السقعة" اثار حال الطفلة حفيظة والدتها التي قامت بالإتصال بالحضانة لتتشاجر معهم، حينها أخبرتها الممرضة إنه لا يوجد بالحضانة غيرها وجميع الممرضات غادروا الحضانة وكان ليس لديها متسع من الوقت لتبديل ملابس الطفلة.
تلك الليلة التي قضتها الطفلة مع والدتها في المنزل كانت متعبة وغير قادرة على التنفس ولديها "كحة" مستمرة، وفي اليوم التالي ذهبت الأم بالطفلة لطبيب أطفال الذي بدوره أخبرها أن حالة طفلتها كانت لا تسمح الخروج من الحضانة وتحتاج لدخول الحضانة ثانية وبشكل عاجل، وكان مع والدة الطفلة 2 أشعة احداهم بتاريخ 6 ديسمبر قبل دخول الطفلة حضانة التقوى والآخرى بتاريخ 12 ديسمبر، حينها ابلغها الطبيب أن الأشعة التي تم إجراءها يوم 12 أسوأ بكثير من الإشعة التي تم إجراءها يوم 6، والمفروض العكس.
ذهبت والدة الطفلة لحجزها بحضانة اخرى وتم إجراء لها تحليل دم الذي بين إصابة الطفلة بميكروب في الدم، وأكدت والدة الطفلة وبالمستندات أن عند دخول إبنتها حضانة التقوى كانت تعاني من التهاب رئوي فقط، ولكن خرجت من نفس الحضانة وهي تعاني من الالتهاب الرئوي وميكروب في الدم، هاتفت والدة الطفلة حضانة التقوى وقصت عليهم ما حدث لطفلتها حينها تبرءوا قائلين أن طفلتها خرجت من الحضانة لديهم سليمة وليس لديهم أي فكرة عن ما تقوله والدة الطفلة.
طالبت والدة الطفلة حضانة التقوى باسترجاع المبالغ التي تم دفعها لهم بسبب أن طفلتها ساءت حالتها بالحضانة لديهم إلى جانب إصابتها بميكروب في الدم، إبلغتها الحضانة إنه ا سوف تعود للإدارة للنظر في الأمر وأغلقت الهاتف في وجه والدة الطفلة، ذهبت والدة الطفلة للحضانة وجدت عدد من الأهالي مجتمعين بالحضانة لنفس السبب "سؤ حالة ابنائهم أكثر مما كانوا عليه، والإستغلال المادي، وعدم نظافة الحضانة"، وحدثت مشاجرة بين الممرضة التي تدعى "هند أو غادة" وأهالي الأطفال، حينها طلبت الممرضة الشرطة.
وكانت شكاوي عديدة من الأهالي، ومن والدة الطفلة التي تطالب باسترجاع المبلغ، وقبل وصول الشرطة اخذت الأهالي الموجودة في الإنسحاب والمغادرة، ولن يتبقى بالحضانة سوا والد ووالدة الطفلة وعندما هموا بالمغادرة أغلقت الممرضة الباب الخارجي بالمفتاح لعدم مغادرتهم لحين وصول الشرطة، عند وصول الشرطة ادعت الطبيبة بالكذب والافتراء ان والد ووالدة الطفلة تهجموا عليها وتلفظوا بألفاظ مشينة وقاموا بضرب الممرضات، وقالت الطبيبة للشرطي إنه ا اخبرت الطبيب مالك الحضانة الذي بدوره طلب منها الاتصال بالشرطة واخبارهم انهم اتوا للحضانة لسرقة طفل وانهم ليس لديهم طفل بالحضانة، وبالفعل كانت ابنتهم في ذلك الوقت بحضانة اخرى.
