عبدالحفيظ سعد يكتب: الفاتنة والمستريح
عندما تنتشر قصص النصب وأخبار المستريح والمستغفلين، أجد نفسى أتذكر قصة طريفة حدثت قبل عشرين عاما، بطلتها ممثلة مشهورة ومعروف عنها أنها تلعب بالبيضة والحجر، وقتها كانت فاتنة، وتلقى تحت أقدامها ملايين الأثرياء لينالوا الرضاء.
ورغم ما تملكه الممثلة المشهورة من جمال وذكاء وقدرة على اللعب على كل الحبال وقعت لعملية نصب تصلح سيناريو لمسلسل كوميدى، بعد أن عاشت قصة نصب غريبة تختلف عما يحدث من تلك القصص الشائعة، بأن الجميلة تضحك على الوحش البدين وتستولى على ثروته وتجرده من ماله نتيجة إغراء للإيقاع به.
ما حدث عكس ذلك تمام، الضحية هذه المرة الفنانة المثيرة، بينما من لعب دور النصاب الوحش البدين، رجل الأعمال الذى كان يعمل فى الخردة وتطور به الحال حتى إنشأ مصنع حديد، لم يحظ بشهرة كبيرة، لكنه كان ضمن خمسة أو ستة أسماء معروفة فى السوق فى مجال الحديد فى بداية الألفية.
رجل الأعمال والذى كان هيئته لا تختلف كثيرًا عن ما تروجه السينما للثرى الذى يشتهى فاتنة مشهورة يسعى أن يقترب منها ويقدم لها ما تطلب، سهر وهدايا من أغلى الماركات، مقابل أن ينول الرضا.
لكن رجل الأعمال لم يكتف بالصورة النمطية للثرى البدين الذى يسعى للفاتنة، بل إنه كان يخطط لاستغلالها ليس جسديا فقط، بل فى عملية أخرى، عندما أراد أن يحصل على قرض كبير من أحد البنوك ليزود به أعماله، فحرص أن تذهب معه الفنانة المشهورة أثناء مقابلته مسئولى البنك، ليوحى لهم أنها زوجته، وهو ما يزيد الثقة فيه بأنه رجل ذو ثراء ضخم أتاح له أن يتزوج الفنانة الحسناء، وهو عجوز البدين بل إنه كما روى لى القصة المحامى الذى كان يعمل معه، أنه منحها فيللا ضخمة كان يمتلكها فى منطقة المنصورية تقدر قيمتها وقتها بما يزيد على عشرة ملايين جنيه، وأصر أن يكتب ويسجل عقد بيع ابتدائى بقيمة ألف جنيه فقط.
وأمام كرم وسخاء رجل الأعمال، أغريت الفنانة الشهيرة أن تقدم له ما يطلب، خاصة أنه طلب منها أن تعيش فى الفيللا الفخمة، ومنحها أن تتولى هى عملية التأسيس باعتبار أن الفيللا ستكون ملكا خاصا بها، وبالفعل قبلت الفنانة الهدية السخية وأصرت أن تتكفل هى بشراء الأثاث على حسابها.
لكن رجل الأعمال كان يخطط لأمر آخر من وراء إصراره على أن تعيش فى الفيللا بأثاث فخم، أن إجراءات القرض الذى كان يسعى للحصول عليه يكون بضمان رهن الفيللا وعندما تقوم لجنة المعاينة من البنك يزيد من تقييمها لضم مشتملات الأثاث لها، مما يزيد قيمة القرض.
وحصل رجل الأعمال فى حينها على القرض الذى يريده بضمان الفيللا، التى تركها للفنانة لتعيش حتى بعد انتهاء العلاقة معه لأنه توقف عن الصرف بل إنها هى من تولت عملية الصرف عليه بعد أن منحها الفيللا الثمينة.
وتمر الأيام ويتعسر رجل الأعمال فى سداد قيمة القرض، وأمام هذا اتخذ البنك إجراءات بالحجز على الفيللا وأثاثها التى كانت ضمانا للقرض. واعترضت الفنانة على إجراءات الحجز من البنك لأنها اشترت الفيللا من رجل الأعمال. ليخبرها المحامى الخاص بها أن موقفها القانونى غير سليم، لأن عقد البيع ابتدائى غير مسجل، وحجية البنك كرهن مسجل فى الشهر العقارى، وبحكم القانون موقف البنك أقوى، وأن المطلوب من رجل الأعمال فقط هو رد هذا المبلغ ألف جنيه لها القيمة المسجلة فى عقد البيع، لتضطر الفنانة أن تترك الفيللا بأثاثها التى اشترته، بالإضافة إلى ما صرفته على رجل الأعمال الثمين وتكتشف أنها وقعت ضحية نصب له.
تذكرنى القصة بما يحدث فى هذه الأيام ونسمع عنه من أخبار النصابين، والذين يطلق عليهم اسم المستريحين، ويظهر لقبهم أنه من اشتقاق أن «أمورهم مرتاحة» ويمتازوا بالسخاء، وهو الفخ الذى يسهل عليه الإيقاع بضحاياه ويغريهم أن يدفعوا بكل حسن نية كل ما يملكون، لأنهم يعتقدون أنهم يضحكون عليه بأخذ مكاسب منه بسخاء، فيحدث لهم ما حدث للفنانة الفاتنة من رجل الأعمال الثمين.