وزيرة التضامن تدشن المشروع البحثي حول "تكلفة الإرهاب في مصر" (صور)
دشنت نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى، المشروع البحثى حول "تكلفة الإرهاب فى مصر"، وذلك بالتعاون مع المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية.
جاء ذلك خلال الندوة الفكرية تحت عنوان "تكلفة الإرهاب.. مقاربة مصرية شاملة" والتى عُقدت بمقر وزارة التضامن الاجتماعى بحضور الدكتور خالد عكاشة المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، والدكتور جمال عبد الجواد عضو الهيئة الاستشارية بالمركز ومدير المشروع البحثى، والدكتور أسامة الأزهرى مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، والدكتور مفيد شهاب وزير المجالس النيابية والشؤون القانونية الأسبق والدكتور عبدالمنعم سعيد الكاتب والمفكر السياسى وعضو مجلس الشيوخ، والدكتورة سميحة فوزى وزيرة الصناعة الأسبق، واللواء فؤاد علام الخبير الأمنى والخبراء الاستراتيجيين وكبار الكتاب والاعلاميين ورجال الدين.
وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية وجه بإجراء بحث علمى حول تقدير التكلفة الشاملة للإرهاب فى مصر بما يشمل النواحى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإعلان نتائج هذا البحث للمواطنين من خلال وسائل الإعلام المختلفة، ليتعرفوا على الحقائق وحجم الخسائر التى تتكبدها الدولة والمواطنين من جراء موجات الإرهاب المختلفة التى شهدتها مصر.
وأضافت القباج أن البحث سيساهم فى تعزيز رؤية الدولة نحو معالجة قضايا وتداعيات الإرهاب، وهو ما دفع الوزارة إلى التنسيق مع المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، لتنفيذ هذا البحث، مشيرة إلى أن هذا البحث هو الأول فى مصر الذى يتناول حسابات التكلفة بالشكل المتكامل الذى تم عرضه، وأفادت أن متوسط التكلفة السنوية للإرهاب على مستوى العالم بلغت 70 مليار دولار بعد أن كانت 15 مليار دولار منذ 10 أعوام على مستوى العالم.
وأوضحت وزيرة التضامن الاجتماعى أن دور الوزارة فى مواجهة الإرهاب هو توفير مظلة الحماية الاجتماعية للأسر الفقيرة، وتقديم جميع سبل الرعاية والتأهيل للفئات الأولى بالرعاية، وتعزيز الشراكة مع المجتمع المدنى ومع المتطوعين من المجتمعات المحلية، ودعم التمكين الاقتصادى للفئات البسيطة لضمان جودة مؤشرات الحياة، ودعم تكافؤ الفرص بكافة أشكالها لتوحيد نسيج المجتمع، والحرص على المشاركة الشعبية فى العمل العام والتنموى، إلى جانب تعزيز برامج الوعى والقيم والمواطنة لدى الشباب والأجيال الصاعدة، مشيرة إلى أن المشروع البحثى يضم 4 محاور رئيسة الاجتماعى، والاقتصادى، والسياسى، والثقافى، وفى كل محور تجرى دراسة تكلفة الإرهاب وأسبابه وسبل معالجته، بالتعاون مع عدد كبير من الخبراء والباحثين فى مصر.
وأكدت القباج أن هذا المشروع البحثى يمثل أول بادرة بحثية وأكاديمية فى مصر لفتح حوار عقلانى وعلمى يخاطب كافة الفئات كلُ بما يتلاءم معها لتوضيح تداعيات الإرهاب، وذلك عبر تعزيز قنوات مستمرة للتواصل والحوار بين مختلف المفكرين والباحثين ورجال الدين، وصناع القرار والإعلاميين من أجل الوصول لفهم ومعالجة ناجعة لهذا الظاهرة.
ومن جانبه قال الدكتور خالد عكاشة مدير المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن تكلفة الإرهاب الذى ضرب مصر على مدار العقود الماضية، كانت ممتدة ومركبة وعميقة الأثر فى قطاعات المجتمع والدول، بل إنها صاغت صورة سلبية عن الدولة المصرية لدى الرأى العام الخارجى، لكن الدولة المصرية واجهت ذلك عبر حشد وتعبئة كافة جهود مؤسساتها لإحلال الأمن والاستقرار؛ إدراكًا منها أنه الخطوة الأساسية للانطلاق للتنمية، وهو ما برز بالفعل فى تراجع بل وانزواء النشاط الإرهابى خلال السنوات الأخيرة، ارتباطًا بذلك جاءت دعوة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى سابقة لم تحدث فى أى دولة أخرى، على اعتبار مقاومة الإرهاب كحق أساسى من حقوق الإنسان.
وأضاف عكاشة أن المشروع يتناول أسباب هذه الظاهرة، وما حملته من تداعيات ممتدة على المجتمع ومؤسسات الدولة المصرية منذ سبعينيات القرن العشرين وحتى اللحظة الراهنة، فضلًا عن طرح مقاربة مصرية شاملة للحد من تداعيات الإرهاب على مختلف القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.
