بوابة مصر الشرقية معبر دخول الأنبياء تعرف على معالم الفرما
كشف خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أسرار مدينة عبور الأنبياء "الفرما" التي تبعد 35 كم شرق مدينة القنطرة شرق على شاطئ البحر المتوسط عند قرية بالوظة، وتبعد الآثار المكتشفة بالفرما 5 كم عن الطريق الرئيسى طريق القنطرة – العريش وتقع على أحد فروع النيل وهو الفرع المعروف باسم بلوزيان نسبة إلى مدينة بيلوزيوم، وباقى مصبـه يقع بقربها واسمها باليونانية بيلوزيوم وبالقبطية فرومى وسميت بالفرما فى العصور الوسطى ووردت الفرماء أو تل الفرما.
وأوضح الدكتور ريحان أن أهلها كانوا من البحارة الفينيقيين، وقيل أنها المدينة المقصودة في الآية رقم 67 بسورة يوسف }وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ{ حين طلب نبى الله يعقوب من أبنائه أن يدخلوا مصر من أبواب متفرقة والفرما هي المدينة متعددة الأبواب، بوابة الدخول إلى مصر عبر العصور، وعرفت عند اليونان باسم بيلوزيوم
وازدهرت الفرما في العصر الرومانى وكشف بها عن قلعة لها سور كبير مبنى بالطوب الأحمر ومسرح رومانى بالطوب الأحمر والأعمدة الجرانيتية، ومدرجاته بنيت بالطوب اللبن وغطيت بالرخام الأبيض يتسع لحوالى تسعة آلاف متفرج، وهو المسرح الوحيد في مصر المكتملة كل عناصره المعمارية حيث أن المسرح الرومانى بالإسكندرية قاعة محاضرات أوقاعة استماع فقط
ونوه الدكتور ريحان إلى أهمية الفرما باعتبارها من أهم محطات العائلة المقدسة قادمة من فلسطين عبر سيناء وقد سارت العائلة المقدسة قادمة من فلسطين إلى غزة، ثم (رافيا) رفح، ثم رينوكورورا (العريش)، وأوستراكين (الفلوسيات)، والقلس (تل المحمدية) وبلوزيوم (الفرما) التي أصبحت ملجأً للرهبان حيث تنسك فيها القديس إبيماخس الشهيد ثم توجه للإسكندرية فى عهد الإمبراطور داكيوس فقبض عليه الحاكم أبليانوس وقتله عام 251م وفى عهد الإمبراطور ثيودوسيوس الثانى 409-450م عاش بها إيسودوروس الذى كتب عدة مقالات فى الدين وجهها إلى أعدائه وأحبائه وأطلق عليه إيسودوروس الفرمى
وانتشرت الكنائس بالفرما والذى كان مصير معظمها الخراب على يد الفرس، وأهمها تل مخزن الذى يقع فى الجزء الشرقى من المدينة وقد وصف جون كليدا الآثارى الفرنسي التل عام 1909 وأول حفائر به قامت بها منطقة شمال سيناء للآثار الإسلامية والقبطية عام 1988 ومن خلال ثلاثة مواسم حفائر تم اكتشاف كنيسة على طراز البازيليكا المكون من صالة وجناحان جانبيان وحجرات مخصصة للزوار من الحجاج المسيحيين القادمين من القدس قاصدين جبل سيناء، كما تضم مدفنًا به رفات
القديس شفيع الكنيسة أى الذى نسمى باسمه الكنيسة
وتقع كنيسة الفرما فى الجزء الشمالى من المدينة والتي كشفت عنها حفائر منطقة جنوب سيناء للآثار الإسلامية والقبطية عام 1985 حيث تم كشف بناء يتكون من وحدتين معماريتين مختلفتين فى التصميم ولكنهما مرتبطتين ببعضهما البعض والمبنى كله يشكّل وحدة معمارية متكاملة لكنيسة، علاوة على المعمودية بالجهة الشمالية الغربية خارج المبنى الغربى وهى عبارة عن بناء من الطوب الأحمر على شكل صليب متساوى الأضلاع داخل دائرة قطرها 4.70م كانت جدرانها مكسوة بالرخام من الخارج تتضح بقاياه فى جوانب الحوض وكانت أرضيتها مبلطة بالفسيفساء للعثور على عددًا كبيرًا من قطع الفسيفساء الرخامية والحجرية بألوان مختلفة فى نفس المكان ويطلق اليونان على المعمدانية فوتوستيريون من الإسم فوتيسما وتعنى تنويروالمقصود به المكان الذى يثقّف فيه الشخص أو ينّور والمعمدانية تبنى كحمام فيه يولد الشخص مرة أخرى بالماء والروح ، كما تسمى باليونانية كوليمفثرا وتعنى حوض أو جرن المعمودية
وتابع الدكتور ريحان بأنه في طريق الفرما سار عمرو بن العاص رضى الله عنه لفتح مصر سنة 19هـ ، 640م، فنزل العريش ثم أتى الفرما وبها قوم مستعدون للقتال فحاربهم وهزمهم وحوى عسكرهم ومضى إلى الفسطاط، والفرما كان حصنًا على ضفة البحر يحل إليه ماء النيل بالمراكب من تنيس ويخزن أهله ماء المطر فى الجباب وكان بعض أهله مسيحيون وبعضهم من العرب وبنى بها الخليفة المتوكل على الله حصنًا على البحر تولى بناؤه عنبسة بن اسحق أمير مصر فى سنة 239هـ ، 853م عندما بنى حصن دمياط وحصن تنيس
وفى سنة 509هـ وصل بلدوين الأول ملك الصليبيين إلى الفرما فأرسل الأفضل بن أمير الجيوش إلى والى الشرقية أن يقابلهم فلما وصلت العساكر تقدمها العربان وطاردوا الصليبيين وعندما علم بلدوين بذلك أمر أصحابه بالنهب والتخريب والإحراق وهدم المساجد فأحرق جامعها ومساجدها وجميع البلد وعزم على الرحيل ولم يمهله القدر فكتم أصحابه موته وساروا بعد أن شقوا بطنه وملؤها ملحًا حتى بقى إلى بلاده فدفنوه بها
وقد كشفت منطقة شمال سيناء عن مسرح رومانى ضخم بالجهة الجنوبية من الفرما وعن حمامات ساخنة وباردة مبنية بالطوب الأحمر فى الجهة الشمالية من الفرما. ومنطقة صناعية لصناعة الزجاج والبرونز والفخار