تعرف على قصة كنيسة العذراء بسخا الذي صلى بها قداسة البابا تواضروس
من بين المزارات الشهيرة التي على أسم السيدة العذراء مريم، والتي تعتبر من المحطات الهامة في رحلة العائلة المقدسة إلى أرض مصر، هي كنيسة السيدة العذراء مريم في مدينة سخا بمحافظة كفر الشيخ، حيث قام قداسة البابا تواضروس الثاني بصلاة قداس عيد دخول العائلة المقدسة إلى أرض مصر فيها بحضور 12 من الآباء الأساقفة، كذلك تفقد قداسته متحف المقتنيات الأثرية الذي يشمل (الحجر المطبوع عليه أثر قدم الطفل يسوع - أيقونة مرسومة على جلد الغزال تحوي صورا لبداية الخليقة حتى مجيء السيد المسيح - عدد من المخطوطات النادرة).
وفي ذلك السياق قال الباحث ماجد كامل عضو لجنة التاريخ القبطي، أن المؤرخ أبو المكارم ذكرها في كتاب "تاريخ الكنائس والأديرة"، حيث قال: "سخا وتغير أسمها بيعة للسيدة الطاهرة وبها مغارة كان يأوي فيها ساويرس بطريرك أنطاكيا عند بعده عن كرسيه ومات بها وحمل جسده الطاهر إلى دير الزجاج بالإسكندرية وفي المغارة بكنيسة سخا المذبح الذي كان يقدس عليه".
ولقد ذكرها المتنيح الأنبا غريغوريوس في موسوعته عن دير العذراء المحرق برحلة العائلة المقدسة حيث قال عنها: "ومن هناك عبروا الفرع السبتيني للنيل إلى الجهة الغربية حيث سخا إيسوس".
وقد شاء الرب يسوع أن يترك فيها أثرا، فوضع قدمه على حجر، فظهر عليه أثر قدمه، فسمي المكان كعب يسوع، وعن هذا الحجر ذكر نيافته: "قيل أن هذا الحجر كان عبارة عن قاعدة عمود أوقفت السيدة العذراء أبنها الحبيب عليه فغاصت في الحجر مشطا قدميه، فانطبع أثرهما عليه ثم نسج ماء زلالا، وكان الناس يأتون من الأقاليم البعيدة والبلاد المجاورة ويضعون في موضع القدم زيتا ويحملونه إلى أراضيهم وينتفعون به كثيرا".
وقد بنيت في نفس البقعة كنيسة كرست بأسم السيدة العذراء مريم وبجوارها مغطس بني بناية رومانية.
ويضم الكنيسة والمغطس دير ظل عامرا بالرهبان إلى سنة 910 للشهداء.
كما كتب عنها أيضا المتنيح الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر في موسوعته "الكنائس والأديرة القديمة بالوجه البحري والقاهرة وسيناء" حيث قال عنها: "كنيسة السيدة العذراء بسخا" تقع قرية سخا على مسافة 3 كجم جنوب مدينة كفر الشيخ، وقد أتسعتا المدينتنين حتى أصبحت الأن مدينة واحدة، وقد اشتهرت سخا بزيارة السيد المسيح لها وطبعه أثر لقدمه على قطعة من الحجر وجدت من نحو 7 سنوات ويظهر بها آثار زيت، حسب ما ذكر المؤرخ أبو المكارم أن الأقباط كانوا يضعون فيها زيتا للتبرك وكانت مصدرا للشفاء والمعجزات.
كما تمتعت بزيارة الأنبا ساويرس الأنطاكي لها عند هروبه من مصر ولم يتبقى من الكنيسة القديمة غير الحجر المطبوع عليه قدم يسوع وتاج عمود رائع وجد عند حفر أساسات أحد المنازل خلف الكنيسة الحديثة التي بها بعض الأيقونات والمخطوطات، كما يوجد بها حجاب أثري من حشوات مطعمة وتاريخه 1578 ش.
ومن المراجع الحديثة التي كتبت عن رحلة العائلة المقدسة، وذكرت أسم مدينة سخا، كتاب "رحلة العائلة المقدسة في أرض مصر" للدكتور. أسحق إبراهيم عجبان عميد معهد الدراسات القبطية، حيث كتب عنها: أن أسمها المصري القديم "خاست"، وكانت عاصمة الأقليم السادس من أقاليم الوجه البحري.
وفي القرن الثامن عشر قبل الميلاد كانت مقرا وعاصمة للأسرة الرابعة عشرة الفرعونية التي كانت تضم 76 ملكا وحكمت عرش مصر السفلي لمدة 148 سنة.
وفي العصر البطلمي والروماني سميت "اكسويز" وقد تغير الأسم إلى بيخا إيسوس ومعناها "كعب يسوع" وفي القرن الثالث عشر أخفى الحجر في فناء الدير إلى أن أعيد اكتشافه في 27 سبتمبر 1984.