قالت الطبيبة للشرطي إنه ا لم تخالف ضميرها وتنصت لكلام الطبيب ولكن أكدت انهم تهجموا عليها وقاموا بضرب الممرضات، ابلغ أمين الشرطة والدة الطفلة إنه ا لو قامت بتحرير محضر هي وحدها التي تضر نظرًا لأن في ذلك الوقت طفلتها ليست موجودة بنفس الحضانة، وطالبت الطبيبة من الشرطي امضاء والد ووالدة الطفلة على عدم التعرض لها ثانية، حينها أخذت ممرضة من الحضانة والدة الطفلة خلسة بحجة إنه ا تقوم بغلس وجهها لتبعدها عن الممرضة والشرطي، ونصحتها بعدم تحرريها محضر لأن نفس الموقف حدث منذ ثلاثة أيام وتم حبس والدة الطفلة، كما اخبرتها إنه يوجد علاقة بين الشرطي والطبيبة لأن ذلك الموقف يتكرر كثيرًا، وقالت لها إنه ا تعمل بالحضانة منذ أسبوع واحد فقط ورأت "بلاوي" بحد تعبيرها، من ضمنها أن جميع الأطفال بالحضانة يتم ارضاعهم بببرونة واحدة.
ولوقت قريب كانت الطفلة محجوزة بحضانة اخرى تعاني من ميكروب في الدم الذي وصل إلى المخ، واضطر الطبيب أخذ عينة بذل من النخاع من ظهر الطفلة، لمعالجة الأمر، ذلك الميكروب التي تسببت فيه حضانة التقوى.
الحكاية الخامسة
بعد ولادة الطفل نصح الطبيب بالمستشفى التي تمت بها عملية الولادة، والد الطفل بدخول طفله حضانه لأنه كان يعاني من مايه على الرئة، وكانت تستلزم حالته إبقاءه يوم أو اثنين فقط بالحضانة، ذهب والد الطفل للجمعية الشرعية الملحقة بمسجد الإستقامة بمحافظة الجيزة، ولعدم توافر مكان نصحوه بالذهاب لحضانة التقوى، بالفعل ذهب للحضانة المذكورة ولكن تم حجز الطفل بها ليس ليوم أو اثنين مثلما قال الطبيب بالمستشفى ان الأمر بسيط ولا يستدعي أكثر من ذلك، بل مكث الطفل بالحضانة 5 أيام وكانت حالة الطفل تزداد سوء واصيب بميكروب في الدم، اخذه والده من الحضانة لنقله بحضانة اخرى ولكن لم توافق أي حضانة على استلام الطفل لسوء حالته وكانت من ضمن الحضانات التي ذهب لها والد الطفل حضانة خاصة بالجيزة والتي عاتبته على علاج نجله بحضانة التقوى وأيضًا رفضوا استلام الطفل، وكان ليس على والد الطفل سوى ارجاع طفله ثانية للحضانة المذكورة وهو مقيد الأيدي ولا يعلم ماذا يفعل لإنقاذ طفله، وقام بسؤال الممرضة هل تم إجراء لطفله اشاعة على الصدر؟.
قالت له الممرضة لا وفي اليوم التالي اخبرته إنه تم إجراء له الأشعة وسلمته تقرير ولكن كان بتاريخ يسبق سؤاله لها عن الأشعة التي ردت عليه بلا، حينها علم والد الطفل ان تقرير الأشعة ليس لطفله ولكن هو لطفل اخر وادعت الممرضة إنه ا اجرت الأشعة له التي بالفعل اخذت تكلفتها، وكان نفس الشئ في التحاليل، وكانت تزداد حالة الطفل سوء كل يوم عن اليوم الذي يسبقه، ثم بعد ذلك حدث نزيف للطفل واخذوا في مطالبة والده بإحضار ادوية باهظة الثمن وحقنة ثمنها يزيد عن الثلاثة ألاف جنية.
وكانت الصدمة حين هاتفت الحضانة والد الطفل وطلبت منه الحضور للحضانة فورًا، وعند وصول والد الطفل وجد طفله جثة هامدة، "شوفت ابني متحنط زي الخشبة ونازف من فمه وانفه"، ورغم ما حدث وصدمة والد الطفل منعته الحضانة من استلام جثمان نجله إلا بعد سداد المبلغ المستحق، وقام والد الطفل بدفع 25 ألف جنيه لإستلام جثمان ابنه.