الدكتور جوزيف سعد حليم يكتب :الإنذار الأخير.. ويل لكم

ركن القراء

الدكتور جوزيف سعد
الدكتور جوزيف سعد حليم يكتب :الإنذار الأخير.. ويل لكم

يَا ابْنَ آدَمَ تَنَبَّأْ عَلَى رُعَاةِ إِسْرَائِيلَ, وَقُلْ لَهُمْ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِلرُّعَاةِ: وَيْلٌ لِرُعَاةِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَـانُوا يَرْعُونَ أَنْفُسَهُمْ. أَلاَ يَرْعَى الرُّعَاةُ الْغَنَمَ؟ 3تَأْكُلُونَ الشَّحْمَ وَتَلْبِسُونَ الصُّوفَ وَتَذْبَحُونَ السَّمِينَ وَلاَ تَرْعُونَ الْغَنَمَ. 4الْمَرِيضُ لَمْ تُقَوُّوهُ, وَالْمَجْرُوحُ لَمْ تَعْصِبُوهُ, وَالْمَكْسُورُ لَمْ تَجْبُرُوهُ, وَالْمَطْرُودُ لَمْ تَسْتَرِدُّوهُ, وَالضَّالُّ لَمْ تَطْلُبُوهُ, بَلْ بِشِدَّةٍ وَبِعُنْفٍ تَسَلَّطْتُمْ عَلَيْهِمْ. 5فَتَشَتَّتَتْ بِلاَ رَاعٍ وَصَارَتْ مَأْكَلاً لِجَمِيعِ وُحُوشِ الْحَقْلِ, وَتَشَتَّتَتْ. ( حزقيال 34 : 2 – 5 )

الخادم المسيحي الحقيقي هو مهندس يهتم ببناء شخصية أبنائه ورعاية حياتهم ليقتاتوا خبزهم من يد الله الحي ، فلا ينتظرون ولا ينظرون إلى الفتات الساقط من مائدة أربابهم ، بل عليه تقوم مهمة إشباع الرعية .

فالخادم المسيحي تخصصه هو البناء وليس الهدم .

الرعاية وليس الدعاية لنفسه .

التقوية والتعزية ، وليس إضعاف النفوس للخضوع لرغباته وشهواته .

قيادة النفوس للخضوع لله بإكرام ، وليس الخنوع لسلطانه هو بمهانة .

استرداد النفوس الضالة والسعي لبناء حياتها الروحية ، وليس استخدام هذه النفوس لبناء مملكة الخادم أو الكاهن أو الأسقف لعبادة ذاته .

لكن ما نراه الآن من مظاهر الاهتمام بفخامة المباني ورفاهية العيش للقادة الذين يهتمون ويرعون أنفسهم ببناء الحجارة الميتة أي الاهتمام فقط بالمباني الكنسية لكي يقال أن فلاناً قام بعمل كذا وكذا ،و... لكي يشهد له بالكفاءة عند من هم أعلى منه ليتبوأ بذلك مكانة أعظم فتنتفخ الذات أكثر ليكون له حق الأمر والنهي والتسلط على الرقاب بقسوة لأجل مجد شخصي أرضي يفنى بفنائه ويزول بزواله ... ولن ينفعه أو يشفع له لدى الله الذي يطلب بناء النفوس وليس تكديس الفلوس والنفوس جائعة ، فالمهمة العظمى للخادم أياً كانت رتبته هي بنـــــاء النفوس روحياً وإشباعها من قطر الشهاد السماوي .

أقول أنه بسبب هذه الأمور ما زلنا مستمرون في هذه الحملة التي نعنونها بـــــــ الإنــــــــــــذار الأخير .... ويل لكم .

