٤٠٠٠ طالب عادوا من أوكرانيا مستقبلهم "على كف عفريت"
بعد رفضهم شروط «التعليم العالى» للالتحاق بالجامعات الخاصة
أحد العائدين: مصاريف الطب فى أوكرانيا ٨٠ ألف جنيه سنويًا.. وفى مصر ١٩٠ ألفًا
عندما اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية فى العاصمة «كييف»، كانت الأمور فى مصر مستقرة وهادئة، بعدها كل ما فكرنا فيه كان تأثير التداعيات الاقتصادية على حياتنا اليومية، وخلال الأسابيع القليلة الماضية ظهرت نتائج الحرب علينا وعلى كل دول العالم، فى شكل تضخم يهدد بالخروج عن السيطرة لولا تدخل البنوك المركزية ومنها المركزى المصرى بقرارات تحمى العملة الوطنية وتحد أو تمنع خروج الاستثمارات الأجنبية.
لكن هناك تداعيات أخرى لم يكن تأثيرها مباشرًا على المواطن فى مصر، أبرزها أننا اكتشفنا أن هناك نحو ٥٠٠٠ طالب مصرى فى الجامعات الأوكرانية، وأغلبهم يقيمون فى العاصمة «كييف» لدراسة الطب، والهندسة، والصيدلة، وهناك عدد آخر أنهى دراسته الجامعية وقرر العمل بشهادة التخرج فى أوكرانيا.
وبعد أيام قليلة من اندلاع الحرب، خرجت استغاثات من هؤلاء الطلاب للحكومة المصرية والقيادة السياسية، بضرورة إنقاذهم وعودتهم إلى مصر لأن حياتهم مهددة إذا بقوا تحت نيران القصف المتواصل، وكان ذلك وسط حالة من الهلع التى أصابت أسرهم وذويهم فى مصر، وهو ما استجابت إليه الحكومة والأجهزة المعنية على الفور بخطط إجلاء عاجلة لجميع الطلاب المصريين فى أوكرانيا.
وفور عودتهم بدأت التساؤلات والاستفسارات عن سبب الدراسة فى أوكرانيا تحديدًا، العدد ليس قليلًا، وأغلبهم إن لم يكن جميعهم فى كليات القمة، ليتبين أن الدراسة فى كليات القمة داخل هذا البلد الأوروبى بسيطة وسلسة، حيث يشترط نظام التعليم الجامعى أن يكون المتقدم حاصلًا على الشهادة الثانوية فقط، أدبى أو علمى، وسداد ٣٠٠٠ دولار مصاريف العام الدراسى.
ومع عودة هؤلاء الطلاب إلى مصر حاولوا التواصل مع جامعاتهم فى أوكرانيا لاستكمال سنواتهم الدراسية دون جدوى، فأرسلوا استغاثات إلى وزارة الهجرة وشئون المصريين بالخارج، وأيضًا إلى وزارة التعليم العالى لتدارك الأمر، وكان الحل هو استكمال دراستهم فى الجامعات الخاصة والأهلية المصرية بشروط محددة أعلن عنها الدكتور محمد حلمى الغر، أمين عام الجامعات الخاصة، والأهلية،الذى قال إنه ستجرى لهم اختبارات تحديد مستوى قبل التحاقهم بالجامعات «الطالب هيدخل الامتحان مرة واحدة، ولو سقط فلا مكان له فى الجامعات المصرية»، و«لو نجح هيتم توزيعه على السنة الدراسية اللى قدر يثبت نفسه فيها».
ومع إعلان تلك الشروط خرج الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالى، مستاءً، لأنه وجد أن من بين هؤلاء الطلاب حاصلين على شهادة الثانوية العامة، أدبى، ورغم ذلك يدرسون الطب والهندسة والصيدلة، وهو أمر غير مقبول من الناحية العملية والعلمية، لكن ذلك لم يحول دون استكمال إجراءات التحاقهم بالجامعات المصرية بالشروط المعلنة.
وهنا نشبت الأزمة حيث أعلن الطلاب رفضهم للشروط، وكما أكد الطالب بالسنة الخامسة طب بأوكرانيا، مصطفى إسماعيل، لـ «الفجر» أن هناك أكثر من ٤٠٠٠ طالب من العائدين رفضوا دخول الاختبارات التى وضعتها وزارة التعليم العالى، وقال إن الشروط «معقدة»، كما أكد أن العائدين من كليات القمة الأوكرانية كانوا يدرسون فى جامعات حكومية معتمدة دوليًا، وبالتالى يجب التعامل مع أزمتهم معاملة استثنائية، كون البلد الذى كانوا يدرسون به تعرض لحرب.
وأضاف أنه فى حال دخول الاختبار قد نفقد سنة دراسية من حياتنا، لأن الشروط تقول إن نتيجة اختبار تحديد المستوى سوف تحدد السنة الدراسية التى يحق للطالب الالتحاق بها، ونحن عندما قصدنا كليات الطب والهندسة والصيدلة فى أوكرانيا خضعنا لاختبار «kroktest» وهو إلزامى، إذا رسب فيه المتقدم فلا يحق له الالتحاق بالجامعات، وهو اختبار يختلف عما سنخضع له فى مصر.
الأمر الآخر كما يقول مصطفى إسماعيل، إن مصاريف الجامعات الخاصة والأهلية فى مصر باهظة، مقارنة بالجامعات الأوكرانية، ولا نستطيع توفيرها، موضحًا أنه فى جامعات أوكرانيا كانت مصروفات السنة الدراسية بالكامل لا تتجاوز ٤٠٠٠ دولار، أى نحو ٨٠ ألف جنيه مصرى بالسعر الحالى للدولار، لكنها فى الجامعات الخاصة المصرية تتجاوز ١٩٠ ألف جنيه.
وقال: تواجهنا أيضًا مشكلة أخرى، وهى أن الكثير منا عاد إلى مصر دون أن يتمكن من سحب الملفات والأوراق التى تثبت الكلية التى كان على قوتها فى أوكرانيا، وبالتالى لن تعتمدهم الجامعات الخاصة المصرية قبل استلام ملفاتهم.
من جانبها أكدت وزارة التعليم العالى، أنها لن تتواصل مع الجامعات الأوكرانية بخصوص ملفات الطلاب المصريين، وأعلنت أن الطلاب الذين سجلوا فى الجامعات الخاصة المصرية تم أخذ تعهد عليهم وعلى أولياء أمورهم بتسليم ملفاتهم بعد قبولهم بفترة زمنية لا تتجاوز ٣ أشهر، تبدأ من تاريخ الالتحاق بالجامعة، وسيتم إلغاء القيد بعد تلك المهلة، والسؤال هنا: ماذا سيحدث إذا لم يستطع الطلاب الحصول على ملفاتهم من الجامعات الأوكرانية؟
المفاجأة كما أعلنها الطالب مصطفى إسماعيل لـ«الفجر» تتمثل فى أن كل تلك الإجراءات والمشكلات أمام الطلاب العائدين من أوكرانيا وجد بعضهم لها حلًا باستكمال الدراسة بالجامعات الأوكرانية «أون لاين»، ولا أحد يعلم هلى سيتمون دراستهم أم ستسوء الأوضاع فى أوكرانيا بحيث تغلق الدراسة «أون لاين» كما تم إغلاقها على الأرض. ويشير مصطفى إلى أن الدراسة فى أرمينيا أو جورجيا أو المجر حال ساءت الأوضاع متاحة، وتكاليف الدراسة هناك ربما تكون أقل من الجامعات الأوكرانية.