عبدالحفيظ سعد يكتب: القنبلة الروسية النووية والقهوجي
منذ أيام قليلة كانت الحرب بين أوكرانيا وروسيا على الأبواب، تهديدات من موسكو تجاه كييف فى حالة الإقدام على الانضمام لحلف الناتو بأنها لن تسمح بذلك.
تحشد روسيا قواتها ويتحرك حلفاء أوكرانيا سواء أمريكا أو أوروبا لمحاولة عدم رضوخ كييف لضغوط موسكو. بينما العالم يقف على أنامل أصابعه يترقب ويخشى الحرب التى يمكن أن تتحول إلى حرب عالمية ثالثة، سيضيع فيها الأخضر واليابس، روسيا البوتينية عنيدة وأمريكا لن تقبل أو تسمح أن تفرض روسيا كلمتها على حدودها (حلفائها الأوروبيين) وتفقد هيبتها وهيمنتها على العالم وأنها صاحبة الأمر الأول فيه.
العالم كله يعيش حالة من التوهان بعد أن تحول إلى قرية صغيرة بالفعل، فجنوح سفينة فى قناة السويس، يصيب الأسواق بربكة فى أوروبا وأقصى الشرق فى الصين..
فما بالنا بتهديد بحرب عالمية؟.. أسئلة مفتوحة عن المصير وماذا سيحدث، ويتساءل الخبراء هنا وهناك ماذا لو تطورت الحرب وخرجت عن السيطرة من مجرد مواجهة محدودة بين أوكرانيا وروسيا، إلى حرب كبرى بين الدول العظمى صاحبة الجيوش الجرارة والأسلحة الفتاكة؟
فى مصر كان الحديث أن الحرب سوف تؤثر علينا، لأننا ببساطة نشترى جزءا كبيرا من القمح الذى نستهلكه (نستورده) من روسيا وأوكرانيا. ويمكن أن تتأثر عوائد السياحة الروسية والأوكرانية القادمة لسواحل البحر الأحمر، يضاف لذلك ارتفاع فى أسعار الوقود أن كنتيجة منطقية لأن روسيا من أكثر دول المصدرة للطاقة سواء غاز أو بترول فى العالم.
لكن مع كل هذه الأسئلة والحيرة من المصير نتيجة الحرب، فوجئت أثناء حديثنا مع مجموعة أصدقاء فى ليلة الليلة الكبيرة لمولد السيدة زينب، بسؤال طرحه علينا القهوجى: لو ضربت روسيا أسلحة نووية فى الحرب هل ستوثر علينا يا أساتذة؟ وهل صحيح الأوكرانيات سوف يلجأون إلينا؟
كل التوقعات السابقة تحققت بالفعل.. ارتفع أسعار القمح والبترول، وبدأت موجة كبيرة من ارتفاع غالبية السلع والمنتجات فى الأسواق، ليس الخبز أو البنزين وحدهما بل كل السلع.
ولكن ظل السؤال الوحيد الذى طرحه علينا القهوجى بخصوص الأوكرانيات وإمكانية أن الحرب تتحول لنووية، السؤالان الوحيدان اللذان لم يتحققا منهما أى شيء، فالأوكرانيات والشعب الأوكرانى وجد لنفسه حضنا للجوء فى جيرانه الأوروبيين، ولن يضطر للجوء إلينا أو لغيرنا.
بينما روسيا للآن، لم تفكر فى تطوير الهجوم والتلويح بالخيار النووى بعد أن أصبحت غارقة فى وحل الحرب التقليدية ولم تتمكن من حسم الحرب ضد أوكرانيا بعد مرور شهر عليها، بالإضافة لتأثير العقوبات التى فرضت عليها، وجعلت اقتصادها فى انهيار، وربما تسعى لتلملم موقفها بالعمل على تهدئة تحفظ لها ماء وجهها، وهو ما يستبعد أن تلجأ للخيار النووى والذى لن يقبله منها الحلفاء قبل الأعداء، فالحرب التقليدية المحدودة قصمت ظهر العالم فى موجة غلاء وارتفاع أسعار وركود اقتصادى، فما بالنا بحرب نووية.
التقيت مرة ثانية بالقهوجى فى السيدة زينب، لكن هذه المرة كانت موجة ارتفاع الأسعار ضربت الجميع، فوجدنه يتساءل هذه المرة: «هما ضربوا نووى فى روسيا»؟.. قلنا له «لا»، فرد: «طب لينا أثر علينا، طب ليه مضربوش نووى».
وبعيدا عن التفسيرات المختلفة عن أن أسباب ارتفاع الأسعار بشكل كبير والذى زاد عليه قفزة سعر الدولار، وإن ما حدث نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، أو أنه يتعلق بطبيعة الأداء الاقتصادى وانخفاض قيمة الجنيه. يمكن أن نتساءل لماذا قل خوف صديقنا القهوجى من ضرب القنبلة النووية بعد أن ضربت نار الأسعار حياته؟ فالقنبلة الحقيقية التى نخشى منها هى زيادة معاناة هؤلاء، بعيدا عن تحليلات الخبراء الاستراتيجيين، وكبار الاقتصاديين.