يد القانون تضرب بمقامعها أيدي لصوص الآثار
سفاحون انتهكوا الماضي وأفسدوا الحاضر.. الدولة تحمي أثارنا.. والنباشون والأعداء يد واحدة
“يناير ويونيو” الشهران المتضادان البعيدان وقتا، المحببان قلبا، للباحثين عن الثراء السريع في تركات الأجداد، بعد أن عميت عليهم صدورهم فنهشوا تاريخهم وعرضهم، ثم عميت عليهم عقولهم، فباعوها لأعدائهم، ثم أتاهم مالم يكونوا يحتسبون، فذاقوا السوء من أمرهم.
حكاية تلك الشهور
تقل في يناير منسوب مياه ترعة الإبراهيمية حتى يسهل عليهم إمكانية البحث دون أن تطفح عليهم المياه من باطن الأرض، أما في يونيو الشهر المناسب لهم في التعاملات المادية وبين هذا وذاك تحاول وحدة مباحث الآثار بمديرية أمن المنيا الإيقاع بعدد كبير منهم، “الفجر” تجولت بين أنقاض أحلام الواهمين، والباحثين عن الثراء الحرام ـ شرعا وقانونا وعرفا ـ.
الأرض تزمجر غضبا
في شهر مارس من العام الماضي بقرية دير البرشا بمركز ملوي جنوب المنيا لقى شخصان مصرعهما نتيجة انهيار حفرة وهم بداخلها بعمق 4 أمتار، وعلى الفور تم إبلاغ مركز شرطة ملوي وبالفحص وإجراء التحريات تبين قيامهم بالحفر بحثا عن الآثار حتى انهارت الحفرة عليهم وهم بداخلها، تحرر عن الواقعة المحضر اللازم وتولت النيابة التحقيق.
محراب العلم لم يسلم منهم
وبمدينة المنيا وهي الواقعة الأولى من نوعها والأغرب، إذ توجهت أنياب النباشين عن الآثار، إلى إحدى المدارس الشهيرة الموجودة بكورنيش النيل، فمن لم يسلم منه ماضيه، لا يسلم منه حاضره، إلا أن يد القانون الطولى، لم تكن تتدخل لحماية الماضي فحسب، بل المستقبل الذي كان بين جدران تلك المدرسة، كان على موعد مع الصون، إذ شهد التلاميذ القبض عليهم، في سيناريو لم يكن يتوقعه حتى منجمو تلك المقابر.
تعود تفاصيل الواقعة، لاتفاق “محمد. م. ع”، 36 عاما، خفير خصوصي بالمدرسة، مقيم بقرية تله مركز المنيا، و“محمد. ف. ك”، 40 عاما، موظف شئون قانونية بالري، وعضو مجلس إدارة جمعية تعاونية “التعليمية للمعاهد القومية الخاصة”، و”عمار. م. ج”، 25 عاما، طالب بكلية السياحة والفنادق، ومقيم بفيصل بالقاهرة، و”محمود. ا. م”، 24 عاما، طالب، بمعهد الهندسة، ومقيم بأبوقرقاص، بالاتفاق مع”ي. م”، 45 عاما، مدير المدرسة، بالتنقيب عن الآثار داخلها، وذلك بعد انتهاء اليوم الدراسي يوم الخميس، لوجود متسع من الوقت يومي الجمعة والسبت العطلة الأسبوعية ليتمكنوا من إنهاء ما اتفقوا عليه على أن يسهل مدير المدرسة دخولهم وتأمينهم أثناء الحفر ولكن لم تسير الأمور وفق المخطط لها وكان لرجال الشرطة رأيآخر إذ اقتحمت قوات الشرطة المدرسة ليلا وتم ضبط الخفير الذي أرشد عن مكان الحفر بإحدي غرف المعلمين بالمدرسة وتم ضبط جميع المتهمين، وبإجراء التحريات والفحص تبين قيامهم بالحفر تنقيبا عن الآثار وتبين وجود حفرة بعمق 25 مترا.
فلاحون تركوا حرث الحقول فحفروا نحو المجهول
وفي مركز سمالوط شمال المنيا وتحديدا بعزبة عبد الله الخواجة، تنجح قوات شرطة السياحة والآثار في القبض على “خ ح إ م” 62 سنة فلاح، “ص ح ج” 31سنة، فلاح، “ج م خ” 18 سنة طالب، "م خ ح 31 سنة، ب خ ر 31 سنة، عامل وجميعهم مقيمون بدائرة مركز سمالوط غرب وذلك أثناء تنقيبهم عن الآثار بمنزل الأول وتبين وجود حفرة بقطر 2 متر ونصف بعمق 10 متر ووجود مياه جوفية كثيفة، كما تم ضبط أدوات الحفر، واعترف المتهمون بقيامهم بالحفر بحثا عن الآثار.
القانون المصري يحمى الآثار
وألزم الدستور حماية الآثار، إذ نصت المادة 49 على أن تلزم الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها ورعاية مناطقها وصيانتها وترميمها واسترداد ما استولى عليه منها وتنظيم التنقيب عنها والإشراف عليه، كما تحظر إهدار أو مبادلة أي شئ منها، وأن الاعتداء عليها والاتجار فيها جريمة لا تسقط بالتقادم.
كما نص القانون الجنائي على معاقبة المتورطين بتلك الجريمة بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تزيد على 7 سنوات وبغرامة لا تقل عن 3000 جنيه، ولا تزيد على 50 ألف جنيه، كل من سرق أثرا أو جزءا من أثر مملوك للدولة أو هدم أو أتلف عمدا أثرا أو مبني تاريخيا أو شوهه أو غير معالمه أو فصل جزءا منه، أو أجرى أعمال الحفر الأثري دون ترخيص أو اشترك في ذلك وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه، ولا تزيد عن 50 ألف جنيه، إذا كان الفاعل من العاملين بالدولة.