د. مصطفى ثابت يكتب: بلد الفرص الضائعة (وقائع حقيقية)
عاشت مصر في العهود السابقة سنوات طويلة من الفرص الضائعة، والتي أثرت بالسلب على البلاد بشكل كامل، وأدت إلى مشاكل كبيرة في البنية التحتية والدولة، إلى أن قررت القيادة الحالية تحمل المسؤولية، وصارحت الشعب بالحقيقة، وبدأت في طفرة ونهضة في جميع ربوع البلاد، مازالت مستمرة حتى الآن.
إنّ مصر تشهد طفرة ونقلة كبيرة جدًا في البنية الحضارية والتحتية في كافة المجالات، سواء طرق، أو مؤسسات، أو مدن جديدة، أو بنية تكنولوجية تشجع على الاستثمار، وكل المحن يوجد بها منح وفرص، ونحن في مصر يحيط بنا في المنطقة بأكملها صراعات أدت لنزوح معظم المستثمرين منها، ومعظم الناجحين فيها، ومصر كان ومازال لديها فرصة كبيرة لتسهيل دخولهم في السوق المصرية، وأنا التقيت عددًا من هؤلاء المستثمرين من بعض الدول مثل «اليمن، سوريا، ولبنان».
اقرأ أيضًا.. د. مصطفى ثابت يكتب: الحوار الوطني وطريق مصر إلى المستقبل (4)
جميع هؤلاء المستثمرين الذين جاءوا إلى السوق المصرية يجدون صعوبات شديدة في الإجراءات الحكومية لممارسة أعمالهم بشكل طبيعي، ومعظم من جلست معهم كانوا أطباء، ويريدون افتتاح مراكز طبية كبيرة في مصر، ولكن يجدون صعوبات كبيرة في الأوراق والأعمال الروتينية، وتحديدًا وزارة الصحة والسكان، وهذا يؤدي لضياع فرص استثمارية وفرص في التطور الذي يحدث في المستشفيات بالخارج.
على سبيل المثال، فإن أحد الأطباء الذين جلست معهم هي طبيبة يمنية وزوجها يمني، يعيش في مصر، وهي عملت في وقت سابق، في كندا، وكانت تعمل في تخصص معين على جهاز يوجد منه عدد محدود في العالم، وكانت تريد إحضار الجهاز إلى مصر، وهذا كان سيساعد كثيرًا في مسألة توفير البلازما لمعالجة الأمراض بها، وهي متخصصة في البحث العلمي في هذا الشأن ولديها أبحاث عديدة في هذا المجال، ورغم أنها تحاول منذ عامين لاستخراج التصاريح للعمل في مصر، إلا أنها لم تتمكن حتى الآن وفي الغالب ستقرر استكمال حياتها في كندا.
هذه كلها فرص ضائعة كان يمكن أن نغتنمها في الاستثمار وحل بعض المشاكل، وبالأمس التقيت مع طبيب قلب لبناني، وزوجته طبيبة تجميل قررا العيش في مصر، وغالبية هؤلاء يحبون مصر ويرون الطفرة التي تحدث بها في البنية التحتية ومستوى المعيشة، ولكن لديهم مشكلة كبيرة مع الروتين، ومنذ أشهر يحاولون الحصول على ترخيص لمزاولة مهنتهم، ولكنهم يجدون صعوبات.
إنّ الصعوبات التي يواجهها هؤلاء وصلت لدرجة أن أحد الصعوبات وصلت لحد رؤية الموظفين المصريين أنفسهم، ومثلًا هذا الطبيب وزوجته قال له أحد الموظفين إنه لن يحصل على الترخيص لأنه ليس مصريًا، بينما قال له موظف آخر إن هناك قرار لمعاملة اللبنانين مثل المصريين، وأن الموظف الأول لا يفهم شيئا، وكهذا.
اقرأ أيضًا.. د. مصطفى ثابت يكتب: حوكموا السفارات أو وفروا الدولارات
هذا الأمر يؤكد ضرورة دعوتنا السابقة إلى الحوكمة، وتحويل كل الخدمات خاصة خدمات المستثمرين إلى شكل رقمي، وهذا أمر ليس صعبًا، وفي وقت سابق اقترحنا على وزير الخارجية أن يجري هذا التحول في السفارات، ونقترح أيضًا على كل الوزارات والمؤسسات الحكومية أن نساعدهم في إيجاد شركات تستطيع عمل حوكمة للخدمات، ولن تكلف الوزارة أي أموال ولكن ستحصل على نسبة من الرسوم المقدمة على البوابات الإلكترونية، والمستثمر والحاصل على الخدمة سيكون سعيدًا للحصول على الخدمة بسهولة ويسر، وسنجدد هذه الدعوة حتى تجد صدى لدى كل المسؤولين في الدولة.