وتابع قائلا: "لقد كانت نقطة البداية فى هذا المشروع البحثى هو فهم طبيعة الإرهاب ذاته فى مصر، ذلك أنه يبدأ بالأساس كإرهاب "ناعم" يسعى إلى ترهيب وتخويف الدولة والمجتمع عبر منظومة فكرية تعمل على التبرير الأيديولوجى والتمويل المادى والتمدد داخل المؤسسات والتعبئة للقواعد الاجتماعية، ثم يصبح فى مرحلة لاحقة "صلبًا"، حيث يستهدف التخريب والتدمير المادى من خلال العنف الإرهابى.
وشدد عكاشة على أن المركز حرص على الرصد بشكل بحثى وتحليل التكلفة المتصاعدة التى عانتها مصر منذ عقود جراء انتشار الإرهاب المنظم، إذ استهدفت تنظيمات الإرهاب رجال الدولة والمؤسسات والمجتمع بكامله، وكذا المقدرات القيمية والثقافية والمادية، فقد شهدت البلاد موجات إرهابية متعاقبة، بداية من الاغتيالات التى قام بها النظام الخاص التابع لتنظيم الإخوان الإرهابى فى الأربعينيات والخمسينيات، مرورًا بإرهاب كل من "الجماعة الإسلامية" و"الجهاد" فى السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، وصولًا إلى تدشين عدد كبير من اللجان النوعية والتنظيمات الإرهابية فى أعقاب إسقاط حكم الإخوان فى ثورة 30 يونيو 2013؛ إذ بلغ النشاط الإرهابى فى هذا التوقيت تحديدًا مرحلة غير مسبوقة فى تاريخ مصر، خاصة بين عامى 2014 و2015، ما ترتب عليه وضعها فى قائمة الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب.
ويركز البحث على أسباب الإرهاب الذى يستهدف تدمير الدولة بسلطاتها ومؤسساتها، والمجتمع بمكوناته وحركية مواطنيه المدنية والسياسية، ومقدراته القيمية والمادية المتنوعة؛ وهو الأمر الذى مثل تهديدًا وجوديًا لمصر، خاصة مع بلوغ الإرهاب ذروة نشاطه فى عامى 2014 و2015، ووضع مصر فى قائمة الدول الأكثر تعرضًا للإرهاب، مما أدّى إلى اتخاذ الدولة قرارًا تاريخيًا باعتبار الإرهاب تهديدًا لأمنها القومى، ومن ثم اتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة والحاسمة لمواجهته.
وناقشت الندوة الأولى النتائج الأولية للبحث وسبل واستراتيجيات المواجهة والتصدى لتقوية دعائم الدولة الوطنية الحديثة، حيث تناولت الجلسة الأولى بمشاركة الدكتورة هويدا عدلى الأستاذة بمعهد البحوث الاجتماعية والجنائية، والأستاذ عبدالفتاح الجبالى الخبير الاقتصادى ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامى، "التكلفة الاقتصادية والاجتماعية للإرهاب"، وعقب عليهما الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة وعضو مجلس الشيوخ، وأدار الجلسة الدكتور جمال عبدالجواد.
وفى الجلسة الثانية، ناقش الأستاذ سمير مرقص الكاتب والمفكر المصرى، والأستاذ فؤاد السعيد الباحث المتخصص فى دراسات الثقافة السياسية، "الأبعاد السياسية والثقافية للإرهاب"، وعقب على الجلسة الدكتور مصطفى الفقى المفكر السياسى ومدير مكتبة الإسكندرية، وأدارها الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس الهيئة الاستشارية بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية.
ويتضمّن مشروع "تكلفة الإرهاب" أربعة محاور رئيسية، هى المحور السياسى والاقتصادى والاجتماعى والثقافى، وفى كل محور منها تجرى دراسة تكلفة الإرهاب وأسبابه وسبل معالجته.
ويعالج المشروع البحثى الإرهاب برؤية أكثر اتساعًا من الدراسات السابقة، حيث لا تقتصر المعالجة على الهجمات العنيفة التى تقوم بها جماعات مسلحة فقط، وإنما يشمل أيضًا منظومة الجماعات المتشددة، والأيديولوجيات والقيم المتطرفة، والتى تمثل قاعدة تضفى الشرعية على الفعل الإرهابى، حيث تبين خبرة المجتمع المصرى والعربى والإسلامى أن الفعل الإرهابى والأساس الفكرى الذى يقوم عليه يجب أن يتم التعامل معهما فى حزمة واحدة.
وتعد هذه الفعالية هى الأولى فى سلسلة من الفعاليات التى تستهدف تعميق وتوسيع الحوار حول المشروع الذى يستهدف الإحاطة بالتأثيرات السلبية لظاهرة الإرهاب والتعرف على التكلفة الكبيرة التى تتكبدها الدولة على كافة المستويات بالإضافة إلى ضياع فرص بناء وتنمية لا يُستهان بها، وذلك انطلاقًا من فهم عميق لظروف مجتمعاتنا، وبطريقة تمكن من الفهم الصحيح والمعالجة الناجحة لهذه الظاهرة.