مصطفى عمار يكتب: «الأعلى للإعلام» وضوابط مسلسلات رمضان
حالة جدل كبيرة صاحبها إصدار المجلس الأعلى للإعلام بيانه الصحفى قبل بداية عرض مسلسلات الموسم الرمضانى، والذى يذكر فيه صناع هذه الأعمال والقنوات المصرية الفضائية العارضة لها بالكود الإعلامى الصادر عن المجلس قبل عامين.
وربما تكون حالة الجدل التى صاحبت إصدار البيان تعود لرفض بعض المبدعين فكرة وجود «كود» من الأساس يملى عليهم ما يقدمونه فى أعمالهم.. معتقدين أن هذا الكود يعتبر تقييدًا لحرية الفن والإبداع.. وفى حقيقة الأمر أن حرية الإبداع التى يتحدث عنها البعض هنا.. هى حق يراد به باطل.. أى حرية وأى إبداع فى تصدير نماذج سلبية تسئ لمجتمعنا المصرى ويتم تصديرها للعرض على باقى الفضائيات العربية والمنصات العربية؟.. هل نحن أمام فيلم سينمائى أم مسلسل اجتماعى مصنوع للعرض على قنوات فضائية غير مشفرة تشاهده الأسرة المصرية بالكامل؟! وما هو «الكود» الأخلاقى.. الصادر عن المجلس الأعلى للإعلام الذى يرى فيه البعض تقييدًا للحريات والإبداع؟.. فإذا نظرنا للضوابط التى حددها الأعلى للإعلام سنجدها ضوابط تضيف لأى عمل فنى ولا تنتقص منه.. فما طالب به المجلس واضح ومحدد فى بضع نقاط نشرت كما ذكرت من عامين بالجريدة الرسمية للدولة بعد اعتمادها
والتى تتلخص فى الأتى.. (١) الالتزام بالكود الأخلاقى، والمعايير المهنية والآداب العام.. (٢) احترام عقل المشاهد والحرص على قيم وأخلاقيات المجتمع وتقديم أعمال تحتوى على المتعة والمعرفة وتشيع البهجة وترتقى بالذوق العام وتظهر مواطن الجمال فى المجتمع (٣) التزام الشاشات بالمعايير المهنية والأخلاقية فيما يعرض عليها من أعمال سواء مسلسلات أو إعلانات (٤) عدم اللجوء إلى الألفاظ البذيئة وفاحش القول والحوارات المتدنية والسوقية التى تشوه الميراث الأخلاقى والقيمى والسلوكى بدعوى أن هذا هو الواقع (٥) البعد عن إقحام الأعمال الدرامية بالشتائم والسباب والمشاهد الفجة والتى تخرج عن سياسة البناء الدرامى، وتسىء للواقع المصرى والمصريين، خاصة أن الدراما المصرية يشاهدها العالم العربى والعالم كله.
هل يوجد فى هذه الضوابط ما يسىء لحرية الفن والإبداع أم أنها ضوابط ضرورية فى وقت تحولت فيه الدراما لسلاح لضرب المجتمع وتشويه صورته؟.. وأطرح السؤال نفسه الذى أطرحه كل عام: هل هناك دولة عربية واحدة فى المنطقة كلها تنتج دراما خاصة بها وتعبر عن واقعها ومجتمعها تسىء لهما؟.. بالعكس تمامًا ستجد أن كل ما يتم عرضه ويصدر لنا أن هذه البلاد تعيش فى نعيم وتقدم وحضارة ورقى وأخلاق.. هل هذا هو واقع هذه الدول؟.. بالتأكيد لا، ولكنهم يعلمون جيدًا قوة تأثير الدراما ومدى خطورتها فوضعوا المعايير والاشتراطات اللازمة لتنفيذ أى عمل يضمن لهم أن تبقى صور دولهم فى أفضل وأعظم صورة ممكن أن يشاهدها أى متلقى.. ولكن الدراما العنيفة والفاسدة والتى تناقش الممنوع عندهم يقومون بشرائها من الخارج.. وبالطبع لن يوجد سوى المجتمع المصرى وأبطاله وحكاياته وممثليه ليحقق رغبتهم، لأننا نصرخ إذا ما طالب أحد بوضع معايير أخلاقية لما نقدمه من دراما بأنه يريد ذبح حرية الفن والإبداع..
أنا هنا أتحدث عن الدراما المصنوعة للعرض الفضائى العام.. لا أتحدث عن مسلسلات المنصات المدفوعة ولا عن السينما.. فى النهاية هذان النموذجان يصلح معهما تقديم أى نوع من أنواع الفن والشخصيات دون الالتزام بأى شىء لأنهم لا يجبرون أحدًا على مشاهدة ما يصنعون بل يتم الذهاب إليهم بشكل اختيارى.. لكن ما يعرض على القنوات الفضائية ويخص صورة مجتمع ودولة أعتقد أننا يجب أن نحترم ما صاغه المجلس الأعلى للإعلام فى نقاطه الواضحة حتى لا تكون الدراما الثغرة التى يحقق أعداؤنا منها طموحهم.