"درب سعادة".. تعرف على معالم أشهر شوارع بيع العرقسوس في القاهرة
يُعد العرقسوس أو نبات السوس، وهو نبات شجري معمر ينبت في كثير من بقاع العالم مثل سوريا ومصر وآسيا الصغرى وأواسط آسيا وأوروبا، وتستخرج من جذوره مادة العرقسوس، هو الأكثر حلاوة من السكر العادي وهناك 12 نوع من جذور العرقسوس تختلف في الطعم وهو من المشروبات الخاصة المرتبطة بشهر رمضان الكريم وله فوائد كثيرة.
قدماء المصريين شربوا العرقسوس
وأشار خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار إلى أن قدماء المصريين عرفوا العرق سوس وأعدوا العصير من جذوره، ووجدت جذور العرقسوس في مقبرة الملك توت عنخ أمون حين اكتشافها عام 1923، وكان الأطباء فى مصر القديمة يخلطونه بالأدوية المرة لإخفاء طعم مرارتها وكانوا يعالجون به أمراض الكبد والأمعاء، وعالج الطبيب اليوناني ثيوكريتوس به السعال الجاف والربو والعطش الشديد.
العرقسوس عند العرب
عرفه الأطباء العرب حيث كان يستخدم كطعام ودواء ويقول عنه ابن سينا في القانون "إن عصارته تنفع في الجروح وهو يلين قصبة الرئة وينقيها وينفع الرئة والحلق وينقي الصوت ويسكن العطش وينفع في التهاب المعدة والأمعاء وحرقة البول.
وقال عنه ابن البيطار أنفع ما في نبات العرقسوس عصارة أصله وطعم هذه العصارة حلو كحلاوة الأصل مع قبض فيها يسير ولذلك صارت تنفع الخشونة الحادثة في المريء والمثانة وهي تصلح لخشونة قصبة الرئة إذا وضعت تحت اللسان وامتص ماؤها وإذا شربت أوقفت التهاب المعدة والأمعاء وأوجاع الصدر وما فيه والكبد والمثانة ووجع الكلى".
درب سعادة
وتابع ريحان، أن أشهر مواقع القاهرة التاريخية فى بيع العرق سوس هو درب سعادة الطريق الضيق خلف مديرية أمن القاهرة بباب الخلق ويتفرع من شارع الأزهر وينتهى عند تحت الربع وينسب درب سعادة إلى سعادة بن حيان غلام الخليفة الفاطمي المعز لدين الله وحامل مظلته أرسله المعز إلى القاهرة عام 360هـ تعزيزًا للقائد جوهر الصقلبي فى حربه ضد القرامطة وخرج جوهر لاستقباله استقبالًا حافلًا من أحد أبواب القاهرة من ناحية شارع الخليج المصرى ومن وقتها عرف الباب بباب سعادة
وقد خرج سعادة بن حيان لحرب القرامطة فى الشام وهزم وعاد إلى مصر حيث توفى بها سنة 362 هـ ودفن بتربه وموضعها حاليًا بالجزء الجنوبى من مديرية أمن القاهرة بباب الخلق
معالم درب سعاد
ويرصد الدكتور ريحان معالم درب سعادة من خلال دراسة أثرية للباحث الآثارى المتخصص فى الآثار الإسلامية أبو العلا خليل الذى جاب كل آثار مصر الإسلامية ومنها دار الوزير يعقوب بن كلس بدرب سعادة والتى كانت سكنًا للوزراء الفاطميين إلى أن جاء بدر الجمالى وزير الخليفه الفاطمي المستنصر بالله فهجرها ونزل بدار برجوان الخادم بحارة برجوان المطلة على شارع المعز لدين الله فاستغلت بعد ذلك دار الوزارة بدرب سعادة لنسج الحرير والديباج الذى كان يعمل لقصور الخلفاء الفاطميين وعرفت بدار الديباج وعرف الخط كله بخط الديباج بعد أن كان يعرف بالوزيرية
ويذكر المقريزى فى الخطط (وبقى معروفا بخط الديباج إلى أن سكن هناك الوزير الصاحب صفى الدين عبد الله بن على بن شكر فى أيام العادل أبى بكر بن أيوب أخو صلاح الدين فصار يعرف بخط الصاحب
ويتابع الدكتور ريحان من خلال الدراسة أن درب سعادة يضم المدرسة الفخرية من جهة شارع الأزهر أثر رقم 180 حيث تطل بواجهتها الرائعة وتنسب إلى منشئها الأمير فخر الدين أبو الفتح عثمان بن قزل البارومى الاستادار (وهو المتصرف فى أمر البيوت السلطانية من طعام وشراب) للملك الكامل محمد بن العادل الأيوبى سنة 622هـ
وبقيت المدرسة الفخرية عامرة مقامة الشعائر إلى أن بدأ الوهن يتطرق إليها وكادت أن تصبح أثرًا بعد عين إلى أن سقطت منارة المسجد عام 849هـ وصارت كومًا كبيرًا من الرديم ومات على أثرها تحت الرديم فوق مائة نفس زمن السلطان الظاهر جقمق وقيض الله لهذه المدرسة الأمير الجمالى يوسف فعمّرها عمارة حسنة لقربها من بيته وكتب عليها اسم السلطان الظاهر جقمق تقربًا إليه ومن ثم عرفت المدرسة الفخريه بمدرسة السلطان الظاهر جقمق