إن السبب الرئيسي لضعف المستوى الروحي العام في الكنيسة وتشتت الرعية لتصير مأكلاً لوحوش الحقل يكمن في ضعفات الخدام ، وعدم نضج شخصياتهم من الناحية النفسية مما يكون له بالغ الأثر على حياتهم الروحية ، فضعف البناء النفسي لشخصية الخادم أو الكاهن أو الأسقف هو ما يدفعه لمحاولة الظهور بمظهر ليس فيه ، بل الأخطر من هذا انزلاقه للوقوع في براثن الخطايا .... فإن لم يستطع الخادم ربط القوي الذي في حياته فسوف يتوقف نموه وتتهدد خدمته وسيسقط سقوطاً مروعاً تحت وطأة هذا الحمل الثقيل ، وقد يكون هذا القوي بخلاً أو طمعاً ، صغر نفس أو كبرياء يدفعه للتصور أنه الآمر الناهي باسم الله وهنا تتسلل إلى نفسه الثعالب الصغيرة التي برعايته لها في قلبه تصير هي القوي الذي يحكمه ويقع تحت وطأته أو تحت وطأة إمرأة غريبة كما سقط شمشون وقال عنه الكتاب وَنَزَلَ شَمْشُونُ إِلَى تِمْنَةَ وَرَأَى امْرَأَةً فِي تِمْنَةَ مِنْ بَنَاتِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ ( قضاة 14 : 1 ) ليتنا ننتبه لكلمة نزل التي تعني انحدار المستوى الروحي والأخلاقي ، بل والنفسي فقد كان تأثير هذه المرأة الغريبة على شمشون وعلى حياته أقوى بما لا يقاس بكثير من تأثير تربية أباه منوح وأمه ، بل أقوى من تأثير منصبه لقاضي ( راعي ) لشعب الله ، وأقوى من تأثير الوصية نفسها على حياته .

وعلى الرغم من قوة شمشون الجسدية المضاف إليها قوة حلول روح الرب عليه حتى أنه استطاع أن يشق شبل أسد كشق الجدي وليس في يده شيء ( قضاة 14 : 6 ) إلا أنه 7نَزَلَ وَكَلَّمَ الْمَرْأَةَ فَحَسُنَتْ فِي عَيْنَيْ شَمْشُونَ. ( قضاة 14 : 7 ) وهنا فقد شمشون قوة حلول روح الرب عليه أي أنه فقد مهابته أمام أعدائه فلا شركة للنور مع الظلمة ونعلم أنه لا يستطيع أحد أن يخدم سيدين لاسيما وإن كان منهم سيد قاسي كالشهوة التي لا ترحم 26لأَنَّهَا طَرَحَتْ كَثِيرِينَ جَرْحَى وَكُلُّ قَتْلاَهَا أَقْوِيَاءُ. 27طُرُقُ الْهَاوِيَةِ بَيْتُهَا هَابِطَةٌ إِلَى خُدُورِ الْمَوْتِ. ( أم 7 : 26 ، 27 ) وفي المقابل نجد الفلسطينيين الغلف الغرباء عن الله يصل بهم الحد أن يتحدوا شعب الله بكل قوة بالقول 10فَسَأَلَهُمْ رِجَالُ يَهُوذَا:«لِمَاذَا صَعِدْتُمْ عَلَيْنَا؟» فَقَالُوا: «صَعِدْنَا لِنُوثِقَ شَمْشُونَ لِنَفْعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ بِنَا». ( قض 15 : 10 ) لاحظ التحدي القوي مع وجود كلمة صعدنا الخطاة في الصعود والممسوح من الله في النزول والهبوط والانحدار يا له من عـــــــــــــار !!!

هذا ما يفعله الخادم بنفسه حين يتوانى ويسمع لصوت الشهوة التي تحركه وتملأ نفسه بالعيوب والضعفات والأخطاء التي من المستحيل أن يرتاح معها الروح القدس فيفارقه ولا يعود الروح يثمر فيه لذا يوصينا القديس بولس الرسول لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ. ( 1تس 5 : 19 ) لكن شمشون أطفأ الروح بانسياقه وراء مشورة إمرأة وخضوعه ، بل سقوطه التام في قبضتها وتحت سيطرتها وسيطرة شهواته ورغباته التي لم يجن هو وحده ثمارها الرديئة ، بل أحنى في التراب وأذل معه نفس شعبه ، لأنه أخذ من يوم ليوم يسعى ليس للقضاء ( أي للرعاية ) للشعب الذي أقامه الله فيه راعياً ومهندساً للبناء ، بل نقول أنه ابتدأ يسقط من يد إمرأة إلى أخرى كما سجل لنا الكتاب المقدس ، وكما هو مسجل للبعض للأسف حتى وصل به الأمر للنزول إلى وادي سورق ومعناها وادي العنب أو كرم العنب ، ولم يصنع هناك عنباً لبيت الرب بل صَنَعَ عِنَباً رَدِيئاً ( اشعياء 5 : 4 ) فلقد أحب هناك إمرأة مررت حياته اسمها دليلة هذا الاسم الذي معناه ناعمة أو هزيلة أو تضعف وهي صفات تنطبق على الخطية التي بنعومتها الماكرة تظهر صغيرة هزيلة لكنها كانت سبب ضعفه وسقوطه ، فتمكن منه العدو وقضى عليه ، وأسقط من خلفه كرامة شعب الله .

