قايتباي تحتضن زوار الإسكندرية.. المراكب تحتمي بها ليلا والزوار يندهشون بها نهارا
قلعة قايتباي، المعلم الأثري الأهم في أذهان زوار محافظة الإسكندرية، وحولها تبدأ الحكايات، مراكب الصيد الصغير تحتمي بها ليلا في ساحتها البحرية، والزوار يأتونها من كل حدب وصوب لإلتقاط الصور التذكارية بداخلها، فباتت من أهم المعالم السياحية في مصر.
بنائها الشاهق المرتفع
وتتميز القلعة ببنائها الشاهق المرتفع فوق صخرة لتظل علما من أعلام الإسكندرية، لطالما استخدمت لصد العدوان القادم على المدينة من ناحية البحر، وظلت صامدة في وجه الزمن لمئات السنين، حيث أمر ببنائها السلطان الأشرف قايتباى وقت زيارته التاريخية للإسكندرية في صيف 1477، واستغرقت أعمال البناء والتشييد قرابة عامين وزارها السلطان قايتباى سنة 1479 بعد انتهاء إنشائها، حيث كان السلطان الأشرف قايتباى من أكبر سلاطين الدوله المملوكية البرجية والدولة المملوكية بوجه عام، وحكم مصر لمدة 28 سنة من 1468 لـ 1496.
جولة ميدانية داخل القلعة
"الفجر" أجرت جولة ميدانية داخل القلعة للتعرف على تاريخها ومشتملاتها الموجودة في طوابقها، حيث يقول الدكتور حسام عبد الباسط مدير عام الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية في الإسكندرية والساحل الشمالى، إنه على الرغم من قرون الزمن التي مرت عليها وهى قابعة داخل مياه البحر على صخرة إلا أنها استطاعت أن تحتفظ بتاريخها محفوظًا ومسجلًا في آثارها ومبانيها، إذ إن المدينة ليست مبانى، وشوارع، ومرافق يعيش وينتفع بها البشر، ولكن المدن دائما تفوح بعبق التاريخ، والحضارة، وتحمل رموزًا تنطق بالمبانى، وتتحدث إلى الأجيال.
أهم الآثار الموجودة في مدينة الإسكندرية
وأوضح أن قلعة قايتباى تعد من أهم الآثار الموجودة في مدينة الإسكندرية، فهى تقع بالقرب من ميدان المساجد في منطقة الأنفوشى حاليًا، وتقع في نهاية لسان أرضى يمتد غربى ميناء الإسكندرية الشرقى، حيث بُنيت على أنقاض فنار الإسكندرية القديم، وتكلفة إنشائها بلغت في ذلك الوقت 90 ألف جنيه، وتم إصدار مرسومًا سلطانيا في عام 907 هـ/1501 م ينص على عدم إخراج سلاح أو بارود أو مكاحل خارجها، ومن يخالف ذلك يتعرض للشنق على باب القلعة، وأثبت ذلك على لوحة رخامية تم تثبيتها فوق المدخل الثانى للقلعة «الحالى حاليا»، وهى موجودة حتى الآن ونصها كالتالى: رسم بأمر مولانا المقام الشريف الملك الأشرف أبو النصر قانصوه الغورى خلد الله ملكه، أن لا أحد يأخذ من البرج الشريف بالإسكندرية سلاحا مكاحل ولا بارود ولا آلــة ولا غير ذلك من جماعة البرج من المماليك وعبيد وزردكاشية وخرج منه بشىء شنق على باب البرج، وعليه لعنة الله بتاريخ ربيع الأول سنة سبع وتسعمائة من الهجرة.
وصف القلعة
وعن الوصف العام للقلعة قال "عبدالباسط"، إنها عبارة عن سور محصن تحصينًا جيدًا، به برج مربع الشكل يوقد فيه الفنار ليلا، وحجرات شديدة الارتفاع، وبنيت القلعة على مساحة قدرها 17550 مترا مربعا تقريبًا بالحجر الجيرى الصلد، مع تدعيم البرج ببعض الأعمدة الرخامية المتبقية من الفنار، وبنيت على هذه المساحة أسوار القلعة الخارجية، والداخلية، والبرج الرئيسى، وقد بنيت هذه الأسوار لزيادة استحكامات القلعة.
ويضيف مدير عام الآثار الإسلامية في الإسكندرية، أما التخطيط الخارجى للقلعة فهى تضم أولًا الأسوار الخارجية، حيث تدور حول مساحة القلعة أسوار خارجية من الجهات الأربع، الضلع الشرقى يطل السور الخارجى على البحر مباشرة، ويبلغ عرض هذا السور حوالى مترين، وارتفاعه حوالى ثمانية أمتار، ولا يدعم هذا السور أى أبراج، وقد تهدمت معظم أجزائه؛ ولقد أعيد ترميمه مؤخرًا، والضلع الغربى يطل على الميناء الشرقى القديم، ويتخلل هذا السور في مبانيه كتل من الخشب، وجذوع النخيل، وتم تزويد هذا الضلع بثلاثة أبراج نصف دائرية بارزة مزودة بفتحات سهام، ويعتبر هذا الضلع من أقدم الأجزاء الباقية في هذا السور ككل، ويوجد به المدخل الرئيسى للقلعة في نهايتها بالجهة الغربية الجنوبية.
وفي خارج القلعة تجد جميع مظاهر الاحتفال والمرح، فلقد حرص زوار محافظة الإسكندرية، والذي يبلغ تعدادهم يوميا وفق اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية، مليون زائر، على التوافد في للقلعة نهارا، والسهر في باحتها الخارجية ليلا، حيث يستمتع الزوار بمشهد البحر بجوار القلعة.
يقول حسين عبد الشافي، أحد زوار الإسكندرية، زيارة القلعة كل سنة تقليد سنوي لا ننساه، ولا نمل منه، لو لم نأت للقلعة فكأنما لم نز الإسكندرية، وتأجير الدراجات بجوار القلعة، وشراء الهدايا والحلي المصنوعة من صدف البحر، كلها تقاليد سنوية نحرص عليها.
وتقول هدى عبد الحي سليم، إحدى زوار الإسكندرية، الروح في هذا المكان جميلة ومختلفة، الصور هنا لها طعم تاني، نشعر بعبق الإسكندرية وكل ذكرياتنا منذ الطفولة هنا، ونحرص على نأتي بأطفالنا للقلعة ليكونوا ذكريات تشابه ذكرياتنا بل وأشاركهم في ألعابهم هنا ليلا، مثل ركوب الدراجات وزيارة متحف الأحياء المائية.
فيما شدد اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية، على إزالة جميع التعديات على حرم الشاطئ المجاور للقلعة، ووجود كافيهات غير مرخصة تحت الشاطئ، وتفعيل دور الرقابة التموينية، وحملات وزارة الصحة على محلات الأغذية المجاورة للقلعة، وتفعيل دور الرقابة الأمنية بمحيط ساحة قلعة قايتباي، لتهيئة الجو الملائم لزوار المدينة.