وذكرها أيضا كتاب "الكنائس في مصر منذ رحلة العائلة المقدسة إلى اليوم" للدكتور جودت جبرا وآخرين، حيث خصص فصلا كاملا من الكتاب عن كنيسة سخا قال فيها: "كنيسة القديسة العذراء مريم – سخا"، تقع مدينة سخا على بعد نحو 130 كم شمال مدينة القاهرة، وتعرف سخا بأنها إحدى مناطق الدلتا التي نالت بركة العائلة المقدسة عندما وطأ السيد المسيح حجرا بقدمه، فتدفقت منه المياه بغزارة، بينما تركت قدمه آثرا في الحجر.
وفي شهر أبريل من عام 1948 م، كان عمال شباك المجاري يحفرون بالقرب من كنيسة العذراء، فعثروا على حجر عليه أثر قدم طفل.
ويعتقد أهالي مدينة سخا من الأقباط أنه أثر قدم الطفل يسوع، ويعرض الحجر الآن في صندوق زجاجي يلمسه الزوار ليتباركوا به.
وفي 24 بشنس القبطي يحمل القساوسة الحجر في مركب كنسي احتفالي ويطوفون به أرجاء الكنيسة.
ولقد تعرضت الكنيسة لحادث حريق مؤسف في يوم 18 يونيو 2008، ترتب عليه الاحتراق الكامل لعدد من التحف الأثرية الموجودة بالكنيسة، منها الحجاب الأثري للهيكل، وأيقونة نادرة للسيدة العذراء، ولقد وعد محافظ كفر الشيخ وقتها حرص المحافظة على إعادة ترميم الكنيسة مرة أخري.
وفي صباح يوم السبت الموافق 31 مايو 2014، قام د. محمد صابر عرب وزير الثقافة، والمستشار محمد عزت عجوة محافظ كفر الشيخ في ذلك الوقت، وبحضور المتنيح الأنبا بيشوي مطران دمياط الراحل، بإعادة افتتاح الكنيسة بعد ترميمها.
وعلى هامش هذه الاحتفالية، طالب الوزير صابر عرب بضرورة اعتبار يوم دخول العائلة المقدسة أرض مصر عيدا وطنيا، كما طالب بوضع الكنيسة الأثرية على خريطة السياحة الثقافية للمحافظة.
وفي خلال عام 2018، وعلى هامش الاحتفال بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر، قام اللواء السيد نصر محافظ كفر الشيخ في ذلك الوقت بزيارة الكنيسة يوم 1 يونيو 2018، حيث أكد أن كنيسة العذراء بسخا لها قيمة تاريخية عظيمة، وأنها تحتوي على العديد من القطع الأثرية الرائعة.
وفي تقرير مفصل مقدم من الباحثة د. كرستينا عادل فتحي حول الجهود المصرية لإحياء مسار العائلة المقدسة، ذكرت أن الدولة قامت بتقسيم مراحل تطوير مسار رحلة العائلة المقدسة، وجاءت كنيسة العذراء بسخا في المرحلة الثانية مع تل بسطا وسمنود بالغربية.
كما جاء في نفس التقرير أن د. إسماعيل عبد الحميد طه محافظ كفر الشيخ، استقبل م. عادل الجندي مسئول مشروع تطوير مسار العائلة المقدسة، د. جاكلين بشري وكيل وزارة الثقافة بكفر الشيخ، د. شذى إسماعيل أستاذ الآثار القبطية بجامعة حلوان، وآخرين أيضا، في مكتبه صباح يوم 4 مايو 2019، لمناقشة مشروع تطوير مسار العائلة المقدسة بسخا، وذلك لاهتمام المحافظة بمشروع التطوير، ورفع كفاءة المنطقة المحيطة بها وإضفاء مظهرا تراثيا وجماليا للمنطقة بما يليق بمسار العائلة المقدسة.
ولقد جاء عام 2020 بما يحمله من اكتساح مؤلم لوباء كورونا، وفي ذلك الصدد بمناسبة بدء صوم السيدة العذراء، أصدرت الكنيسة تعليمات مشددة بضرورة الالتزام بالاجراءات الاحترازية بكل دقة أثناء دخول الكنيسة.
ولقد ذكر الموقع الرسمي لكنيسة العذراء الأثرية بسخا، أنه يوجد بالكنيسة حاليا بقايا أحد الأعمدة الأثرية، وهو عبارة عن تاج حجري مكتوب على ظهره كلمة الله وأخفي لفترة طويلة خوفا من تحطيمه بدفنه تحت الأرض واكتشف أثناء الحفر عام 1980، كما يوجد بالكنيسة كأس مخصصة للتناول وصينية وشمعدان مصنوعين من الفضة، وعدد من المقتنيات الأثرية النادرة التي ترجع إلي القرن التاسع عشر.
كما يوجد بالكنسة بقايا ماجور الخبز، والحجر الذي طبع عليه قدم السيد المسيح، كما يوجد بالكنيسة بعض الأيقونات التي رسمها الفنان انسطاس القدسي عام 1884 م تقريبا.
وتوجد أيضا وثيقة هامة مختومة بختم محمد علي باشا تشير إلى إعادة بناء الكنيسة التي هدمت حينذاك.