إن كنا نريد نهضة حقيقية وإصلاحاً كنسياً صحيحاً علينا التخلص من مثل هذه الخطايا ، وعدم الاستمرار في عشرة مثل هذه المرأة التي مهما قيل لنا من الناس ومهما تم تحذيرنا منها أي الخطية لا نسمع ، لكن حان الوقت لنسمع ونعمل بكلمة الله فلنبدأ بأنفسنا بالتوبة عن طرق العالم الردية كما فعل كهنة عزرا في سفر عزرا النبي بتخليهم عن كل ما هو معوج في حياتهم لئلا نصير عثرة في طريق امتداد عمل الله ولئلا نجعل عثرة في إنجيل المسيح ... ولا نراوغ ... أو نحاول الهروب أمام سيف كلمة الله أو عصا التأديب ، فنغلق طريق ملكوت الله أمام أنفسنا وأمام الداخلين إليه فلا نعهم يدخلون .

إن عثرات الخادم أو الكاهن أو الأسقف ليست خاصة به وحده لكنها تؤثر تأثيراً كبيراً وقوياً على شعب الله كما قال الكتاب أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ خِرَافُ الرَّعِيَّةِ. ( متى 26 : 31 ) .... فيا كل خادم أو كاهن أو أسقف اسمع جيداُ لهــــذا الإنـــذار الأخيـــــر :

وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ! 14وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذَلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ. 15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْناً لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً! 16وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ ( متى 23 : 13 – 16 )

ولننتبه جيداً لما سمعنا لئلا يفوتنا وفجأة نجد أنفسنا قد وقعنا في الفلسطينيين كما شمشون حيث لن يكون هناك سبيل أو مجال للهرب أو المراوغة .... بل سيسقط البنـــــاء على الجميــــع بأيدينا ، لنصحو ونتعقل لئلا نسلم بأيدينا أنفسنا للشر .

لنتفرغ للتوبة عن خطايانا وجهالاتنا ولا نؤجل أو نسوف العمر باطلاً أو نعد ولا نفي ... فنعد مرة أخرى ونؤجل وهكذا ... بل علينا أن نقوم الآن للنفذ ما طلب منا حتى نستطيع توفير وبناء حياة كريمة للشعب ولنتوقف عن بناء ممالكنا الخاصة والشعب جائع وعطشان وفقير وهو الآن يشرب من نقع الخطيةالتي نسقيها له بأيدينا ... لنتعقل لئلا يلفظنا الشعب ويرفض مياهنا المرة ... فيا رجل الله لا تكون بخيلاً في محبتك لأبنائك الذين أوصاك عليهم الرب ... ادفع فاتورة حسابك عن الخطية بينك وبين الله والأبواب مغلقة ... عوض أن تفضح أفعاله فتظهر بوجه مخزي ويرى الجميع رياء إيمانك وتسقط عنك أقنعة التقوى والقداسة ارْعَوْا رَعِيَّةَ اللهِ الَّتِي بَيْنَكُمْ نُظَّاراً( أساقفة )، لاَ عَنِ اضْطِرَارٍ بَلْ بِالاِخْتِيَارِ، وَلاَ لِرِبْحٍ قَبِيحٍ بَلْ بِنَشَاطٍ، 3 وَلاَ كَمَنْ يَسُودُ عَلَى الأَنْصِبَةِ بَلْ صَائِرِينَ أَمْثِلَةً لِلرَّعِيَّةِ، ( 1بطرس 5 : 2 ، 3 ) لأنه مُخِيفٌ هُوَ الْوُقُوعُ فِي يَدَيِ اللهِ الْحَيِّ! ( عب 10 : 31 ) ولا تطلبوا إكراماً من أحد بل اطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ ( كو 3 : 1 )

احـــــذروا .... احـــــــذروا فهذا هو الإنذار الأخير الذي يسبق العاصفة ...

ولسوف ترون مفاجآت تلو مفاجآت الأيام القادمة لن تسركم ...

فكما سبق وأن قلت إن صمت الشعب عليكم سوف لا يطول كثيراً

أَقُولُ لَكُمْ. بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذَلِكَ تَهْلِكُونَ ( لو 13 : 3 )

وللحديث بقية