الكعبة المشرفة ترتدي كسوتها الجديدة غدًا فرحا بضيوف الرحمن

عربي ودولي

الكعبة المشرفة ترتدي
الكعبة المشرفة ترتدي كسوتها الجديدة غدًا فرحا بضيوف الرحمن


تكتسي الكعبة المشرفة كسوتها الجديدة غدا الاثنين الموافق التاسع من شهر ذي الحجة (يوم عرفة)، ابتهاجا وفرحا بحجاج بيت الله الحرام؛ حيث تسلم الكسوة الجديدة فى الأول من ذى الحجة من كل عام إلى كبير سدنة بيت الله الحرام الشيخ عبد القادر بن طه الشيبي من الرئيس العام لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوى الشيخ عبد الرحمن السديس.



وقد بلغت تكلفة تصنيع كسوة الكعبة المشرفة هذا العام حسبما أعلن المدير العام لمصنع كسوة الكعبة محمد بن عبد الله باجودة 22 مليون ريال سعودى، مشيرا الى أن ثوب الكسوة يبلغ مسطحه 658 مترا مربعا، ويستهلك 670 كيلوجراما من الحرير الطبيعي الذي يستورد من إيطاليا وسويسرا، ثم يتم غسله أكثر من مرة حتى يتم التخلص من المادة الشمعية التي به، ليتم صباغته ويحول الى ماكينات على خطين، أحدهما سادة، والآخر منقوش؛ حيث يتم استخدام الخط السادة لتصنيع الحزام المحيط الذى يكتب عليه الآيات المذهبات، أما الخط المنقوش فيتم استخدامه للستارة الخارجية للكعبة.



وتصنع كسوة الكعبة المشرفة بمصنع (أم الجود) بمكة المكرمة من الحرير الطبيعى الخالص المصبوغ باللون الأسود، ويستهلك الثوب الواحد 670 كيلو جراما من الحرير الطبيعى، ويبلغ مسطح الثوب 658 مترا مربعا، ويتكون من 47 طاقة قماش، يبلغ طول الواحدة 14 مترا وعرضها 95 سنتمترا، وتبلغ تكاليف الثوب الواحد للكعبة حوالى 20 مليون ريال سعودي.



وكسوة الكعبة منقوش عليها عدة عبارات تشمل ( لا إله إلا الله محمد رسول الله، الله جل جلاله، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، يا حنان يا منان)، كما يوجد تحت الحزام على الأركان سورة الإخلاص مكتوبة داخل دائرة محاطة بشكل مربع من الزخارف الإسلامية .. ويبلغ ارتفاع الثوب 14 مترا، ويوجد فى الثلث الأعلى من هذا الارتفاع حزام الكسوة الذى يتكون من 16 قطعة ويبلغ طوله 47 سنتمترا وعرضه 95 سنتمترا، مكتوبا عليه بعض الآيات القرآنية ومحاطا بإطارين من الزخارف الإسلامية، ومطرزا بتطريز بارز مغطى بسلك فضي مطلي بالذهب.



كما تشمل الكسوة على ستارة باب الكعبة المصنوعة من الحرير الطبيعى الخالص والمبطنة بالقماش الخام، ويبلغ ارتفاعها 5ر7 متر، وعرضها 4 أمتار، ومكتوبا عليها آيات قرآنية وزخارف إسلامية ومطرزة تطريزا بارزا مغطى بأسلاك الفضة المطلية بالذهب.



ويتم تغيير كسوة الكعبة المشرفة مرة واحدة سنويا خلال موسم الحج فى التاسع من شهر ذى الحجة الموافق يوم عرفه؛ حيث يتم إزالتها من الكعبة، وتقطيعها إلى قطع صغيرة، وإهدائها إلى كبار الشخصيات فى العالم الإسلامى ، بينما الكسوة الداخلية للكعبة ذات اللون الأخضر، فلا تستبدل إلا على فترات متباعدة، لعدم تعرضها للعوامل الجوية، مما يساعد على حمايتها وتماسكها لفترات طويلة.



ولكسوة الكعبة تاريخ طويل يرجع إلى عصور الجاهلية قبل ظهور الإسلام؛ حيث كان أول من كساها كاملة تبع أبي كرب أسعد ملك حمير في عام 220 قبل الهجرة، وفي عهد قصى بن كلاب فرض على قبائل قريش رفادة كسوة الكعبة سنويا بجمع المال من كل قبيلة كل حسب مقدرتها، حتى جاء أحد أثرياء قريش ويدعى أبو ربيعة بن المغيرة المخزومى وتكفل بكسوة الكعبة المشرفة سنة، على أن تتولى قريش كسوتها سنة، وظل يكسو الكعبة إلى أن مات.



واهتم الخلفاء فى عصر الدولة الأموية بكسوة الكعبة، ففي عهد معاوية بن أبى سفيان تم لأول مرة تطييب الكعبة فى موسم شهر رجب، وموسم الحج، كما كسيت الكعبة كسوتين فى العام، الاولى يوم عاشوراء، والأخرى في آخر شهر رمضان استعدادا لعيد الفطر؛ حيث كانت تصنع من أفضل وأجواد أنواع الأقمشة بدمشق وترسل الى مكة المكرمة، بينما قام بعض الخلفاء فى عصر الدولة العباسية بكسو الكعبة المشرفة ثلاث مرات سنويا، ففى عهد الخليفة المأمون تمت كسوتها مرة يوم التروية بالديباج الأحمر، والثانية فى أول شهر رجب بالقباطى وهو قماش رقيق جدا يصنع فى محافظة الفيوم بمصر، وثالثة فى عيد الفطر بالديباج الأبيض، واستمر اهتمام العباسيين بكسوة الكعبة إلى أن بدأت الدولة العباسية فى الضعف ، فكانت الكسوة تأتى من بعض ملوك الهند وفارس واليمن ومصر.



ومع بزوغ عصر الدولة الفاطمية، تحول شرف صناعة كسوة الكعبة المشرفة الى مصر مرورا بدولة المماليك؛ حيث كان يتم إرسال الكسوة كل عام من مصر وكانت بيضاء اللون، وبعد سقوط دولة المماليك وخضوعها للدولة العثمانية ، اهتم السلطان سليم الأول بتصنيع كسوة الكعبة وزركشتها وكذلك كسوة الحجرة النبوية، وكسوة مقام إبراهيم الخليل عليه السلام.



وفي عهد السلطان سليمان القانوني أضاف إلى الوقف المخصص لكسوة الكعبة ريع سبع قرى أخرى ليصبح عدد القرى الموقوفة لكسوة الكعبة تسع قرى، وذلك للوفاء بالتزامات الكسوة، وتم بناء دار لصناعة كسوة الكعبة بحي الخرنفش بالقاهرة عام 1233هـ، وهو حي عريق يقع عند تقاطع شارع بين السورين وميدان باب الشعرية، وما زالت هذه الدار قائمة حتى الآن، وتحتفظ بآخر كسوة صنعت للكعبة داخلها.



وظلت كسوة الكعبة ترسل بانتظام من مصر بصورة سنوية يحملها أمير الحج معه فى قافلة الحج المصرية ، حتى توقفت مصر عن إرسال كسوة الكعبة بعد أن تولت المملكة العربية السعودية شرف صناعتها عام 1927 في أعقاب اصدار الملك عبد العزيز آل سعود أمرا ملكيا بتشييد مصنع أم القرى لصناعة الكسوة الشريفة ، ومنذ ذلك الحين تتولى المملكة شرف تصنيع حلة بيت الله الحرام.