وينتقل بنا الدكتور ريحان إلى حارة الست بيرم أمام المدرسة الفخرية وعن هذه الحارة يذكر حسن قاسم فى المزارات الإسلامية وبنهاية حارة الست بيرم توجد بقايا من زاوية معروفة بوقف الست بيرم وتاريخ إنشائها يقع بأسكفة بابها وورد فيه أنها أنشئت سنة 1169هـ وعن هذه الحارة يحدثنا أيضاعلى مبارك فى الخطط التوفيقية عطفة الست بيرم ليست نافذة وعرفت بذلك لأن بآخرها زاوية تعرف بزاوية الست بيرم بنيت فى محل المدرسة الصاحبية وفى سنة 758هـ جددها القاضى علم الدين إبراهيم وجعل بها منبرًا وخطبة ثم تخربت وبقى منها قبة فيها قبر منشئها ويوجد إلى الآن قبر الصاحب بن شكر خلف الزاوية وله شباك مشرف على الشارع وتوفى الصاحب بن شكر سنة 622هـ وبنيت المدرسة الصاحبية محل دار الوزير يعقوب بن كلس وبها كان قبر يعقوب بن كلس ذاته
ولفت الدكتور ريحان إلى مدرسة الأمير أسنبغا بن بكتمر البوبكرى والمؤرخة بعام 772هـ، 1370م على عهد السلطان المملوكى شعبان بن حسين ووقفها على الفقهاء الحنفية وبنى بجانبها حوض ماء للسبيل وسقاية ومكتبة للأيتام وفى عام815هـ جدد بهذه المدرسة منبرًا للخطبة وصارت تقام فيها صلاة الجمعة وبذلك أصبحت مسجدًا جامعًا، وفى عام 1271هـ قامت والدة حسين بك بن العزيز محمد على بتجديد المسجد بعد ما آل إليه الخراب وبنى الأمير أسنبغا سبيل وحوض لشرب الدواب وكتاب لتعليم أيتام المسلمين والسبيل مكانه الآن حانوت ومازال يحتفظ بسقفه الخشبى الجميل المزخرف برسوم زيتية ويجاور السبيل حوض لشرب الدواب يتقدمه سياج خشبى مزخرف بطريقة الخرط ويعلوه لوحة كتب عليها بالخط الثلث النص التالى (جدد هذا الحوض المبارك فى عصر الخديوى الأفخم عباس حلمى الثانى ) ويعلو الحوض الكتاب وهو عبارة عن مشربية تبرز عن سمت حائط الكتاب وهى من أجمل المشربيات محمولة على خمسة كوابيل من الخشب ولها نوافذ من الحشوات المجمعة غاية فى الرقة والجمال وتنتهى المشربية بمظلة من الخشب تعرف بالرفرف لحماية الكتاب من شمس الصيف ومطر الشتاء
كما يضم درب سعادة مسجد الأمير بيبرس بن عبد الله السيفى الخياط والمؤرخ بعام 921هـ 1515م وكان بيبرس من أقارب السلطان الغورى وكان يعمل خياطًا له ومن ثم عرف بيبرس الخياط.وفى عام 922هـ خرج بيبرس الخياط مع السلطان الغورى لملاقاة السلطان العثمانى سليم الأول فى مرج دابق بالشام وفيها قتل السلطان الغورى وقريبه الأمير بيبرس الخياط
وعلى ناصية حارة المنجلة بدرب سعادة أقام الأمير عبد الباقى خير الدين الطوبجى عام 1088هـ 1677م سبيلًا للعطشى من المارة الذين لايستطيعون شراء الماء من السقاة الذين يبيعونه فى الشوارع وجعل بأعلاه كتابًا لتعليم أبناء يتامى المسلمين "اثر رقم194" والطوبجى كلمة تركية وتعنى المدفعجى "طوب" بمعنى مدفع و"جى" أداة النسب فى التركية والطوبجية هى جزء من الجهاز العسكرى فى مصر ومهمتها الإشراف على مدافع القلعة وصيانتها
وفى درب سعادة تقع قبة الأمير حسام الدين طرنطاى وقد بنى مدرسة وقبة ضريحية ليدفن بها وتهدمت المدرسة وبقيت القبه الضريحية "أثر رقم 590" وكان الأمير طرنطاى مملوكًا للسلطان المنصور قلاوون كما بنى الأمير فيروز بن عبد الله الرومى الجركسى مسجدًا عام 830هـ، 1426م "أثر رقم192" وكان فيروز ساقيًا للسلطان الأشرف برسباى والساقى هو من يتولى سقى الشراب قبل السلطان خشية أن يكون مسمومًا وتوفى فيروز الساقى عام 848هـ ودفن بمسجده بحارة المنجلة بدرب سعادة ليأنس بالأحياء ودعائهم بدلًا من الدفن وسط الأموات
وفى درب سعادة أقام الأمير شمس الدين آق سنقر الفرقانى مسجده بجوار داره عام 676هـ، 1277م "أثر رقم 193 " وعن ذلك يذكر المقريزى فى الخطط ( وفى رابع جمادى الآخرة عام 676هـ فتحت المدرسة التى أنشأها الأمير آق سنقر الفرقانى وقرر بها درس للطائفة الشافعية ودرس للطائفة الحنفية وفى عام 1080هـ، 1669م كان المسجد قد تهدم فأعاد بنائه من جديد على ما هو عليه مسجدًا عثمانى الطراز والتخطيط الأمير محمد أغا الحبشلى أحد كبار العسكريين على عهد الوالى العثمانى على باشا قراقاس ومن ثم عرف بجامع محمد أغا