أدلة وجوب الحجاب من القرآن والسنة بالإضافة إلى كيفية الحجاب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، أما بعد:
أختي المسلمة!
لقد دأبت بعضُ الأقلام بين فينةٍ وأخرى على النيلِ من حجابك والهجوم عليه، واصفةً إياه بالتخلف والرجعية وعدم مواكبة التطور الذي نشهده، والقرن الذي نحن على مشارفه، حيث إننا نعيش عصر الفضائيات والاتصالات والعولمة وتلاقح الأفكار وغير ذلك من مظاهر التقدم العلمي والتكنولوجي.
وقد انقسم هؤلاء المبهورون بمدنية الغرب إلى أقسام عدة:
فـمنــهم من أنكر فرضية الحجاب بالكلية، وزعم أنه من خصوصيات العصور الإسلامية الأولى!!
ومنهم من أنكر غطاء الوجه وراح يدعو إلى السفور والاختلاط، زاعماً أن ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله ما يدل على تغطية وجه المرأة، وأن ذلك من قبيل العادات الموروثة التي فرضها المتشددون!
ومنهم من تخبَّط فقال: إن الحجاب سجن يجب على المرأة أن تتحرر منه حتى تستثمر طاقاتها في مواكبة العصر، ومشاركة الرجل مسيرته التقدمية نحو آفاق المدنية الحديثة!
ومنهم من طبق المثل القائل: رمتني بدائها وانسلَّت فزعم أن الذين يدعون إلى الحجاب ونبذ التبرج والسفور ينظرون إلى المرأة نظرة جسدية،ولو أنهم تركوا المرأة تلبس ما تشاء لتخلَّص المجتمع من هذه النظرة الجسدية المحدودة!!
وهؤلاء جميعاً قد اشتركوا في الجهل والدعوة إلى الضلال، شاءوا أم أبوْا.
والأمر في ذلك كما قال الشاعر:
فإن كنتَ لا تدري فتلك مصيبةٌ *** وإن كنت تدري فالمصيبةُ أعظمُ
أما حقيقة هؤلاء فلا تخفى على ذي عينين!
وأما كلامهم فباطل باطل، يبطل أولُه آخرَه، وآخرُه أولَه، قال تعالى: وَلَتَعرِفَنهُم فِي لَحنِ القَولِ وَاللهُ يَعلَمُ أَعمالَكُم [محمد:30].
وأما دعوتهم فمؤامرة مكشوفة على المرأة المسلمة، وعلى الأسرة والمجتمع والأمة بأسرها.
ومع ذلك فقد نجح هؤلاء في السيطرة على عقول بعض نسائنا، فأغروهن بكلامهم المعسول وعباراتهم البراقة التي تحمل في طيَّاتها الهلاك والدمار، فظننَّ أن هؤلاء هم المدافعون عن قضايا المرأة وحقوقها، وجهلن أن الإسلام قد صان المرأة أتمَّ صيانة، ورفع مكانتها في جميع مراحل حياتها، طفلةً وبنتاً وزوجة وأُمًّا وجدة.
ولما كان الأمر كما قال الشاعر:
لكلِّ ساقطةٍ في الحيِّ لاقطةٌ *** وكلُّ كاسدةٍ يوماً لها سوقُ
فقد تعيَّن الردُّ على هؤلاء ودحض شبهاتهم، وتفنيد كلامهم، وكشف عوار أحاديثهم وزيف أطروحاتهم، لعلهم يعودوا لرشدهم ويتخلوا عن باطلهم.
الحجاب عبادة
الحجاب عبادة من أعظم العبادات وفريضة من أهم الفرائض؛ لأن الله تعالى أمر به في كتابه، ونهى عن ضده وهو التبرج، وأمر به النبي في سنته ونهى عن ضده، وأجمع العلماء قديماً وحديثاً على وجوبه لم يشذّ عن ذلك منهم أحد، فتخصيص هذه العبادة – عبادة الحجاب – بعصر دون عصر يحتاج إلى دليل، ولا دليل للقائلين بذلك ألبتة. ولذلك فإننا نقول ونكرر القول: لا جديد في الحجاب .
ولو لم يكن الحجاب مأموراً به في الكتاب والسنة، ولو لم يرد في محاسنه أيُّ دليل شرعي، لكان من المكارم والفضائل التي تُمدح المرأة بالتزامها والمحافظة عليها، فكيف وقد ثبتتْ فرضيَّتُه بالكتاب والسنة والإجماع؟!
