رامي رشدي يكتب: ١٢ عامًا على رأس الأزهر الشريف
استقال من لجنة سياسات الحزب الوطنى ودعم ثورتى «يناير ويونيو»
أسس هيئات وكيانات جديدة.. وأعاد إحياء هيئة كبار العلماء.. والحوار مع الفاتيكان
١٢عامًا شيخا للأزهر، وتحديدًا منذ ١٩ مارس ٢٠١٠ عندما تم اختيار الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخًا للأزهر الشريف، بعد وفاة الإمام الراحل الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوى فى السعودية، وتم دفنه فى البقيع الطاهر بالمدينة المنورة، فى العاشر من شهر مارس فى نفس العام.
بمناسبة مرور ١٢ عامًا على تولى فضيلة الإمام الأكبر مشيخة الأزهر الشريف، أصدرت جريدة صوت الأزهر ملفًا تذكاريًا استعرض الحصاد الفكرى لأبرز الإنجازات التى أحدثها الأزهر الشريف فى ملف تجديد الفكر الإسلامى وتوثيقه وضمه للمقررات الدراسية والبيانات العامة، بالإضافة إلى الحلقات التليفزيونية لفضيلة الإمام الأكبر.
وأكد الكاتب والصحفى أحمد الصاوى، رئيس تحرير جريدة «صوت الأزهر»، أن هذا المنهج الأزهرى يترابط متجاوزًا الخطاب الإعلامى ليترسخ فى المقررات الدراسية التى يدرسها طلاب الأزهر الشريف بجميع المراحل الدراسية، ونشرت الجريدة قائمة مختصرة بعدد من القضايا المهمة والحاكمة، حول شكل الدولة والمواطنة، غير الإشكاليات الداعمة للتطرف، كمسائل الهجرة والخلافة والحاكمية، ودار الإسلام ودار الكفر، وتوضيح الفهم الأزهرى الصحيح لهذه المسائل، إلى جانب القضايا الاجتماعية، وما يخص المرأة والسياحة والآثار والثأر.
كما تطرق الملف لرؤية فضيلة الإمام من مسألة التراث، والتأكيد على اتخاذه مسارًا وسطًا بين أنصار التشبث الكامل به، ودعاة تركه وإهماله، إلى جانب عرض رؤية الإمام حول التيار الإصلاحى الجدير بحمل أمانة التجديد، ومواصفاته وتكوينه.
كما نشرت الجريدة نص بيان الأزهر للتجديد فى الفكر الإسلامى، إلى جانب نص وثيقة الأزهر لحماية الدماء والأعراض والأموال، ودروسًا من المقررات الأزهرية المقررة على طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية.
١٢عامًا كاملة قضاها الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخًا للأزهر، حتى الآن، شهدت تحولات كبيرة فى تاريخ مصر، من ٢٠١٠ حتى اليوم، كان للأزهر فيها صفحات مشرفة كتبت بأحرف من نور، كانت شاهدة على الأجيال الحالية، والقادمة، بداية من عصر الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك فى ٢٠١٠، والذى أصدر القرار رقم ٦٢ لعام ٢٠١٠، بتعيين فضيلة الدكتور أحمد محمد الطيب شيخًا للأزهر الشريف خلَفًا للإمام الراحل الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوى، ليكون الإمام الأكبر رقم ٥٠ فى تاريخ الأزهر.
كان وقتها أحمد الطيب عضوًا فى لجنة السياسات التابعة للحزب الوطنى، وفى الحادى عشر من شهر أبريل عام ٢٠١٠، قبل الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك، استقالة د. أحمد الطيب، من عضوية المكتب السياسى للحزب الوطنى.
وكان د. الطيب قد أرسل خطابًا إلى الرئيس مبارك أوضح فيه سبب استقالته التى تأتى على ضوء توليه منصب شيخ الأزهر الشريف، وحتى لا تتعارض هذه العضوية مع دعوة الحزب الوطنى للفصل بين الدين والسياسة، وبين المؤسسات الدينية.
وفقا لكلام «الطيب» فقد كان داعمًا لثورة يناير ٢٠١١ ومطالبها المشروعة، فالأزهر هو أول من دعا إلى الحوار، وأن يكون الأزهر طرفًا فى هذا الحوار، وهو أول من أطلق وصف الشهداء على ضحايا التحرير، وأول من تصدى لمحاولات اختطاف الثورة.
ودعا الرئيس عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع فى ذلك الوقت، الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، لعقد اجتماع فى الثالث من يوليو ٢٠١٣، مع عدد من الشخصيات، بحضور البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وممثلين عن حزب النور، وحركة تمرد، لإعلان بيان عزل الرئيس الإخوانى الأسبق محمد مرسى، والذى تم بمباركة الأزهر الشريف حقنًا للدماء، وإنهاء لهيمنة الجماعة التى لم تعبأ بدماء المصريين.
