"حكايات التجلي الأعظم" خبير آثار يكشف عن موقعين باسم وادي الراحة في سيناء
في إطار استكمال حلقات "التجليات الربانية بالوادى المقدس طوى" منذ دخول يوسف الصديق وأهله آمنين إلى مصر ومسار نبى الله موسى بسيناء حتى الوصول إلى أعتاب المدينة المقدسة والذى يستعرضها خبير الآثار.
موقعين باسم وادي الراحة
قال الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار إن هناك موقعين في سيناء باسم وادي الراحة، الأول هو الموقع المعروف حاليًا بهذا الاسم قبل الدخول إلى دير سانت كاترين والذي فيه استراحت أسرة نبى الله موسى عليه السلام خلال رحلته عائدًا من مدين والتي تم تحقيقها فى هذه الدراسة بالمنطقة بين شرم الشيخ ودهب.
والثاني بقرية الوادي بطور سيناء حيث استراح فيها بنو إسرائيل حين تركهم نبي الله موسى عليه السلام أربعون يومًا لمناجاة ربه وتلقى ألواح الشريعة فعبدوا العجل الذهبي.
وأشار ريحان إلى الموقع الأول طبقًا للآية الكريمة (فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ).
وكلمة سار بأهله هنا تعني أنه انتظر حتى قضاء المدة المتفق عليها مهرًا لزواجه من ابنة العبد الصالح شعيب وانطلق يبغي العودة لأن بقاؤه في مدين ليس نهاية المطاف بل العودة لأخذ بني إسرائيل أهله هو الغرض الحقيقي ولكنه لا يعرف الطريق، وليست كما قال المفسرون بينما يرعى موسى غنمه ومعه زوجته ضل الطريق فى ليلة باردة، بل لأن ميعاد العودة قد اقترب بعد قضاؤه للمدة المتفق عليها، وكان نبى الله موسى يعيش بمدين مدة كافية ليتعرف على معالمها وأماكن الرعى بها فمن غير المنطقى أن يضل الطريق فى هذه الحالة، ولكن لأنه غادر مدين بالفعل متجهًا إلى وادى النيل وفى هذه الحالة يضل الطريق.
الطريق إلى مدين
سار نبى الله موسى بعد أن غادر مدين يتبع موضع الكلأ ومواقع المطر حتى يتوفر له ولأغنامه الحياة لذا اقترب من موقع الوادى المقدس طوى (منطقة سانت كاترين) وهى شهيرة بالأمطار كما أنها أكثر مناطق مصر برودة حيث ترتفع 1580م فوق مستوى سطح البحر، وكل هذا يتوافق مع موقع مدين وموقع شجرة العليقة الملتهبة بالوادى المقدس طوى.
رأى نارًا
وبينما هو فى سيره رأى نارًا فى هذه الليلة الباردة فترك أهله للانتظار لحين إشعال قطعة خشب فى النار لتدفئة أهله أو ربما يجد عند النار من يرشده إلى الطريق لأنه من الطبيعى وجود أشخاص تشعل هذه النيران لصنع الطعام أو التدفئة وبالتالى فقد ترك أهله عند وادى الراحة الحالى بسانت كاترين القريب من شجرة العليقة المقدسة وذهب إلى موضع النار ليجد أمرًا غريبًا فالنار تشتعل فى شجرة العليقة والعليقة لا تحترق ولم يجد أحدًا من الناس بجوار النار كالعادة فأوجس فى نفسه خيفة ورجع إلى الخلف خائفًا والنار تدنو منه، فلما سمع صوتًا اطمأن لوهله ولكن مازال الخوف يخالجه من غرابة ما يرى فقال تعالى مطمئنًا عبده ونبيه (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى)
