البحث عن “جنة” فى قعر “البحر”
٧٤ قرية فى مصر مصدرة لـ«الهجرة غير الشرعية».. المتسللون أصحاب حرف بينها النجارة والحدادة.. وليبيا قبلتهم الأولى
أصدر المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بحثا شاملا عن ظاهرة التسلل عبر الحدود والهجرة غير الشرعية خاصة على الحدود المصرية الليبية، يهدف الوصول إلى فهم وتوضيح أفضل لمشكلة تسلل الشباب المصرى الذى يريد الهجرة بطريقة غير شرعية عن طريق الذهاب إلى ليبيا عبر منفذ السلوم وكشف جوانب هذه العملية وأبعادها والعوامل المسببة لها والوقوف على المحافظات الأكثر تصديرا لهؤلاء الشباب وكذلك التعرف على رؤى لكيفية معالجة المشكلة أو الحد من زيادتها ودور الأجهزة الحكومية المعنية بهذه المشكلة.
ينتمى البحث إلى الدراسات الاستكشافية التى تجمع بين الأسلوبين الكمى والكيفى ويعتمد على أكثر من أداة بحثية وفى هذا الإطار استخدم البحث استمارة استبيان واختبارات نفسية منها مقياس الاتجاهات نحو التسلل ومقياس ضغوط الحياة بالإضافة إلى استخدام الأسلوب الكيفى من خلال المقابلات المتعمقة والمجموعات النقاشية.
بلغ حجم العينة ١١١ متسللا تم ضبطهم أثناء محاولتهم تسلل الحدود ومغادرة البلاد إلى الأراضى الليبية وتتراوح أعمارهم بين ١٦ - ٤٤ عاما وينتمون إلى ١٣ محافظة توزعت ما بين ٧ محافظات وجه قبلى هى الجيزة والفيوم وبنى سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا و٥ محافظات وجه بحرى هى الدقهلية والشرقية والمنوفية وكفر الشيخ والبحيرة ومحافظة حضرية وهى القاهرة.
أهم النتائج التى توصل إليها البحث كانت تركز المتسللين بريف هذه المحافظات فى ٢٠ قرية بالوجه البحرى و٥٤ قرية بالوجه القبلى بالإضافة إلى حى السلام بمحافظة القاهرة، ولم يقتصر التسلل عبر الحدود الليبية على الشباب فقط بل بات وسيلة حتى للقصر بحثا عن فرص أفضل للحياة بالإضافة إلى بعض كبار السن.
أكد البحث أن المحافظات المصدرة المتسللين تعد الأعلى من حيث نسبة الفقر بها، إضافة إلى أن معظم المتسللين يقعون فى الشرائح التعليمية المتوسطة والأقل منها كما أن أغلبهم ينتمون إلى الشرائح الاجتماعية الاقتصادية الدنيا وتمتلك نسبة عالية من المتسللين حرفة أو صنعة خصوصا السباكة والنجارة والحدادة وأعمال البناء.
ورصد البحث أن العوامل الاقتصادية والاجتماعية والنفسية من أهم العوامل التى تدفع إلى التسلل عبر الحدود الغربية فى ظل غياب أو ندرة فرص العمل المتاحة أمام الشباب وتردى الأوضاع المعيشية لشريحة كبيرة من السكان وخصوصا فى المناطق الريفية بالإضافة إلى الجهل بالمشروعات التنموية وفرص العمل المتاحة داخل حدود البلاد إلى جانب قلة الوعى بالقوانين التى تجرم الهجرة غير الشرعية والمستندات الرسمية المطلوبة للسفر خارج البلاد.
أوصى البحث بضرورة الاهتمام الخاص بالمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر فى كل المجالات، وتهيئة المناخ لتشجيعها وتحفيز المواطنين على الدخول إلى سوق العمل من خلال هذه المشروعات والعمل على تنظيم القطاع غير الرسمى وتأهيله.
إلى جانب تشجيع مسارات الهجرة غير الشرعية من خلال وضع سياسة شاملة لهجرة المصريين للخارج فى ضوء أهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية والمصالح القومية والتنسيق مع الدول الأخرى للتعرف على الفرص المتاحة لديها، والبحث عن آليات لتشجيع المواطنين على الإبلاغ عن العصابات الإجرامية الضالعة فى تهريب البشر والتوسع فى عمل خطوط ساخنة متخصصة فى تلقى البلاغات المتعلقة بحالات التسلل والهجرة غير الشرعية وكفالة وحماية المبلغين عن هذه الجرائم بضمان عدم الكشف هويتهم.
وأشار البحث إلى ضرورة اطلاع المواطنين على الجهود التى تبذل لمكافحة الفساد حتى ينعكس ذلك إيجابا على عودة الثقة فى المؤسسات العامة وبث روح الأمل وتضافر الجهود المؤسسية بين الجهات المعنية كل فى نطاق اختصاصه للقضاء على هذه المشكلة، ورفع الوعى بمخاطر التسلل والهجرة غير الشرعية من خلال برامج وحملات قومية تشارك فيها كل الجهات المعنية بما فيها وسائل الإعلام المختلفة للتوعية بمخاطر التسلل عبر الحدود والهجرة غير الشرعية وتصحيح المعلومات الخاطئة وتعريف الشباب بفرص العمل المتاحة بالداخل.