اتفاقية الجلاء أولى ضربات جمال عبد الناصر لأوروبا
23 يوليو أفضل أيام الوطن (2).. "عبد الناصر" أيقونة الخلاص من الاستعمار
بداية الاحتلال الإنجليزي وفساد القصر
منذ أن احتل الإنجليز مصر في عام 1882 إلى قيام الثورة في عام 1952 كان الإنجليز هم القوى الرئيسة في البلاد التي أثرت على مجرى الأحداث والتي ظلت بقية القوى السياسية الأخرى تشكل وتخضع لها حقيقة أن معظم الباحثين والدارسين لتاريخ مصر في تلك الفترة قد درجوا على وصف الحياة السياسية في مصر في تلك الفترة بأنها كانت صراعا بين قوى ثلاث، الإنجليز والقصر، الشعب إلا أن الإنجليز دون القوى الأخرى كان لهم الفوز الأكبر والسيطرة الفعلية شبه الكاملة على البلاد.
الملك المصري يستنجد بالإنجليز ضد جيش بلاده
الإنجليز احتلوا البلاد بقوات عسكرية هزمت القوات العسكرية المصرية على أثر ثورة عرابي عام 1881 تحت دعوى إنقاذ العرش الذي استنجد بالإنجليز حماية له من جيشه الوطني وهنا يهمنا التركيز على نقطة أن دخول الإنجليز إلى مصر كان بناء على الاستجابة إلى رغبة القصر وبعد الدخول في معركة حربية ضد الجيش المصري تلك الاستجابة التي لم تكن بعد ذلك في عام 1952 فأدت إلى جلاء القوات البريطانية جلاء تاما بعد ذلك بأربع سنوات.
فنتيجة استجابة الإنجليز لرغبة القصر (الخديوي توفيق) في الوقوف ضد جيشه الثائر احتل الإنجليز مصر بعد هزيمة الجيش المصري والقبض على زعيم الثورة ونفيه خارج البلاد ومن الممكن القول بأن بجانب احتلال الإنجليز لمصر في عام 1882 فقد ظهرت ثلاث نتائج أخرى نتيجة لأحداث عام 1882.
اقرأ أيضا… 23 يوليو أفضل أيام الوطن (1).. العقود العجاف قبل الثورة
تحطيم الجيش المصري قبل ثورة يوليو
تحطم الجيش المصري وعمل الإنجليز والملك بعد ذلك على عدم قيام جيش مصري من الممكن أن يشكل تهديدات للقصر وللإنجليز وبذلك لم يعد الجيش يشكل قوة سياسية في البلاد، ثانيا رغم أن الإنجليز قد دخلوا البلاد بناء على رغبة وحماية للعرش ونفذوا مخططهم في احتلال البلاد تحت هذه الحجة إلا أنهم كانوا يعلمون علم اليقين أن القصر باستبداده وفساده كان المسئول الأول عن ثورة 1881 لذلك وضع الإنجليز نصب أعينهم سياسة مزدوجة تقوم أساسا على تحجيم دور القصر من ناحية الاعتماد على قوى أخرى غير القصر.
نصف في المائة من السكان يملكون نصف الأراضي الزراعية
فنتيجة لتطور علاقات الملكية في مصر منذ ظهور الملكية الخاصة في الأرض الزراعية (أي في منتصف القرن الماضي) وحتى منتصف القرن الحالي، أن أصبح نحو نصف في المائة فقط من السكان يملكون نحو نصف الأراضي الزراعية مما شكل خللا اجتماعيا كبيرا ظهرت أثاره في انتشار العديد من الأفكار التي تدعو إلى الإصلاح الاجتماعي بعضها معتدل مثل الدعوة التي أطلقت في مجلس الشيوخ من أجل تحديد الملكية الزراعية وبعضها متطرف مثل الدعوة الشيوعية وكان الإنجليز وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية وظهور الاتحاد السوفيتي كقوة رئيسية على المسرح الدولي.
البلاد تبحث عن المخلص من الفساد والاستعمار
وبلغ الخراب ذروته حتى أتى جمال عبد الناصر، أيقونة الخلاص من الاستعمار ووقّع النص النهائي لـاتفاقية الجلاء لتتكلل مساعي الشعب المصري الذي كافح حتى إجلاءه آخر جندي بريطاني من أراضيه، عبر نضال استمر 73 عامًا و9 أشهر و7 أيام، كانت عمر وجود الاحتلال الإنجليزي على الأراضي المصرية.
مساعي الجلاء
زار الزعيم جمال عبد الناصر، مدينة بورسعيد في أغسطس عام 1953، ودعا الشعب إلى مواصلة الكفاح ضد الاحتلال الإنجليزي؛ إذ قال مخاطبا المواطنين، إن مصر متكاتفة معكم لإجلاء قوات المحتل الغاصب، حتى يغادر بلادنا، آخر جندي أجنبي من قوات الاحتلال، ما قوبل باحتفاء شعبي، الأمر الذي أعلن عن احتضان الدولة للمقاومة الشعبية.
حكومة الضباط الأحرار تحتضن المقاومة
وشجعت تلك الحاضنة الرسمية التي وفرتها حكومة عبدالناصر الشعب المصري على مواصلة الكفاح ضد الاحتلال الإنجليزي؛ إذ شهدت الفترة بين أواخر ديسمبر 1953، حتى أوائل 1954 حركة مقاومة شعبية واسعة؛ وتعددت العمليات النوعية للمقاومة الشعبية ضد جنود الاحتلال الإنجليزي، بمعسكرات القناة، مما أجبر الوزير البريطاني، سلوين لويد، على إعلان قبول بريطانيا استئناف المفاوضات حول جلاء الإنجليز عن مصر مجددًا.
المقاومة وحكومة جمال عبد الناصر يهزمان الإنجليز
أجبرت المقاومة الشعبية المدعومة بحاضنة رسمية، الجانب البريطاني على استئناف المباحثات، في يوليو 1954؛ إذ وقع الجانبان المصري والبريطاني مذكرة تفاهم، حول الجلاء وقعها كل من جمال عبدالناصر، وأنتوني هيد وزير الحربية البريطانية، آنذاك.
وتشكل الوفد المفاوض المصري من عبدالحكيم عامر، وعبداللطيف البغدادي، وصلاح سالم، ومحمود فوزي، فيما مثل الوفد البريطاني رالف ستيفنسون السفير البريطاني في القاهرة، وميجر بنسون القائد العام للقوات البريطانية، في منطقة القناة، ورالف موري الوزير المفوض في السفارة البريطانية، وأنتوني هيد، وزير حربية بريطانيا المساعد لشئون الشرق الأوسط.
جمال عبدالناصر يوقع اتفاقية الجلاء.
الزعيم جمال عبد الناصر يطر الإنجليز ويجليهم عن البلاد
استكملت مصر مسار التفاوض للحصول على مسعاها بإجلاء آخر جندي إنجليزي من أراضيها، وفى 19 أكتوبر 1954، وقع الرئيس الراحل، جمال عبدالناصر، اتفاقية الجلاء، مع رئيس الوزراء البريطاني، ونستون تشرشل، الذي ما دام كان رافضًا لمسألة الجلاء.