هاني سامي يكتب: أشرف زكي " كارت أحمر "

الفجر الفني

أشرف زكي
أشرف زكي


في حديث عبر الهاتف مع الدكتور أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية، ورئيس أكاديمية الفنون السابق بجمهورية مصر العربية، القي الرجل بطرح رأيته أشبه بإحدي عجائب الدنيا حيث قال لي نصًا " اقترح أن يكون نقيب المهن التمثيلية شخص ليس من العاملين بالحقل الفني "، فقلت خجلًا وهل يصح هذا يا دكتور ؟ قال: نعم أقول اقتراح أنا مؤمن حاليا به وبعيدًا عن ودية المكالمة فهذا تصريح للنشر.


مسحة الأسي التي لمستها فى صوت الرجل جعلتني أتحرج من سؤاله إذا ما كان شيء يغضبه أم لا، فانتهت المكالمة وانا اتساءل، كيف لنقابة مهنية ان يترأسها ويدير شئونها رجلًا من خارج المهنة المخصص لها نقابة تجمع تحت مظلتها العاملين بهذا المجال أو ذاك إون تفرعت منه مهن اخري، كيف - مثلًا - لمهندس أن يكون نقيبًا للاطباء، أو كيف لطبيب أن يصبح نقيبًا للمحامين ؟!!! 
ظللت ساعة اتأمل وأحلل ذاك التصريح وتأكدت أن الرجل يحمل غضب كامن ربما قارب علي الانفجار وقلت فى نفسي أنه – أي أشرف زكي - قدم استقالته بصدق كنقيب للمهن التمثيلية أكثر من مرة وعاد محمولًا علي الأعناق بعد رفض تام من كل اعضاء الجمعية العمومية لغيابه  إلا قلة لا تتعدي أصابع اليد الواحدة ومعروفين بالاسم، فهل يفعلها الرجل مجددًا وبشكل نهائي ويعتزل العمل العام؟ 


ازعم أني ممن يعرفوا الدكتور اشرف زكي جيدًا وبحكم هذا أراه – دون مبالغة - حالة تستحق الدراسة والتأمل والتقدير ايضا، لم أر نقيب بات بمثابة خادم لأعضاء نقابته ويتعرض لهجوم جارح من قلة مثلما رأيت ما يحدث مع اشرف زكي، فتارة أجد فنان موتور وغير متزن يظهر فى فيديو يتحدث بشكل غير لائق لمجرد ان الكبير يُسدي له النصيحة كأخ اصغر قبل أن يكون نقيب وتارة أخري يهاجمه شخص مريض مرتبط بفنانة شابة، وثالثة اتصفح أحد المواقع الصحفية المرموقة فأجد فنانة تهاجم نقابتها ونقيبها وتتهم كلاهما بالتخلي عنها فى أزمة تخص أمر ضريبي، ولمحت بين السطور أن ما قامت به الفنانة  من تصريحات خلفه دافع خفي غير ما تم إعلانه بُني على ظن أن اشرف زكي تخاذل في تصفية نزاع ما فى واقعة سابقة بين هذه الفنانة وأخري وتحول الأمر إلى " المكايدات النسائية " فابتعد الرجل عن الأزمة وترك الحل للمسار اللائحي والقانوني بعدما فشل فى الصلح بين الطرفين. 


نفس الفنانة الشابة أساءت وسائل التواصل الاجتماعي حينما شنت حملة غير مباشرة علي نقيب الممثلين دون ذكر اسمه واتهمته ضمنًا إنه يجامل زميلتها التي يجمعهما نزاع لأنه قدم معها دور فى مسلسل من بطولتها، وتناست تلك الفنانة أن أشرف زكي قدم معها شخصية والدها ضمن سباق دراما رمضان العام قبل الماضي.


البعض لا يعي موضع مسئولياته التي يظنها تتوقف عند الشهرة وتحصيل المال، متجاهلًا المعني الحقيقي والقيمة الكبيرة لكلمة " ممثل مصري "، فتتحول التفاهة لخلاف ثم عبث اشبه بـ " لعب العيال " علي جثة قامة ورجل دولة مثل اشرف زكي الذي اصبح رغمًا عنه وعن الجميع جزء من تاريخ مصر الفني والانساني فى العقود الأخيرة لاسباب عدة لا مجال لذكرها لإنه ا معروفة للعامة قبل أهل التخصص والمهتمين، وما خفي منها واعلم بعضها هو بناء على رغبة شخصية من زكي نفسه لاسباب تجسد قناعاته، منها علي ما اظن يخص علاقته بخالقه وهي مساحة هو " حُر فيها تمامًا ".


