في حب ريهام
.
تسللت ريهام من جواره ليلا.. توقظها فطرة الأمومة.. لتطمئن على صغيرها في الغرفة المجاورة.. لكن.. وقبل أن تصل إلى الصغير.. استسلمت لنداء آخر.. أشد إلحاحًا.. وأكثر طلبًا فانطلقت مسرعة إلى المطبخ.. وكانت ريهام تعشق الأكل ليلا.. ونهارًا أيضًا.. فأكلت كل ما وقعت عليه العين من زاد.. وخضعت لها أبواب الثلاجة.. فقدمت أدراجها دون قيد أو شرط.. تنهم ما شاء لها أن تنهم.. من فاكهة وعنب.. وقطعة جاتوه تركها الصغير.. وبقايا فرخة الأمس.. ثم انطلقت إلى غرفة المعيشة.. تحمل في يدها زجاجة الماء.. تزيح فلول الطعام إلى الجوف السحيق..
وما إن جلست حتى تذكرت أنها لم تمر على الصغير.. فقامت مسرعة إليه لكنها ارتطمت بحافة الكرسي.. فصارت تصرخ وتقفز وكأنها حبة قمح وضعت على مقلاة زيت.. فاستيقظ زوجها فزعًا متسائلًا.. فلم يفسر ما تقول وقد باتت تتكلم الهندية من هول الألم.. وهي تمسك بطرف أقدامها.. فأوقف من حنانه ألمها.. وأزاح بحلو القول أوجاعها.. ثم إذا ما سكنت كلا الروحين.. هم ليحضر لها من حلو الإدام.. فلم يجد.. فأمسك بهاتفه يطلب سخي الطعام.. وأوصى إليه بسرعة الإحضار.. ثم قال لزوجته بصوت العاشق.. ما الذي أيقظ ثباتك؟.. ألا تعلمين أنك حين تقومين تتعجل الشمس لكي تراكي.. قالت خجلة.. ألا يزعجك وزني الزائد.. وجسدي غير المتناسق.. قال وهو يمتلئ العين منها.. حبيبتي.. تسكن الروح بدار الجسد.. وكلما اتسعت الدار.. تمتع من فيها بطيب الحياة ومرح النفس.. وأنا أسير لتلك الروح المرحة يا أميرتي .. ابتسمت وتنهدت.. ثم تذكرت الصغير مرة أخرى.. فقامت منطلقة إليه. فإذا بجرس الباب يوقفها.. فقد حضر الطعام.. وإذا حضر الطعام غابت الأفكار.. وشلت الإرادة.. فحملته ناسية أمر الصغير.. وجلست تقطع أوصاله.
تنتقل من صنف إلى صنف.. فإذا ما أبت معدتها بادرتها بأكواب البيبسي.. ليرحل الطعام إلى غير رجوع.. حتى أوشك الليل أن ينقضي.. وصارت هي گأنبوب منتفخ أمام قاعة احتفالات.. حتى غلبها النوم.. ليخرج الصغير باكيًا.. يغمره الماء إلى أعلى ظهره يناديها.. حتى إذا ما يأس منها نام في صمت حولها ولسان حاله يقول.. حتى وإن صارت كجبل الطور تملأ الأركان.. ستظل دوما قبلتي.. ومدينتي، تلك التي في حجرها ولد الأمان.