وأصدر الإمام الأكبر بيانًا عقب إلقاء السيسى بيان ٣ يوليو، وضح فيه ٤ أسس بنى عليها موقف الأزهر من ثورة ٣٠ يونيو، وكانت بمثابة السند الشرعى للمؤسسات الوطنية للخروج على حكم الإخوان الفاشى، الأساس الأول: أن قرار الدعم للثورة كان منعًا لصدام المصريين بسبب تصارع القوى السياسية وتعنت جماعة الإخوان، الأساس الثانى: الوقوف حائلًا ضد أى محاولة طائفية لمنع سيلان الدم المصرى.
واعتمد الشيخ أحمد الطيب فى الأساس الثالث ببيان ثورة ٣٠ يونيو على قانون الشرع الإسلامى الذى يقضى بأن ارتكاب أخف الضررين واجب شرعى، والأساس الرابع: دعم قرار إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يحتكم فيها الشعب إلى صندوق انتخاب يضمن نزاهته كل من القضاء والجيش والشرطة.
وأكد الإمام الأكبر أن مصر أغلى من أن تُسفك فيها دماء أبنائها تحت أى شعار، وأن موقف الأزهر هو الانحياز لشعب مصر الأصيل، والحفاظ على وحدة المصريين وحُرمة الدم المصرى، لافتًا إلى أن ذلك هو منهج الأزهر وتاريخه دائمًا، ومصر تستحق من الجميع موقفًا وطنيًا صادقًا.
فى إطار تجديد الخطاب الدينى، عكف الإمام الأكبر، على رئاسة العديد من مؤتمرات الأزهر فى الداخل والخارج، والتى حملت عناوين مختلفة دارت حول قضية التجديد، وذلك من أجل حث كافة المجتمعات العربية والإسلامية على نبذ العنف والتطرف، مع التأكيد على براءة الأديان السماوية من العمليات الإرهابية، وكشف زيف وتضليل الجماعات المتطرفة وتفنيد مفاهيمهم المغلوطة، إضافة إلى تطوير المناهج الدراسية، وتنقيتها حتى تواكب العصر وتحارب الأفكار المتطرفة والهدامة.
وهو ما أكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى على أهمية الدور الكبير الذى يقوم به الأزهر الشريف فى موضوع تجديد الخطاب الدينى، فى المنتدى العالمى الرابع الذى عقد فى شرم الشيخ مطلع يناير العام الحالى.
أعاد الإمام الأكبر إحياء هيئة كبار العلماء فى ١٧ يوليو ٢٠١٢، وشهدت نشاطًا مكثفًا فى عهد الإمام الأكبر باعتبارها أعلى مرجعية دينية تابعة للأزهر، وقد حسمت الهيئة الجدل فى بعض القضايا الفقهية المثارة، ونددت بعمليات الإرهاب التى تمت خلال الفترة الماضية.
كما قام بإنشاء «بيت الزكاة» فى ٩ سبتمبر ٢٠١٤، بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية والإنسانية لرعاية الفقراء والمساكين والمحتاجين، عن طريق إعادة توزيع جزء من ثروات الأغنياء على الطبقات الفقيرة.
وبادر «الطيب» بطرح فكرة إنشاء هيئة وطنية أهلية مستقلة باسم «بيت العائلة المصرية» يجمع الأزهر والكنيسة معًا، حيث قام بخطوات جادة فى دعم فكر التعايش والتعاون بين أبناء الشعب المصرى.
كما افتتح الطيب «مرصد الأزهر باللغات الأجنبية» فى الثالث من شهر يونيو ٢٠١٥ ليكون أحد أهم الدعائم للأزهر، وقد وصفه فضيلته بأنه «عين الأزهر الناظرة على العالم»، لا سيما وأنه يعمل بثمانى لغات أجنبية حية، ويتابع ما يحدث فى العالم من مستجدات وقضايا يعمل على رصدها ومتابعتها وتحليلها أولًا بأول والرد عليها بموضوعية لنشر الفهم الصحيح لتعاليم الإسلام ومجابهة الفكر المنحرف والمتطرف وتفكيكه لتحصين الشباب من مختلف الأعمار من الوقوع فريسة فى براثنه.
وأنشأ الإمام الطيب مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية عام ٢٠١٦، ويعمل على التيسير على المستفتين من خلال التعددية المذهبية التى يمتاز بها الأزهر
كما نجح الطيب فى عودة الحوار بين الأزهر والفاتيكان، وذلك بالقيام بزيارة تاريخية هى الأولى من نوعها للفاتيكان ولقاء الحبر الأعظم، واستجابة لدعوة شيخ الأزهر، زار بابا الفاتيكان القاهرة وجمعه لقاء موسع مع الدكتور أحمد الطيب، وذلك فى مؤتمر الأزهر للسلام.