بعد فترة كان أشرف زكي بعيد فيها عن النقابة تمامًا، كتبت قبل سنوات مقالًا فى جريدة  صوت الأمة بعنوان  " روجينا.. التي ظلمها اشرف زكي "، استعرضت فى المقال تاريخ روجينا الكبير في التمثيل من البدايات وتوقفت عند محطة تعاونها مع يوسف شاهين وغيرها وأشرت إلى أن وجود زوجها علي رأس نقابة الممثلين ظلمها وتسبب فى تأخر نجوميتها وعددت وقتها الاسباب المنطقية لذلك من وجهة نظري. 

 

منذ فترة قريبة عاد بعض السفلة ليلقوا بهذا الحجر مرة اخري " روجينا واشرف " وأنا أري وأشاهد وأتابع ولا املك سوي أن اضرب كفًا علي الآخر واتعجب، رغم ان النغمة قديمة إلا أن هناك من يحركها من وقت لآخر لابتزاز أشرف زكي فى أمر ما، ولكن اعجبني الرجل حينما كان ضيفًا فى احد البرامج فى شهر رمضان المنقضي وسألته المذيعة: ( ليه بيقولوا ان روجينا بتشتغل عشان هي زوجة نقيب الممثلين، جاء رد الرجل هادئ: وهي روجينا كانت موديل اعلانات مثلًا، روجينا عندها تاريخ طويل وهي الممثلة الوحيدة خريجة معهد الفنون المسرحية التي استمرت رحلتها وفي الفترة اللى انا مكنتش فيها نقيب الممثلين روجينا اشتغلت اكتر من اي وقت تاني ) 
أدركت معنى اقتراح الدكتور اشرف زكي بأن يكون النقيب الممثلين من خارج الحقل الفني، شعرت أن حمل الرجل يزداد ثقلًا علي المستوي الانساني، فبعض أعضاء نقابته بدأوا التلميح بأن الرجل يمارس حقه في التمثيل من موقعه كنقيب والاستفادة من ذلك، وكأنه أحد تجار الغلال أو العطارة قفز ليكون فجأة ليكون ممثل ونقيب للممثلين، فهل المفترض أن يمتنع نقيب الممثلين عن ممارسة عمله الأساسي كممثل حتي يتقي شبهات المخبولين ويتفادي أحجار الاقزام، اليس هذا الرجل الذي وصل لقمة إدارة علوم الابداع برئاسته لاكاديمية الفنون وهو من اعظم المناصب العلمية علي المستوي العربي والافريقي وربما العالم، اليس هذا الرجل الذي اعلن امتناعه عن التمثيل تفرغًا للنقابة، الا يمتلك هذا الرجل بيت وحياة لها التزامات مثلنا جميعًا " اظن ان اشرف زكي لفترة قريبة كان يعيش بشقة ايجار قديم ".


منذ فترة انتشر كثير من الاخبار المصحوبة بصور، فهاتفت الدكتور اشرف زكي مهنئًا لتدشينه مشروع خاص وافتتاح احد المطاعم أو الكافيهات لا اتذكر علي وجه الدقة فجاء رده: الله يبارك فيك بس دا مشروع روجينا. 


تلاحظ لدي هنا أنه، سواء اشرف أو زوجته وهما كيان واحد لديهما تخوفات من غدر الأيام كغيرهم، فالحقيقة أن العمل بالفن غير مضمون على الاطلاق بل إنه غادر احيانًا، لذا فكثير من الممثلين بمستويات نجوميتهم المختلفة لديهم مشروعات خاصة كنوافذ شبه آمنة للرزق، فبخلاف السواد الأعظم الذى يمتلك مشروعات مأكولات ومشروبات، هناك من النجوم من يعمل بالمقاولات واخر بالتشطيبات، وأخرى تمتلك مصنع بويات وغيرهم ممن اعرفهم بالاسم.


اكتب عن اشرف زكي لأنه يستحق، وفيما يخص اقتراحه بأن يكون نقيب الممثلين من غير العاملين من الوسط الفنى، فأنا أدعمه شرط ان يُشهر أعضاء نقابة المهن التمثيلية الكارت الاحمر للنقيب الحالى -  وهذا أول المستحيلات طبعا وليس رابعها –، لذا أناشد القلة التي تتبادل الادوار كل حين بأن يذهبوا إلي نقابة أُخري إن لم يكن أشرف زكي علي " مزاجهم " فهؤلاء يعكرون صفو كيان كبير ومستقر.