وفى سفر الخروج أنه عندما كان موسى يرعى غنم حميه يثرون كاهن مدين تمثل له ملاك الرب عند جبل حوريب بلهيب من نار وسط شجرة عليق ولم تحترق الشجرة، وخاطب الرب موسى بعد أن خلع حذاءه: هو ذا صراخ بنى إسرائيل قد أتى إلى ورأيت أيضا الضيقة التى يضايقهم بها المصريون فالآن هلى فأرسلك إلى فرعون وتخرج شعب بنى إسرائيل من مصر، وأصعدهم من تلك الأرض إلى أرض جيدة واسعة إلى أرض تفيض لبنًا وعسلًا إلى مكان الكنعانيين والحثيين والفرزيين والحويين واليبوسيين
ويتابع الدكتور عبدالرحيم ريحان بأنه طبقًا لذلك فإن نحت ما يشبه العجل فى واجهة الجبل بوادى الراحة والذى يعتقد البعض أنه العجل الذهبى الذى عبده بنو إسرائيل فى فترة راحتهم لاعتقادهم بأن نبى الله موسى لن يعود هى معلومة غير صحيحة لعدة أسباب، أن هذا النحت مجرد خيال لا علاقة له بالحقائق الدينية والتاريخية، وأن هذا المكان استراحت فيه أسرة نبى الله موسى وليس شعبه ومن قام بعبادة العجل هم شعب بنو إسرائيل فى رحلته الثانية، وأن الحقائق الدينية تشير إلى أن عبادة العجل الذهبى كانت قرب بحر وليست منطقة جبلية، حيث حرق نبى الله موسى هذا العجل عند عودته بعد التغيب أربعون يومًا لتلقى ألواح الشريعة "التوراة" ونسفه فى اليم أى البحر كما جاء فى سورة طه (وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا) سورة طه آية 97، وهذا العجل صنعه السامرى وهو صائغ ماهر من بنى إسرائيل قام بتحويل الذهب الذى أخذنه نساء بنى إسرائيل من السيدات المصريات دون رده.
ويحدد الدكتور ريحان المنطقة الثانية الذى يجب أن يطلق عليها وادى الراحة الثانى وهى التى استراح فيها بنو إسرائيل وهى قرية الوادى بطور سيناء (مدينة طور سيناء حاليًا) التى تتوافق مع خط سير رحلة بنى إسرائيل بجنوب سيناء عابرين منطقة عيون موسى ومعبد سرابيط الخادم، حيث رأوا معبدًا به تماثيل مصرية قديمة فطلبوا من نبى الله موسى أن يجعل لهم إلهًا مثل هذه التماثيل، ثم سار بنو إسرائيل بالخط الساحلى بمحاذاة ساحل خليج السويس إلى موقع مدينة طور سيناء حاليًا.
وأردف بأن نبى الله موسى ترك شعبه فى موقع تتوافر به المياه والحياة النباتية لما عرفه عنهم من سرعة الضجر وهو موقع قرية الوادى حاليًا بطور سيناء ثم توجه إلى الجبل المقدس وله عدة مسميات منها جبل موسى وجبل المناجاة حيث استمر نبى الله موسى أربعون يومًا يناجى المولى عز وجل من على هذا الجبل حتى تلقى ألواح الشريعة، وهذا الموقع بطور سيناء حاليًا يقع قرب وادى حبران الممتد من طور سيناء إلى منطقة الجبل المقدس (منطقة سانت كاترين حاليًا) والذى تقوم الدولة بتمهيده وتأمينه وتطويره ضمن مشروع التجلى الأعظم، وحين تغيب نبى الله موسى عن قومه أربعين يومًا كما وعده ربه ليتلقى ألواح الشريعة لم يصبر بنو إسرائيل على غيابه وفقدوا الأمل من عودته، فاستجابوا لرجل يدعى السامرى، وكان صائغًا ماهرًا فأخذ الحلى اللائى أخذنه نساء بنو إسرائيل من المصريات وصنع لهم عجلًا له خوار وأقنعهم أن نبى الله موسى لن يرجع إليهم، وكانوا قد طلبوا من نبى الله موسى قبل ذلك أن يجعل لهم إلهًا ورفض ووصفهم بالجهل لجحودهم.
وكان مكان عبادة العجل قرب بحر، كما يعنى هذا أن نبى الله موسى غاب عنهم فى مكان بعيد وإلا لكان لحق بهم ومنعهم من عبادة العجل وعند عودته غضب غضبًا شديدًا وألقى الألواح على الأرض من هول المفاجأة.