جامعة الدول العربية: تمر الأزمة السورية تمر بمرحلة شديدة التعقيد
ألقى السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، كلمة الجامعة في مؤتمر بروكسل السادس لدعم مستقبل سوريا، والمنطقة، وجاء نصها كالتالي:
أود بداية أن أتوجه باسم جامعة الدول العربية بالشكر والتقدير للاتحاد الأوروبي على حرصه على عقد هذا المؤتمر، ومواصلة دوره في تقديم كل الدعم لمواجهة أزمة النازحين واللاجئين السوريين رغم الظروف العالمية الصعبة الناتجة عن الحرب في أوكرانيا، والتي نأمل ألا تؤثر تداعياتها على الدعم الدولي المخصص لمواجهة الأزمة الإنسانية السورية.
كما يشرفني أن أنقل لكم تحيات معالي الأمين العام السيد أحمد أبو الغيط وتمنياته بأن يسهم هذا المؤتمر في مساعدة الأشقاء السوريين على تجاوز محنتهم والتخفيف من آثارها الإنسانية المفجعة، وكذلك دعم الدول العربية المستضيفة لهم والمساهمة الفعالة في التخفيف من الأعباء التي أثقلت كاهلها.
تمر الأزمة السورية بمرحلة شديدة التعقيد من مراحل تطورها. ففي ظل ما يشهده الوضع الدولي من اضطراب غير مسبوق، أصبحت سوريا رهينة لمصالح متشابكة لأطراف خارجية، وأكثر ما نخشاه أن يؤدي هذا الوضع إلى تفاقم حدة الصراع على الأرض، ويسهم في إطالة أمد الأزمة لسنواتٍ أخرى، بما يبدد الآمال في إمكانية التوصل لتسوية سياسية تنهي هذه المأساة الإنسانية المتفاقمة.
ولاتزال الأوضاع الميدانية تشكل مبعث قلق بالغ، مع تزايد وتيرة الأعمال العسكرية في ظل تفاهمات هشة لوقف إطلاق النار، وتواجد أجنبي يترسخ على الأرض السورية يوما بعد يوم، مع تزايد الاعتداءات الخارجية من قبل قوى إقليمية ودولية، ومباشرتها لهجماتٍ تستبيح السيادة السورية.. فضلًا عن تزايد تهديدات التنظيمات الإرهابية التي استفادت من الوضع العالمي المضطرب وعاودت نشاطها بقوة، بينما العملية السياسية تراوح مكانها دون حدوث أي تقدم ملموس...
وفي ظل هذا المشهد القاتم والخطير، تتصاعد حدة الأزمة الإنسانية السورية، مع استمرار معدلات اللجوء والنزوح، وانهيار الوضع الاقتصادي وارتفاع مستويات الفقر، حيث تشير التقديرات إلى أن 90٪ من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، ويعاني نحو 12.5 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي. هذا إلى جانب تردي الأوضاع الصحية في ظل جائحة كوفيد، والتحذيرات الأممية من تفاقم الأوضاع المعيشية لأكثر من 13 مليون نازح ولاجئ داخل وخارج سوريا خلال الفترة القادمة، أخذًا في الاعتبار التداعيات الخطيرة المترتبة على الحرب الأوكرانية من مختلف النواحي السياسية والاقتصادية، خاصة فيما يتعلق بتوفر الحبوب.
تتابع جامعة الدول العربية بقلق كل هذه الأوضاع الصعبة، وتدرك انعكاسات هذه المأساة الإنسانية على الكثير من الدول المجاورة وغير المجاورة لسوريا، لا سيما الدول العربية المستضيفة للاجئين السوريين وفي مقدمتها لبنان والأردن، وتناشد المجتمع الدولي لتقديم مزيد من الدعم لهذه الدول للتخفيف من الأعباء الضخمة التي تتحملها جراء هذه الاستضافة، وبما يمكنها من مواصلة توفير الخدمات الأساسية للأشقاء السوريين لا سيما في مجالي الصحة والتعليم.
وفي هذا السياق تتطلع الجامعة العربية إلى تجديد الآلية الأممية لإيصال المساعدات الإنسانية داخل سوريا دون أي تسييس، وتؤكد على أهمية عدم اخضاع الوضع الإنساني لأية مساومات تتصل بأوضاعٍ دولية لا ينبغي أن يدفع ثمنها الشعب السوري، سواء في المناطق التي تُسيطر عليها الحكومة أو تلك التي تقع خارج سيطرتها.
كما تجدد الجامعة العربية دعوتها إلى تحرك جاد نحو إنهاء هذا الصراع المرير الذي يحتم على جميع الأطراف الرئيسية الفاعلة سواء السورية أو الدولية، البحث عن ديناميكيات جديدة والانخراط فيها بإيجابية وتقديم التنازلات الضرورية من أجل التوصل إلى تسوية سياسية، استنادا لقرار مجلس الأمن 2254، وثوابت الموقف العربي إزاء الأزمة السورية، والذي يؤكد على الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها وسلامتها الإقليمية، ورفض التدخلات والاعتداءات الخارجية وأي ترتيبات تعزز تواجد قوات دول إقليمية داخل الأراضي السورية وتستهدف فرض تغييرات ديموجرافية وترسخ لواقع جديد على الأرض السورية.
وختامًا، نؤكد التزام الجامعة العربية بالتعاون مع المجتمع الدولي في سبيل التوصل لحل سياسي للأزمة السورية، ينهي الصراع، ويسهم في توفير ظروف العودة الآمنة والكريمة والطوعية لأبناء الشعب السوري.