أدلة الحجاب من الكتاب والسنة
وفي هذه الأدلة برهان ساطع على وجوب الحجاب، وإفحامٌ واضح لمن زعم أنه عادة موروثة أو أنه خاصٌّ بعصور الإسلام الأولى.
أولاً: أدلة الحجاب من القرآن:
الدليل الأول: قوله تعالى: وَقُل للمُؤمِنَاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَارِهِن وَيَحفَظنَ فُرُوجَهُن وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُن إِلا مَا ظَهَرَ مِنهَا وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُن إلى قوله: وَلاَ يَضرِبنَ بِأَرجُلِهِن لِيُعلَمَ مَا يُخفِينَ مِن زِينَتِهِن وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيهَا المُؤمِنُونَ لَعَلكُم تُفلِحُونَ [النور:30].
قالت عائشة رضي الله عنها: { يرحم الله نساء المهاجرات الأُول؛ لما أنزل الله: وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن شققن مروطهن فاختمرن بها } [رواه البخاري].
الدليل الثاني: قوله تعالى: وَالقَوَاعِدُ مِنَ النسَاء اللاتي لاَ يَرجُونَ نِكَاحاً فَلَيسَ عَلَيهِن جُنَاحٌ أَن يَضَعنَ ثِيَابَهُن غَيرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَستَعفِفنَ خَيرٌ لهُن وَاللهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ [النور:60].
الدليل الثالث: قوله تعالى: يأَيهَا النبِي قُل لأزواجِكَ وَبَناَتِكَ وَنِسَاء المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِن مِن جَلابِيبِهِن ذلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلاَ يُؤذَينَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رحِيماً [الأحزاب:59].
الدليل الرابع: قوله تعالى: وقَرنَ فِي بُيُوتِكُن وَلاَ تَبَرَّجنَ تَبَرجَ الجاَهِلِيةِ الأولَى [الأحزاب:33].
الدليل الخامس: قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلتُمُوهُن مَتَاعاً فـاسـأَلُوهُن مِن وَرَاء حِجَابٍ ذلِــكُم أَطهَرُ لِقُلُوبِكُم وَقـُلُوبِهِن [الأحزاب:53].
ثانياً: أدلة الحجاب من السنة:
الدليل الأول: في الصحيحين أن عمر بن الخطاب قال: يا رسول الله، احجب نساءك. قالت عائشة: فأنزل الله آية الحجاب. وفيهما أيضاً: قال عمر: يا رسول الله، لو أمرتَ أمهات المؤمنين بالحجاب. فأنزل الله آية الحجاب.
الدليل الثاني: عن ابن مسعود عن النبي قال: { المرأة عورة } [الترمذي وصححه الألباني].
الدليل الثالث: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : { من جرَّ ثوبه خُيَلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة } فقالت أم سلمة رضي الله عنها: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: { يرخين شبراً } فقالت: إذن تنكشف أقدامهن. قال: { فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه } [رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح].
أدلة سَتر الوجه من الكتاب والسنة
أولاً: قوله تعالى: وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن [النور:30].
قال العلامة ابن عثيمين: ( فإن الخمار ما تخمِّر به المرأة رأسها وتغطيه به كالغدقة، فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها ).
ثانياً: قوله تعالى: يأَيهَا النبِي قُل لأزواجِكَ وَبَناَتِكَ… [الأحزاب:59].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ( أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلاليب ). قال الشيخ ابن عثيمين: ( وتفسير الصحابي حجة، بل قال بعض العلماء إنه في حكم المرفوع إلى النبي ).
ثالثاً: عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي قال: { لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين } [رواه البخاري].
قال القاضي أبو بكر بن العربي: ( قوله في حديث ابن عمر: { لا تنتقب المرأة المحرمة } وذلك لأن سترها وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج، فإنها ترخي شيئاً من خمارها على وجهها غير لاصق به، وتعرض عن الرجال ويعرضون عنها ).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( وهذا مما يدلّ على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن ).
رابعاً: في قوله : { المرأة عورة } دليل على مشروعية ستر الوجه. قال الشيخ حمود التويجري: ( وهذا الحديث دالّ على أن جميع أجزاء المرأة عورة في حق الرجال الأجانب، وسواءٌ في ذلك وجهها وغيره من أعضائها ).